الأبناء والجبهات … بين الخوف والحب..

عين الحقيقة/حمير العزكي

(1)الخوف

نخاف كثيرا على أبنائنا ، فلذات أكبادنا ، ثمرات حياتنا ، من الموت ، ونبخل بهم عن رفد جبهات البطولة والفداء

لاشك أن هذا الخوف فطري ولا أرادي ولكنه غير منطقي ، لذلك نرى البعض يرفض رفضا قاطعا إرسالهم الى جبهات الشرف والبطولة بل ويرفض مجرد التفكير بذلك والبعض يلتمس الأعذار ، وآخر يختلقها ، والبعض يتقبلها ويرسلهم الى الجبهات عن طيب خاطر ، وآخر يرسلهم و قلبه يتمزق ، وعقله يعذبه ، إذ أرسلهم الى موت محقق .. ومنشأ هذا التفاوت والتباين في المواقف ليس العلم والمعرفة بل الإيمان واليقين

لذلك لوسألنا أنفسنا بعض الاسئلة ، وأنا على يقين ان أجاباتنا ستتوافق بل وستتطابق تماما .. فمثلا..

هل خوفنا على أبنائنا يمكنه تأخير آجالهم؟؟
هل خوفنا سيمنع الموت عنهم؟؟
أو يدفع الضر المقدر لهم ؟؟
سيجيب الجميع:
قطعا لا !!
ولوسألنا ..
كم من الشباب ماتوا بحوادث السير ؟؟
وكم من الشباب قتلوا بالرصاص بحوادث اطلاق النار بالخطأ من أصدقائهم؟
و من اطلاق النار في الاعراس؟؟
ومن اشتباكات مسلحة عند مرورهم بجوارها ؟
في طريقم الى المدرسة او المعهد او الجامعة او العمل؟؟!
بل وكم كان خبر الفاجعة المفاجئ صادما وقاسيا جدا؟؟
هل استطعنا وبكل خوفنا أن نجنبهم ذلك المصير المحتوم؟؟
سنجيب جميعا :
الكثير ماتوا بهذه الطريقة ولم يستطع أحد تجنيبهم الموت

وما دمنا نؤمن ونوقن أن الموت إذا جاء لايمكن تجنبه ولاتأخيره ولا تقديمه وأن ساعته محدودة لايعلمها الا الله
فلماذا نظن أن ذهاب الأبناء الى الجبهات يعني موتهم المحقق؟؟
وهل ستتأخر ساعة موتهم إن جلسوا بجوارنا؟؟
أم ستتقدم ساعة موتهم إن نفروا الى الجبهات دفاعا عن دينهم وارضهم وعرضهم؟؟؟

نخاف على أبنائنا ممانظنه الهلاك والفناء وننسى أنه الحياة والخلود ،،
نخاف عليهم من الموت في الجبهات ولانخاف عليهم من الموت في المنازل تحت الركام ،،
نخاف عليهم من الموت أقوياء أعزاء كرماء ولانخاف عليهم من الموت ضعفاء جبناء أذلاء

فمن أي الموت نخاف عليهم؟؟
(إنك ميت وإنهم ميتون )

(2)الحب
سبق الحديث عن خوفنا اللامبرر على أبنائنا ، وكيف أستطاع منعنا من ارسالهم الى الجبهات ولكن ما الذي يعزز الشعور بالخوف ويجعله أكثر فاعلية ؟؟ إنه الحب .
ولأن حب الأبناء غريزة في كل المخلوقات لافرق فيه بين الانسان والحيوان ، وبذلك فهو يستحوذ على قلوبنا ويتملك مشاعرنا ، و يزيد من رغبتنا في الحياة من اجلهم ، وحرصنا على حياتهم من أجلنا ، الحب الذي يصل حد التملك والأنانية والقاتل أحيانا

ما الذي نحبه لأبنائنا؟؟

نحب لأبنائنا أن نعيش معهم حتى ولو كانت عيشة هوان وذل فكيف نحبهم ونرضى هوانهم وذلهم وكيف يكون حبهم سبب لسخط الله علينا وماالذي سيمنحه لنا الأبناء ان حرمنا الله من رضاه ونحن نؤمن بقوله تعالى ( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)

نحب لأبنائنا الحياة فكيف يعقل أن نحرمهم من الحياة الابدية ؟! كيف ونحن نؤمن بقوله تعالى ( بل أحياء عندربهم يرزقون )

نحب لأبنائنا الخير فكيف يعقل أن نصرفهم عنهم ونحن نؤمن بقوله تعالى (ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون )

نحب لأبنائنا السلامة في ابدانهم ودنياهم فكيف لانحب لهم السلامة في دينهم وأخراهم ونحن نؤمن بقوله تعالى ( الاتنفروا يعذبكم عذاباأليما )

نحب لأبنائنا النجاح والفلاح ونرى ذلك في حسن تربيتهم وجودة تعليمهم وكرامة عيشهم مستقبل وظائفهم ومناصبهم ومكانتهم المرموقة عند الناس فكيف لانحب لهم الفوز العظيم عند الله وأعلى وأسمى وأرقى مكانة ونحن نؤمن بقوله تعالى (مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا)

نحب لأبنائنا العزة والكرامة والشرف والإباء فكيف يعقل أن نمنعهم عما نحبه لهم ونحن نؤمن بقوله تعالى (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ )

هذا هو الحب ، قد يسميه البعض حبا قاتلا !!! ولكن القاتل الحقيقي هو قاتل المبادئ وقيم الحق و الشموخ والإباء ورفص الظلم والهوان
عن أي حب قاتل هولاء البعض يتغامزون وهم يدعون الايمان بالله وكتابه الذي قال فيه (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل أموت بل أحياء ولكن لاتشعرون )

إن كانت أسمى مراتب الحب أن تمنح حياتك لمن تحب
فمابالكم بحب يمنحك فيه من تحبه الحياة الأبدية

قد يعجبك ايضا