واشنطن تفعّل الورقة الاقتصادية: تضييق على بنوك صنعاء

واشنطن تصعّد حربها الاقتصادية على صنعاء عبر أدوات محلية في عدن، مستخدمة العقوبات وشركات وسيطة لضرب السيادة المالية اليمنية.

 واصلت الحكومة الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي في عدن، ابتزاز القطاع الخاص في صنعاء، مهدّدة المزيد من الكيانات الاقتصادية في العاصمة بسيف العقوبات الأميركية، وذلك مع توجّه الولايات المتحدة نحو تفعيل الورقة الاقتصادية ضد «أنصار الله».

ورغم فشل وزارة الخزانة الأميركية في تنفيذ قرارها القاضي بوقف دخول كافة السفن التي تحمل منتجات بترولية إلى موانئ الحديدة منذ نحو شهرين، لكنها اتجهت مؤخّراً إلى رفع مستوى التنسيق مع حكومة سالم بن بريك بهدف فرض قيود جديدة على الحركة المالية بين البنوك والمصارف الواقعة في صنعاء ودول العالم.

وأقرّ بذلك بوضوح محافظُ بنك عدن المركزي، أحمد غالب المعبقي، في ندوة أقامها «مركز صنعاء» المدعوم من واشنطن قبل أيام، حين أشار إلى أنّ وزارة الخزانة الأميركية قدّمت للسلطات الموالية للتحالف قوائم تضمّ أسماء شركات أجنبية متخصّصة في مجال التدقيق المالي، لفرضها كشركات وسيطة بين البنوك في صنعاء ونظيراتها في عدن. وقال إنّ الشركة التي سيتم اختيارها ستقوم بتقييم المخاطر المالية وتسهيل تدفّق التحويلات المالية بين المدينتين.

وشبّه مراقبون الوضع المنتظر، في حال اعتماد هذا النموذج، بالحركة المالية التي تجري بين بنوك غزة والضفة الغربية في فلسطين، وهو ما عدّوه انتهاكاً أميركياً جديداً سيطال السيادة الوطنية، مشيرين إلى أنّ إحدى الشركات التي يحاول الجانب الأميركي فرضها كشركة وسيطة تدعى «كي 2 »، وهي أميركية – إسرائيلية.

وقال مصدر اقتصادي في صنعاء، بدوره، لـ«الأخبار»، إنّ «محاولات واشنطن فرض شركة وسيطة لمراقبة الحركة المالية الداخلية بين البنوك ليست جديدة، وسبق للوكالة الأميركية للتنمية الدولية، العام الماضي، أن حاولت فرض شبكة موحّدة تخضع لإشراف الخزانة الأميركية، قبل صدور التصنيف الأميركي لحركة أنصار الله كمنظمة إرهابية أجنبية». وأشار إلى أنّ «المحاولة الأخيرة لن يُكتب لها النجاح، وقد تدفع صنعاء إلى مواجهة أي عقوبات بعقوبات مماثلة وفرضها في نطاق عملياتها العسكرية في البحر الأحمر».

محاولة لفرض شركة أميركية – إسرائيلية كوسيط بين بنوك صنعاء وعدن

ومنذ توقّف العمليات العسكرية بين صنعاء وواشنطن في الرابع من أيار الماضي، ضاعفت الحكومة الموالية للتحالف تهديدها للبنوك التجارية في صنعاء، مطالبة إياها بالإسراع في نقل عملياتها المصرفية إلى عدن، مقدّمة نفسها كوسيط بين تلك البنوك وبين الخزانة الأميركية.

وبعد أن فشلت في إجبار عدد منها على نقل عملياتها إلى عدن التي تعاني انفلاتاً أمنيّاً، خاصة أنها تقع تحت سيطرة الفصائل المسلحة التابعة لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات، اتّخذت تلك الحكومة من الاستقواء بقرار التصنيف الأميركي وسيلة لتصعيد حربها الاقتصادية ضد حكومة «أنصار الله»، إذ عمدت إلى استنساخ تجربة «جمعية البنوك اليمنية»، وهي جمعية معنيّة بحماية البنوك وحقوق مودعيها مقرّها صنعاء.

وجاءت هذه الخطوة بعد رفض الجمعية دعوات نقل البنوك، وإعلانها البقاء إلى جانب مصالح أعضائها، ودعوتها كافة الأطراف إلى عدم إقحام المصارف التجارية اليمنية في أتون الصراع السياسي.

إلا أنّ قيادة البنك المركزي في عدن أعلنت بشكل مفاجئ، الشهر الماضي، نقل الجمعية من صنعاء إلى عدن، وتغيير قيادتها وأعضائها، وهو ما عدّه مراقبون اقتصاديون انقلاباً مكشوفاً من قبل كيان لا اختصاص له. وفي هذا الإطار، أوضحت المصادر أنّ «بنك عدن عمل على الترتيب مع بنوك جديدة منحها تراخيص عمل خلال العامين الماضيين، لكي يعلن نقل الجمعية من صنعاء».

إلا أنّ الجمعية أكّدت أنّ ما حدث في مدينة عدن «غير قانوني»، وقالت في بيان إنّ «ما قام به البنك المركزي في عدن هو عمل يخرج عن نطاق سلطته ويخلّ بكل القوانين واللوائح التي تحكم نشاطه وتحدّد نطاق سلطاته وصلاحياته»، مؤكّدة أنّ «مثل ذلك الإجراء يُعتبر تدخّلاً سافراً في شؤون إحدى منظمات المجتمع المدني الخاصة بمؤسسات القطاع المصرفي التي تمارس النشاط المالي والتجاري، ولا تربطها أي صلة بالجهاز الإداري الحكومي». ولفت البيان إلى أنّ «من حق البنوك إقامة جمعية تعمل بمهنية واستقلالية لرعاية مصالح البنوك الأعضاء وحقوقها».

وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد أعلنت، خلال النصف الأول من العام الجاري، فرض عقوبات على بنكَين تجاريين في صنعاء، وعدد من الشركات العاملة في الصرافة وشركات أخرى عاملة في مجال الاستيراد والتصدير، بذريعة تقديمها خدمات لحركة «أنصار الله».

رشيد الحداد الجمعة 4 تموز 2025

قد يعجبك ايضا