ثقافة قرآنية :صحيفة الحقيقة العدد “344”: دروس من هدي القرآن للشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه

 

إن الوعد ( الإلهي بالنصر والتأييد) هو للمستضعفين وليس للجبابرة والمتكبرين، حتى ولا نصرُ الدين، ولا إنقاذُ الأمة لن يكون على أيدي أولئك الكبار، هكذا السنة الإلهية، سنة إلهية لا يكون إعزاز عباده ونصر دينه إلا على أيدي المستضعفين الذين يغيرون ما بأنفسهم فيصبحون مستضعفين واعين.

أهمية استشعار الخطورة على الإسلام والمسلمين

أن أكون طالب علم، أن أكون مسلماً، ثم أسمع وأرى الأحداث الكثيرة تدور من حولي ضد الإسلام والمسلمين، ثم لا ألتفت التفاتة جادة، ولا أهتم، ولا أفكر، ولا أستشعر الخطورة، ولا أبحث عن حل، ذلك يعني أن الأشياء بالنسبة لنا مجرد عناوين فقط، سواء ما نسميه إسلاماً ندين به، وما نسمي أنفسنا به كمسلمين، تصبح مجرد عناوين فقط؛ لأنه ليس بإمكان أحد منا أن يتصور – وإن كانت تلك قد تكون حالة نفسية لدينا جميعاً – أنه عندما نسمع حرباً ضد الإسلام والمسلمين أن الإسلام شيء هناك، والمسلمون هم فئات من الناس هناك.

الإسلام هو هذا الدين الذي ندين به، والمسلمون هم نحن، المسلمون هم نحن، لكن يبدو أن هناك شعوراً: أسمع بالحرب على الإسلام، والهجوم على الإسلام، والخطورة على المسلمين، فأتصور أنهم أولئك، أولئك، ليس بالتحديد من أولئك! والإسلام شيء هناك!. لو كنا نستشعر – حقيقة – أن الخطورة هي موجهة لهذا الإسلام، ولنا نحن كمسلمين، ربما تضل المشاعر لدينا حية، لربما تركت أثراً في أن تخلق نوعاً من الوعي، واليقظة أمام ما يحدث.

أول تساؤل: أن هذا الدين الذي ندين به هو دين ليس فيه ما يفرض علينا أن يبدو لنا موقف مما يحدث، لا أحد أعتقد يستطيع أن يجيب: بأن هذا الدين الذي ندين به لا يفرض علينا موقفاً مما يحدث.

إن الله سبحانه وتعالى عندما يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ}(آل عمران103) إنه أمرٌ بالتقوى، بالالتزام، وأمر بالدفاع عن هذا الدين، والعمل على إعلاء كلمته، ليس فقط التزام، ولا يقبل الالتزام بالأشياء التي في متناولنا، أشياء نجدها سهلة ونحن نمارسها، وأشياء أخرى قد ترسخ المفهوم لدينا أنها صعبة وشاقة، فنحن لا اهتمام لنا بها، ولا تفكير لدينا بشأنها.. الإسلام دين نلتزم به، دين نعمل على إعلاء كلمته ونشره، دين ندافع عنه.

ثم هل يمكن أن نقول أيضاً: بأن الإسلام نفسه قد جاء ليوزع المسؤوليات بين أبناء هذه الساحة؟ فله خطاب خاص معنا، وخطاب خاص مع أولئك، فوزع الرقعة الإسلامية إلى قطاعات، ومناطق، ليس من في هذه المنطقة مسؤول عما يحدث في المنطقة الأخرى، ليس أبناء هذه المنطقة مسؤولون عما يواجه به الإسلام في منطقة أخرى!.

أيضاً لا أعتقد أنه في القرآن الكريم هناك توزيع للعالم الإسلامي، أو للأرض إلى قطاعات، وكل قطاع مسؤوليتها تختص بجهة معينة، أو بمن في داخلها.. خطاب القرآن خطاب واحد: يا أيها الذين آمنوا، يا أيها الناس، هكذا يخاطب.

العزة والانتصار لن تكون إلا على أيدي المستضعفين الواعين ( سنة إلهية )

ولاحظوا القرآن الكريم كيف هو: تتجه آياته لتقول أن المستضعفين هم من سيحضون بنصر الله وتأييده {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ}(القصص:5-6) ويقول عن المسلمين الأوائل: {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}(الأنفال:26) إن الوعد هو للمستضعفين وليس للجبابرة والمتكبرين، حتى ولا نصرُ الدين، ولا إنقاذُ الأمة لن يكون على أيدي أولئك الكبار، هكذا السنة الإلهية، سنة إلهية لا يكون إعزاز عباده ونصر دينه إلا على أيدي المستضعفين الذين يغيرون ما بأنفسهم فيصبحون مستضعفين واعين، يستشعرون مسئوليتهم ويثقون بوقوف الله معهم، يثقون بالله، ويثقون بما وعدهم به.

فالذي يقول لك: نحن مساكين ونحن كذا ونحن كذا…إنك لو فهمت القرآن فإنك تعدد إيجابيات، وإن اليهود يفهمون هذه.

إن اليهود عاشوا هم فترة الاستضعاف وفهموا كيف جاء الله بموسى عليه السلام لينقذهم، ألم يكونوا مستضعفين في مصر تحت هيمنة آل فرعون فرعون وهامان وجنودهم؟ ماذا حصل؟ أنقذهم الله بموسى عليه السلام ، ولهذا نرى أعمالهم، وحاولوا أن تتلمسوها أنتم، إنهم حتى وإن وثقوا بالكبار، بالحكومات، أنها أصبحت صديقة ووثقوا بهم كامل الوثوق إنهم ما زالوا يخافون من الناس من الشعوب، وإن كانوا قد رأوها مقهورة، ورأوها ذليلة، أي أنها مستضعفة، هنا الخطورة عندهم، هنا الخطورة عندهم : أن لا نكتفي بأن نرى أولئك مقهورين وأذلاء، أي أن نراهم مستضعفين، إن هذه هي حالة الانفجار الخطيرة، هي الحالة التي يقف فيها الله معهم، لا بُدَّ أن نفسدهم، لا بُدَّ أن نفسدهم، ألم يسعوا لإفساد الناس إلى كل بيت؟ لأنهم يريدون أن يفسدوا المستضعفين، وهم يفهمون هذه السنة؛ لأن المستضعفين متى ما فسدوا فإنهم حينئذٍ يكونون قد ابتعدوا عن الله ولن يقف الله معهم، ولن يعمل على إنقاذهم.

فاليهود عندما تقول أنت: أنك مستضعف، إنهم يرونك قوياً إذا ما كنت مؤمناً، وهم جربوا ورأوا تاريخهم الطويل ما حصل لهم هم، ثم رأوا الحقائق ماثلة في (حزب الله) وفي حركات تشبهه.

ألم يكن الخميني رجلا مستضعفا خرج من قرية [خُمَين] واتجه ليهاجر في (قم)؟ ألم يكن الشعب الإيراني مستضعفاً في ظل حكومة الشاة؟ كان الإسرائيليون هم المهيمنون والأمريكيون هم المهيمنون، ما الذي حصل؟ رأوا كيف أن أولئك المستضعفين عندما وعوا وفهموا كيف حصل ذلك الحدث الكبير الذي أزعج كل بلدانهم، الذي أقَضّ مضاجعهم وكلفهم الكثير، وأخافهم وأزعجهم فعلاً، ما هو الفارق؟ إنهم مستضعفون؛ لكنهم عندما وعوا وفهموا حينئذٍ أصبح الخطر الحقيقي محدقاً بأولئك، ألم يصبح الخميني فيما بعد رأوه رجلاً كبيراً جداً جداً، وهو ذلك المهاجر طالب العلم الذي خرج من [خمين] فقيراً وظل معظم حياته فقيراً؟ لكنه أصبح لديهم شبحاً يخيفهم.

ما الذي جعل الخميني على ذلك النحو؟ ما الذي جعل شعبه يغير ذلك التغيير؟ إنهم عندما تحولوا إلى مستضعفين واعين، بل لأن الإمام الخميني أيضاً يفهم القيمة الكبرى للمستضعفين الواعين، هو حرص على أن يبقى هذا اسماً يحمله الإيرانيون أثناء الثورة الإيرانية، وبعد الثورة [مستضعفون] وطلب من كل واحد منهم ممن يرى نفسه بأنه مستضعف ويؤمن بهذه المسألة أن يصعدوا جميعاً كل ليلة في لحظة واحدة، ويقولون: ((الله أكبر)) ويرفعوا شعار التكبير كل ليلة، فكانوا ينطلقون حتى من يرون أنفسهم أغنياء في إمكانياتهم، ينطلقون وكأنهم يطلبون من الله أن نكون مستضعفين واعين لتقف معنا. وهكذا وأطلق على أولئك اسم مستكبرين، والمتكبرون والمستكبرون هم من يتجه الله سبحانه وتعالى لأن يملأ قلوبهم رعباً وخوفاً.

فنريد أن نفهم عندما يقول أحدنا : نحن كذا أو نحن كذا، أو يقولون لذلك الشخص :(اسكتوا واتركوا، أنتم تدرون أننا ضعاف، وليس بإمكاننا أن نفعل شيئاً. ونحن، ونحن …) نقول: لا القرآن الكريم ولا حتى اليهود والنصارى يسلمون لك بأن هذه حقيقة، إن الله يجعلها هي التهيئة لأن يقف معك إذا وعيت، وإن أعداءك لا يعتبرونك بالشكل الذي قد أمنوا جانبك، بل رأوك في موقع الخطورة ضدهم وعليهم لكن متى ما وعيت.

دروس من هدي القرآن الكريم

وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن

قد يعجبك ايضا