سفن إيران إلى فنزويلا: تعبيد الطريق لجغرافيا سياسية جديدة

الحقيقة/نور رضا

تحدت الجمهورية الإسلامية في إيران التهديدات الأمريكية وأرسلت سفن مساعدات إنسانية إلى فنزويلا في مايو 2020. وصلت ناقلة الوقود الايرانية الخامسة والأخيرة “كلافيل” إلى المياه الفنزويلية في الأول من يونيو. وكانت الناقلات الأربع الاولى قد وصلت الموانئ الفنزويلية في وقت سابق من هذا الأسبوع بمرافقة الجيش الفنزويلي وهي “فورتشن” و”فورست” و”بيتونيا” و”فاكسون” لتلبية حاجة فنزويلا من البنزين.

خطوة ايران تأتي لمساعدة صديقتها فنزويلا. على الرغم من امتلاك فنزويلا احتياطيات هائلة من النفط، إلا أن طاقتها التكريرية محدودة، تضاف الى ذلك أزمة الطاقة في البلاد التي تفاقمت اكثر وسط عقوبات أمريكية شاملة. في ضوء هذه الخطوة، هل باتت العقوبات الأمريكية على البلدين بلا قيمة؟ كيف ينظر الشعب الفنزويلي وأمريكا اللاتينية الى إيران؟ كيف يؤثر ذلك على العلاقات بين كراكاس وطهران وعلى الولايات المتحدة والمنطقة والعالم من الناحية السياسية والعملية؟

للاطلاع على هذه الجوانب، أجرى موقع “العهد” الإخباري مقابلة مع رئيس الحركة الدولية للتضامن والتعبير (F.I.P.C.A) – الجبهة الشعبية التأسيسية المناهضة للإمبريالية، القسم العام للوحدة الشعبية الفنزويلية في ولاية لا جويرا، أدريان خوسيه أراك.

المساعدات الإيرانية تهزم الإمبريالية الأمريكية

تعليقا على هذه القضية، قال أدريان خوسيه أراك لـ “العهد”: “إن شعب فنزويلا يوافق بشدة ويؤيد الإجراءات ذات السيادة الذاتية التي تتخذها حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ونرى أن الخطوة الإيرانية أكثر من مجرد مساعدة إنسانية لفنزويلا، فهذه الخطوة تمثل الانفتاح على مجموعة من الإجراءات التي تعزز نضال وتنمية شعوب المنطقة لتحقيق التعددية القطبية والوسطية القائمة على التضامن والإنسانية ودبلوماسية السلام”.

وأشار إلى أن “هذه الخطوة من التضامن التي قامت بها إيران تمثل، بالنسبة لكل من إيران وفنزويلا، عملا حقيقيًا ومفصّلا لدمج شعبين يقاتلان العدو نفسه (الإمبريالية في أمريكا الشمالية)، متمثلا بالنظام الأمريكي المجرم والحقير وبعض الحكومات العميلة التي تدعم التدخلات الأمريكية على مختلف شعوب العالم الذين قرروا العيش بحرية واستقلالية وسيادة”.

وبحسب أراك فإن “هاتين الدولتين تواجهان تحديات كبيرة في خضم جائحة أصبحت بمثابة تنبيه للحفاظ على البشرية في كوكب الأرض. ومع ذلك، نفذت الإمبراطورية الأمريكية آليات غير إنسانية وكثفتها من خلال العقوبات الإجرامية والحصار المفروض على ولاياتنا، وحاصرت وطننا، وأثرت على استقرارنا الاقتصادي والضمان الاجتماعي والاستقرار السياسي، بغض النظر عن التكلفة البشرية التي قد تسببها هذه الآليات”.

لا يمكن للولايات المتحدة أن تهدد بعد الآن

وأوضح أدريان خوسيه أراك أن إيران لم تتحدَّ أحداً، وانما طبقت حق تقرير مصيرها كشعب: “اليوم أجرؤ على القول إن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على تهديد أي شخص! وفي هذه اللحظة التاريخية، أظهرت الإمبريالية أسوأ وجوهها الإجرامية التي تنتهك القانون الدولي، وهي نتاج اليأس بسبب تراجع الرأسمالية المتوحشة. لقد استخدموا عذر العولمة لفرض تفوقهم القمعي بعد تظاهرهم الكاذب بأنهم زعماء العالم”.

متحدون في الإرادة والإرث مثل شافيز وسليماني

ومع ذلك، قال السيد أراك إن هناك تحديات مهمة يجب أن نواجهها معًا، ويجب أن نعمل على زيادة الوعي بين شعوبنا، خاصة لناحية تعزيز الانتماء والهوية الثقافية التاريخية.

يختم أراك بالقول: “إن إرادة شعوبنا هي أعظم قوتنا، يمكن أن تكون أقوى من أي ادعاء إجرامي، نحن مدعومون بإرادة وروحانية الله وإرادة وروحانية أسلافنا والإرث التاريخي لقائدينا هوغو شافيز وقاسم سليماني.”

الانتصار الحقيقي على الإجرام الأمريكي

من جانبها، وصفت محللة الشؤون الدولية في الأرجنتين فاليريا رودريغيز لـ “العهد” ارسال ناقلات الوقود بالانتصار الحقيقي على الموقف الإجرامي للولايات المتحدة واستخدام العقوبات الاقتصادية كأدوات للقوة: “إنه انتصار لأنه ثبت أنه بالإصرار والتعاون والسيادة يمكن المداورة على أي محاولة لفرض دولة خارجية، وهو أمر ينتهكه ترامب بشكل منهجي. لقد تمكنا من رؤية ذلك من خلال انتهاك القانون الدولي في يناير عندما انتهكت سيادة العراق واغتيل القائدان سليماني وأبو مهدي المهندس”.

وبحسب فاليريا رودريغيز، تبين هذه المبادرة أن “العقوبات الاقتصادية لم تعد عقبة أمام العلاقات بين الدول ذات السيادة. أصبح من الواضح أنه بالتضامن والتعاون يمكن التغلب على أي عقبة”.

علاوة على ذلك، قالت السيدة رودريغيز “إن الولايات المتحدة مشغولة جدا بالعديد من المشاكل في الداخل بحيث لا تحاول التدخل في قرار ليس من مسؤوليتها لأن القانون الدولي يدعم العلاقات المتعددة الأطراف كما هو منصوص عليه في الرسالة التأسيسية للأمم المتحدة ووفقا لما تصونه منظمة التجارة العالمية.

فنزويلا إيجابية بشأن إيران

للذين لا يعرفون، إن الصهيونية قوية للغاية في أمريكا اللاتينية ولديهم هيمنة على وسائل الإعلام التي تنشر رهاب إيران. ولكن بفضل وسائل الإعلام البديلة، يمكن لأمريكا اللاتينية أن ترى التأثير الإيجابي للتحرك الإيراني.

كما أشارت المحللة إلى أن “لدى شعب فنزويلا رأيا إيجابيا للغاية بشأن إيران، ويرجع ذلك أساسًا إلى العلاقة التاريخية بين البلدين. دعونا نأخذ في الاعتبار أن العلاقة تعود الى 60 عامًا إلى الوراء وتعمقت على مدى العشرين عامًا الماضية”.

وذكّرت رودريغيز أنه في عام 2009 عندما كانت إيران تعاني من مشاكل اقتصادية لم يتردد شافيز في المساعدة، لذلك يتعلق الأمر بالمعاملة المتبادلة والتضامن بين شعبين يعانيان من نفس الألم.

بالإضافة إلى ذلك، أكدت رودريجيز أن “لإيران حضورًا قويًا في الحياة اليومية للفنزويليين. هناك 18 مصنعًا للألبان أسستها إيران، فضلاً عن التعاون في بناء المنازل ضمن خطة شافيز. كما قامت إيران بتركيب مصانع الأدوية. وبالتالي فإن للفنزويليين موقفًا إيجابيًا للغاية بشأن إيران لأنهم يستفيدون يومًا بعد يوم من المساعدة الإيرانية”.

مرحلة جديدة في العلاقات بين أمريكا اللاتينية وغرب آسيا

وفيما يتعلق بالمبادرة الإيرانية لإرسال سفن إلى فنزويلا، تعتقد فاليريا رودريغيز : “أنه تم فتح مرحلة جديدة في الجغرافيا السياسية لأمريكا اللاتينية فيما يتعلق بغرب آسيا، وهذا بالطبع لا ترغب به الصهيونية الدولية والولايات المتحدة اللتان تنويان مواصلة القتال من أجل الأحادية”.

وتختم رودريجيز “يظهر هذا الموقف نية تعميق التعددية في سياق جائحة، حيث تختار العديد من البلدان القومية. وقد لاحظنا أكثر المواقف الفردية واللاأخلاقية مثل سرقة واختطاف الطائرات التي تحمل معدات طبية من قبل الولايات المتحدة. وهذا ليس إيجابياً لكاراكاس وطهران فحسب، بل هو إيجابي للعالم بأسره حيث يثبتان أنه في هذا السياق المعقد، يمكن لواقع آخر أن يحصل، واقع حيث للقانون الدولي وسيادة الشعوب الحرة والتصميم السياسي دور يلعبه”.

قد يعجبك ايضا