آثار الضربات اليمنية تتعمّق: اقتصاد العدوّ في المهداف

تفرض هجمات اليمن على العمق الإسرائيلي توقف سلاسل التوريد وتعطّل النقل البحري والجوي، مما يضاعف الكلفة الاقتصادية ويهز الأمن الاجتماعي في الجنوب.

لا يكاد يتوقّف الحديث في إسرائيل عن تأثير الضربات اليمنية، والذي لم يعد يقتصر على الجانبين العسكري والرمزي، بل امتدّ ليصيب صميم الاقتصاد الإسرائيلي وسلاسل التوريد الدولية التي يعتمد عليها الكيان. فمع كل هجوم بطائرة مُسيّرة أو صاروخ بعيد المدى، أو مع كل تهديد لسفينة تجارية في البحر الأحمر، تتضاعف الكلفة على إسرائيل، من توقّف نشاط ميناء «إيلات» وامتناع شركات طيران عالمية عن السفر إلى مطار «بن غوريون»، إلى تعطّل مسارات الاستيراد والتصدير، وارتفاع أقساط التأمين البحري، وصولاً إلى آثار مباشرة على السياحة والأمن الاجتماعي، خصوصاً في الجنوب.

الجديد في هذا الشأن ما كشفته «القناة 12» العبرية، من أنه بسبب عمليات حركة «أنصار الله»، ثمة مشكلة كبيرة في نقل السيارات ومنتجات الطاقة كالوقود والنفط. ونقلت القناة عن الرئيسة التنفيذية لمجموعة «تفن» للاستشارات الإدارية وسلاسل التوريد أن إسرائيل تعتمد على البحر في 70% من وارداتها و95% من صادراتها، فيما لا توجد أي معالجة استراتيجية لتلك المشكلة. وأضافت أن الشركات الإسرائيلية تحاول إعادة الإنتاج إلى الداخل بعد أن واجهت صعوبات كبيرة في التوريد إلى الخارج، متابعةً أن اليمنيين يُعتبرون اليوم التهديد الأكبر لإسرائيل في سلاسل التوريد، خصوصاً في مجال السيارات والأجهزة الكهربائية والوقود.

ونقلت القناة عن مسؤول في شركة روبوتات صناعية قوله إن هناك تدخّلات سياسية غير معلنة تؤخّر أو تلغي شحنات متّجهة إلى إسرائيل، واعترفت بارتفاع الأسعار نتيجة الأزمات المتكرّرة في سلاسل التوريد، مع خطر نقص في المُنتجات الأساسية واختفاء بعض المُنتجات من رفوف المتاجر وحتى علامات تجارية كاملة. وخلصت القناة إلى القول إن إسرائيل، التي شبّهها رئيس وزرائها، بنيامين نتنياهو، بـ»إسبرطة الشرق الأوسط»، تواجه أزمة لم يعد بالإمكان التعامل معها كظرف طارئ، بل كتحوّل بنيوي في قدرتها على استيراد المواد الخام والطاقة، وعلى تسويق مُنتجاتها في الخارج.

إسرائيل تواجه أزمة غير مسبوقة في سلاسل التوريد

وكانت دفعت هجمات اليمن شركات طيران أجنبية إلى التوقّف المؤقّت عن تسيير رحلاتها نحو مطار «بن غوريون»، وهو ما أحدث حالة إرباك واسعة في حركة السفر. وفي المقابل، اتجهت بعض الشركات إلى تعليق رحلاتها بشكل كامل إلى أجل غير محدّد، ما ضاعف من عزلة إسرائيل الجوية وأثّر على قطاعَي السياحة والأعمال. ويترك استهداف العمق الإسرائيلي بالصواريخ والطائرات المُسيّرة اليمنية، أثراً نفسياً مباشراً على السكان، حيث تُسمع صفارات الإنذار بشكل متكرّر وتُجبَر العائلات على النزول إلى الملاجئ في أي لحظة، وهو ما يفاقم شعور القلق والهلع، خصوصاً في المدن الكبرى، ويؤثّر على الحياة اليومية والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية.

وتأتي اعترافات «القناة 12» بعد الأيام العصيبة التي مرّ بها الإسرائيليون في الجنوب، حيث تعرّض مطار «رامون» لضربة مباشرة، أعقبها استهداف فندقين سياحيين في إيلات بطائرات مُسيّرة، الشهر الماضي، ما أسفر عن عشرات الإصابات. وبذلك، تحوّلت المدينة السياحية، بحسب توصيف الإعلام العبري، إلى جبهة متقدّمة في خط النار بدل أن تبقى ملاذاً للترفيه والاصطياف. وفي حين يعبّر بعضهم عن أمل بأن يقود الحدث إلى تحرّك حازم من الجيش الإسرائيلي ومنظومة الأمن، يشعر آخرون بأن إيلات، التي كانت في الماضي رمزاً للسكينة، تتحوّل تدريجياً إلى ساحة مواجهة.

وإلى جانب الخسائر الكبيرة في القطاع السياحي، لا يزال سكّان إيلات وأصحاب الأعمال يواجهون تداعيات اقتصادية ونفسية من جراء تكرار الضربات اليمنية الأخيرة بالطائرات المُسيّرة. وعلى الرغم من مرور زمن على الاستهداف الأخير، فإن الإعلام العبري ما زال يوثّق شهادات عن سكان إيلات وسياحها، ويرسم صورة تعكس مزيجاً من الخوف والإحباط.

وأعربت مستوطِنة إسرائيلية، لصحيفة «معاريف»، عن إحباط عميق وانعدام ثقة بالقيادة، متهمة نتنياهو بأنه يدمّر كل ما هو جيد. وقالت إن إيلات كانت ملاذاً لسكان المركز الذين أرادوا بعض الهدوء والسكينة، والآن حتى هنا أصبح الوضع خطيراً: لقد حوّل نتنياهو إيلات إلى سديروت، ولم تعد هذه هي المدينة التي عرفناها.

لقمان عبدالله لقمان عبدالله  السبت 4 تشرين اول 2025

قد يعجبك ايضا