عن أهمية استمرار إطلاق الصواريخ اليمنية على العمق الصهيوني…
يشكل استمرار القوات المسلحة اليمنية في إطلاق الصواريخ على كيان الاحتلال، ومنع السفن الذاهبة إلى موانئ فلسطين المحتلة من عبور مضيق باب المندب عبر البحر الأحمر، تطوراً مهماً في سياق دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته في مواجهة حرب الإبادة الصهيونية، والحصار والتجويع، في وقت تقف فيه الحكومات في العالم تتفرّج على هذه المجزرة النازية الصهيونية، من دون أن تقدِم على ايّ إجراء لوقف هذه الجريمة المتمادية بحق الإنسانية…
على أنّ إطلاق الصواريخ اليمنية باتجاه كيان الاحتلال، يحدث تداعيات كبيرة على عدة مستويات، خاصة مع ظهور مؤشرات على عجز جزئي للمنظومات الدفاعية الإسرائيلية والأمريكية عن اعتراضها كلها.
أولاً، على المستوى الأمني والعسكري:
1 ـ يظهر إطلاق الصواريخ فشلاً في ردع اليمن من ناحية، وقدرة على اختراق للدفاعات الإسرائيلية الأميركية من ناحية ثانية… وقد سجلت بعض هذه الصواريخ اختراقات لأنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية، بما في ذلك “حيتس” و”ثاد” الأميركية، ووصلت إلى أهداف حساسة مثل مطار بن غوريون ومدينة يافا المحتلة… مما يكشف عن ثغرات في المنظومة الدفاعية “الإسرائيلية” ويثير تساؤلات حول فعاليتها.
2 ـ تهديد استراتيجي متزايد: استخدام حركة أنصار الله لصواريخ باليستية فرط صوتية، مثل “فلسطين 2″، يزيد من صعوبة اعتراضها، حيث تتمتع هذه الصواريخ بقدرة على المناورة والتهرّب من الرادارات بسرعات عالية… وهذا يمثل تحولًا استراتيجياً يغيّر قواعد الاشتباك ويجبر كيان الاحتلال على التعامل مع تهديد جديد بعيد المدى.
3 ـ استنزاف القدرات الدفاعية الإسرائيلية، حيث يتطلب اعتراض الصواريخ إطلاق صواريخ اعتراضية باهظة الثمن.. ولهذا فإنّ استمرار إطلاق الصواريخ اليمنية، حتى لو تمّ اعتراض معظمها، يمثل استنزافاً اقتصادياً للمنظومات الدفاعية الإسرائيلية والأميركية.
ثانياً، على المستوى السياسي والمعنوي:
1 ـ ضربة للمعنويات الإسرائيلية
إنّ نجاح الصواريخ في الوصول إلى عمق فلسطين المحتلة، وحتى لو لم تتسبّب في خسائر بشرية أو مادية كبيرة في بعض الأحيان، يشكل ضربة معنوية كبيرة للمستوطنين الصهاينة، ويزيد من إحساسهم بانعدام الأمن، كما يجبرهم على الاعتياد على نمط إطلاق الصواريخ من اليمن ما دامت الحرب في غزة مستمرة.
2 ـ تهشيم صورة الردع الإسرائيلية الأميركية حيث يؤدي الفشل المتكرّر لمنظومات الدفاع في اعتراض بعض الصواريخ، واستمرار أنصار الله في إطلاقها، رغم الهجمات ضدّهم، يضعف صورة الردع لكلّ من كيان الاحتلال والولايات المتحدة.
3 ـ زيادة الضغط على الحكومة الإسرائيلية، انّ استمرار إطلاق الصواريخ يفاقم من الضغوط الداخلية على الحكومة الإسرائيلية، التي تقف عاجزة عن وضع حدّ لهذا التحدي، لا سيما بعد فشل القوة الأميركية في تحقيق هذا الهدف.
4 ـ رسائل سياسية: إطلاق الصواريخ يحمل دلالات ورسائل سياسية واضحة، منها التأكيد على دعم غزة، وإثبات القدرة على إيصال الضربات رغم البعد الجغرافي، وتحدي الهيمنة الأميركية والإسرائيلية في المنطقة.
ثالثاً، على المستوى الاقتصادي:
أدّت هجمات اليمن على السفن الذاهبة إلى موانئ فلسطين المحتلة، في البحر الأحمر ومضيق باب المندب إلى إلحاق اضرار اقتصادية كبيرة بالكيان الصهيوني.
فقد أدت الهجمات اليمنية إلى شلّ النشاط في ميناء إيلات “الإسرائيلي” بشكل كامل، وتحدثت أنباء عن نية فصل أكثر من نصف عدد موظفي الميناء.
كما أدّت الهجمات الى ارتفاع تكاليف التأمين نتيجة ارتفاع المخاطر في البحر الأحمر مما يزيد من الأعباء المالية على الشركات والمستهلكين، فيما يؤدي إطلاق الصواريخ بين الوقت والآخر إلى شلّ حركة الملاحة في مطار اللد وكذلك النشاط الاقتصادي حيث يضطر الإسرائيليون إلى النزول إلى الملاجئ، مما يترك تأثير مباشر على بقاء عمل المستثمرين والشركات الأجنبية بسبب غياب الاستقرار الأمني.
رابعاً، أسباب عجز المنظومات الدفاعية:
تشير التحقيقات الأولية إلى عدة أسباب محتملة لفشل بعض عمليات الاعتراض، منها:
1 ـ قنيات التشويش المتقدمة التي باتت تتمتع بها الصواريخ اليمنية، والتي يمكن أن تعطل أنظمة الرادار الإسرائيلية”.
2 ـ سلوك الصواريخ مسارات غير عادية وغير متوقعة، مما يجعل اكتشافها واعتراضها في الوقت المناسب أكثر صعوبة.
3 ـ امتلاك الصواريخ رؤوسا حربية تتميّز بالقدرة على المناورة، وبسرعة فائقة (ماخ 5 وما فوق) بعد دخولها الغلاف الجوي، ما يجعل اعتراضها تحدياً كبيراً لأنظمة الدفاع الجوي.
4 ـ تعاني الصواريخ الاعتراضية من بعض المشاكل الفنية في بعض الحالات، مثل حصول “خلل فني” في الصاروخ الاعتراضي نفسه.
5 ـ مع ارتفاع وتيرة إطلاق الصواريخ، قد تشكل الكمية تحدياً للمنظومات الدفاعية التي قد لا تتمكن من التعامل مع كلّ صاروخ على حدة بكفاءة 100%.
بشكل عام، يمثل استمرار إطلاق الصواريخ اليمنية على إسرائيل تحدياً متعدد الأبعاد، يبرز هشاشة الأمن “الإسرائيلي” في مواجهة تهديدات بعيدة المدى، ويضع ضغوطاً كبيرة على القدرات الدفاعية والاقتصادية لكيان الاحتلال وحلفائه.. وان لا حلّ لهذا التحدي اليمني خصوصاً بعد أن فشلت القوة الأميركية في منع اليمن من مواصلة قصف الكيان الإسرائيلي وفرض الحصار البحري عليه، واضطر إلى طلب وقف النار مع اليمن عبر وساطة عمانية.. بما يؤكد ان لا حلّ أمام كيان الاحتلال لوقف إطلاق الصواريخ اليمنية وفك الحصار البحري، الا عبر وقف حرب الإبادة التي يشنها ضدّ الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وفك الحصار المفروض عليه.