ضم الاحتلال لغور الاردن وتحذيرات من نسف اتفاق التسوية

 

تواصل السلطات الاردنية التحذير من خطورة مخطط الضم الذي ينوي الكيان الاسرائيلي اطلاقه لابتلاع اراض فلسطينية جديدة من ضمنها منطقة الأغوار وشمال البحر الميت. وفي وقت حذر فيه الملك الأردني عبد الله الثاني، من “صدام كبير” إذا ما ضمّ الاحتلال أجزاء من الضفة الغربية، أنذرت وسائل إعلام إسرائيلية بأن عملية الضم من شأنها خلق أزمة مع الاردن.

 

منذ إعلان الاحتلال الإسرائيلي نيته سرقة المزيد من الأراضي الفلسطينية من ضمنها منطقة الأغوار وشمال البحر الميت وضمها لسيادته، ولم تتوقف السلطات الاردنية من إطلاق تحذيرات بشأن هذه الخطوة “الكارثية” التي تؤكد أنها ستنسف الحلول السياسية للقضية الفلسطينية واتفاق التسوية الموقع بين الاردن والكيان الاسرائيلي في العام 1994.

وفي رسالة شديدة اللهجة وجهها الى السلطات الاسرائيلية، حذر الملك الاردني عبد الله الثاني، من “صدام كبير” ومزيد من الفوضى والتطرف في المنطقة إذا ما أقدمت “إسرائيل” على ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة.

وقال الملك الأردني في مقابلة مع صحيفة “ديرشبيغل” الألمانية ونشرها تلفزيون المملكة: لا أريد أن أطلق التهديدات أو أن أهيئ جواً للخلاف والمشاحنات، ولكننا ندرس جميع الخيارات. ونحن نتفق مع بلدان كثيرة في أوروبا والمجتمع الدولي على أن قانون القوة لا يجب أن يطبّق في الشرق الأوسط.

وأكد ملك الأردن أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد الذي سيمكننا من المضي قدما، متسائلا: هل التوقيت مناسب فعلاً لمناقشة ما إذا أردنا حل الدولة الواحدة أو حل الدولتين لفلسطين و”إسرائيل”، ونحن في خضم المعركة ضد جائحة كورونا؟ أم هل ينبغي علينا أن نناقش كيف بإمكاننا مكافحة هذا الوباء؟

ورفض الملك عبد الله الثاني الحديث عن أي خيارات قد يتخذها الاردن ملمحا الى الموقف الاوروبي الرافض للضم ايضا، ما اثار تكهنات الى ان الاردن سيكتفي ربما تصعيد دبلوماسي لا أكثر.

وفي هذا السياق، علق رئيس الوزراء الاردني عمر الرزاز، على تصريحات الملك عبدالله الثاني وقال عبر “تويتر”: موقف ملكي ثابت لا يتزحزح تجاه القضية الفلسطينية وعدالتها، ورفض أي إجراءات أحادية على الأرض. وتابع: نقف صفاً واحداً، حكومة وشعباً، خلف قيادتنا الهاشمية الحكيمة، التي لم تحِدْ يوماً عن الحق، ولم تساوم على المبادئ الراسخة، حسب تعبيره.

وسبق أن حذر الأردن، وعلى لسان وزير خارجيته أيمن الصفدي، من خطورة المخطط الاسرائيلي لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، مؤكدا أنه سيكون خطوة كارثية ستقتل فرص تحقيق التسوية بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وخلال اتصال هاتفي مع وزيرة الشؤون الخارجية الإسبانية أرانكا غونزاليس بشأن تطورات القضية الفلسطينية، قال الصفدي، إن “أي قرار إسرائيلي بضم المستوطنات وغور الأردن وشمال البحر الميت سيكون خطوة كارثية ستقتل فرص تحقيق السلام العادل، وستدفع المنطقة نحو المزيد من الصراع، وستجعل خيار الدولة الواحدة حتميا”.

ووعد نتنياهو بتطبيق السيادة الإسرائيلية على غور الأردن، المنطقة الإستراتيجية التي تشكل ثلاثين بالمائة من مساحة الضفة الغربية. ويشير خبراء إلى أن هذه الخطوة قد تدفع الأردن إلى التراجع عن اتفاقية التسوية التي وقعها مع الكيان الاسرائيلي في حال أقدمت على ضم غور الأردن الذي يتشارك مع فلسطين المحتلة الحدود.

بدوره اعتبر مجلس محافظ العاصمة الأردنية في بيان له، اليوم السبت، أن قيام “إسرائيل” بضم أجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن “سينسف اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية، ويعيد الأوضاع في المنطقة إلى مربع العنف والصدام”.

وأشار المجلس في بيانه إلى تصريحات الملك الأردني عبدالله الثاني إلى صحيفة “دير شبيغل” الألمانية، معتبراً أنها دعوة صريحة للعالم أجمع بتحمل مسؤولياته السياسية والأخلاقية تجاه القضية الفلسطينية وحل الدولتين.

ونوه المجلس في بيانه إلى أنه بدون هذه المسؤوليات الأخلاقية والسياسية ستعود المنطقة بأسرها إلى مربع العنف والصراع الذي “لا تحمد عقباه”.

ودعا المجلس العالم للاستماع إلى صوت العقل والحكمة في كافة المحافل الدولية، مُحمّلاً السلطات الإسرائيلية المسؤولية الكاملة تجاه اتفاقية السلام الموقعة بين البلدين، وفتح باب الصراع والعنف والفوضى في المنطقة.

من جهتها، أكدت قناة 13 الاسرائيلية أن عملية ضم مناطق في الضفة الغربية من شأنها أن تخلق أزمة مع الأردن، لأن فرض السيادة الإسرائيلية هناك تعني بالنسبة إليهم، وفق القناة، “شطب خيار الدولة الفلسطينية في مناطق يهودا والسامرة، ورفع الخيار البديل للدولة الفلسطينية في المملكة الأردنية، حيث يوجد هناك غالبية فلسطينية من السكان”.

وفي السياق، قالت مصادر فلسطينية في رام الله للقناة 13، إن كلام الملك الأردني ليس موجهاً فقط للكيان الاسرائيلي وإنما أيضاً إلى الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي ودول عربية.

وحذرت المصادر الفلسطينية من أن خطة الضم ستحدث كارثة بالمنطقة وستشكل أرضية خصبة للتطرف، مؤكدةً أن “رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن يجري محادثات مع زعماء المنطقة ويعد خطة استراتيجية لمحاربة الضم الخطير”.

وفي السياق، أكد الناطق باسم رئاسة السلطة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، أن التنسيق الفلسطيني الأردني مستمر دائما على أعلى المستويات، منوها إلى أن التعاون بين البلدين قادر على إحباط ضم “إسرائيل” أجزاء من الضفة الغربية المحتلة.

وعبر أبو ردينة عن تقدير رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لموقف الأردن، بعد تصريح الملك عبدالله الثاني الأخير، حول ضم الأراضي الفلسطينية للكيان الاسرائيلي، والذي “سيؤدي إلى صدام كبير مع المملكة الأردنية الهاشمية”.

بدوره رحب امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ، بموقف الملك عبد الله الثاني، في حال ضم الاحتلال الاسرائيلي أجزاء من الضفة الغربية.

وقال عريقات، عبر “توتير” اليوم السبت “الضم يعني امرا واحدا: استحالة تحقيق السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين”.

بدوره، قال الشيخ “إن ‏موقف الملك عبد الله الثاني حول نية اسرائيل ضم أجزاء من الضفة الغربية، هو تعبير حقيقي عن التزام الأردن الثابت تجاه الحقوق الفلسطينية وتجسيد للموقف العربي الأصيل”، على حد تعبيره.

وفي تعليق لها على موقف الاردن، كتبت صحيفة “راي اليوم”، انه بدا واضحا على مدار يومين من مراقبة بوصلة الخارجية الأردنية بأن المملكة تتّجه نحو حملة دبلوماسية تنقل وجهة نظرها في ملف مشروع الضم ومخاطره، حيث أجرى وزير الخارجية أيمن الصفدي اتصالات مكثّفة في هذا السياق مع عدّة أطراف.

واضافت يبدو أن عمّان تراهن على بوصلة أوروبية تتحرّك في الاتجاهات المضادة، وتشكيل رأي عام يؤدي إلى تقليص فرصة الأجندة الزمنية لمشروع الضم على أقل تقدير بدلا من المضي قدما فيه بالأول من شهر يوليو/تموز، معتبرة ان الهدف من التحركات الدبلوماسية على الأرجح هو تأجيل وإرجاء مشروع الضم وعدم تمكين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من تنفيذه في مطلع تموز بسبب ظروف المنطقة ومتطلّبات فيروس كورونا.

وكان الاتحاد الأوروبي، قد أعلن قبل أيام أنه ستكون له ردة فعل إذا ما استمرت إسرائيل فيما وصفه بالضم غير الشرعي لأراض من الضفة الغربية.

وفي أوائل الشهر الجاري، صادق وزير الحرب الاسرائيلي، نفتالي بينيت، على توسيع مساحة مستوطنة “أفرات” الواقعة في المجمع الاستيطاني الضخم (غوش عتصيون) جنوبي مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية، بحوالي 1100 دونم، تمهيدا لبناء قرابة 7000 وحدة سكنية جديدة.

وكان نتنياهو قد عبر عن ثقته في أن واشنطن ستسمح لكيانه بالمضي قدما في خطة لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، حيث حدد موعد الأول من تموز/يوليو لمناقشة بسط سيادة الاحتلال على أجزاء من الضفة الغربية وضم غور الأردن.

قد يعجبك ايضا