التهديد بضم الضفة يقابله التهديد بإلغاء فك الارتباط بها واستعادتها كجزء من أراضي الأردن

حقائق محرمة على الطاولة.. والتهديد بضم الضفة يقابله التهديد بإلغاء فك الارتباط بها واستعادتها كجزء من أراضي المملكة واحتُل منها

فؤاد البطاينة

ردود فعلنا على برامج وأفعال “إسرائيل” في فلسطين وأوطاننا ما زالت شيئا من العلك الممجوج. إنها الحقيقة البلفورية التي اعتبرت فلسطين كلها وطنا لليهود ولم تعترف بشعب فلسطيني فيها ولا بشعب أردني على الجانب الأخر. إنها أم الحقائق الأخرى الممارسة على الأرض ونقفز عنها ولم نضعها يوماً على الطاولة، فنغرق ونُغرق شعوبنا والعالم في وهم التسويات السياسية وأوراقها الفاسدة. أما الجدلية “الإسرا\أمريكية ” فليست على ضم الضفة وما تجاوزها، إنما على الظرف المناسب لتنفيذها وتتويجها والأرجح أنه جاء. ولكن لدينا مستجدات صنعتها المقاومة الفلسطينية.

وبهذا أضع الإصبع على النقاط التالية:

1 — ضم الضفة أو تقنين السيادة عليها يعني أنه لن يبقى شيء في القضية محل تفاوض، ولا حلول سياسية نبحث عنها بهذا النهج عند “إسرائيل “. ويصبح المراهنون على الحلول السلمية والتفاوض على الاحتلال والمشيطنون للمقاومة أمام مسؤولية كبيرة، وأنهم كانوا على خطأِ مع سبق إصرار يرقى إلى الترصد. وبالتالي كانوا شركاء في التوطئة والتمهيد لتصفية القضية الفلسطينية. ولكن أيِن ستكون وجهتهم عندما تسقط ورقة العملية السلمية. هل سيتفقون على نهج يبتدعونه أم سيجحشونها”؟

2– ضم الضفة سينهي ذريعة الاستبقاء على اوسلو وكامب ديفيد ووادي عربة، ويكشف فضيحة حل الدولتين وذريعة التطبيع واستمراره أمام شعوبها التي تعلم بأن حصيلة التطبيع كانت استفرادَ “اسرائيل “بالقوة وتكريس احتلالها وصنع كل حالات الضعف عسكريا واقتصاديا وعلمياً وفقرا وبطالة في الجانب العربي، وبالتالي استفراد القوة “الإسرائيلية ” بالضعف العربي.

.3- السعي الأوروبي\ العربي للاعتراف بالدولة الفلسطينية الآن وسابقاً ليس بأكثر من ملعوب وتهدئة مشاعر، أو غطاء على العجز، وفيه شراء للوقت لسلطة الاحتلال. فأوروبا أو العالم الذي لم يتمكن أو يتدخل عملياً لإيقاف كيان الاحتلال عن حربه الإبادية المستمرة منذ سنتين ضد أطفال ومدنيين أو لكسر حصار القتل بالتجويع، فلن يتدخل لفرض دولة فلسطينية على هذا الكيان. وقبل هذا أجمعت أمريكا ودول أوروبا على حق عودة اللاجئين وصاغت بقلمها القرار الأممي 194، ومع الوقت وفرض الصهيونية لواقع جديد، تراجعت كلها عن قرارها.

4—العدو إثر تداعيات طوفان الأقصى يعيش حالة عجز وارتباك أمام صمود المقاومة في غزة وسيلجأ إلى استئناف حربه في الضفة الغربية ونقل مسرح مذابحه إليها بالنسخة الغزية. فالتطهير العرقي الجماعي بات وسيلته لهدفه وهو “تصفية القضية ” وذلك من واقع إدراكه أن العامل السكاني في فلسطين معضلته التي تؤرقه وتُفشل مشروعه، وأن هذا عصره الذهبي للتصرف بجنون طبقا لكتابه المزور وثقافته الإجرامية، ولا صادَّ له ولا من عقبة بطريقه سوى المقاومة.

5 — المقاومة الفلسطينية غيرت المعادلة الدولية التاريخية وعلى العرب حكومات أو شعوب واجب تعليق الجرس.” الفلسطينيون بمقاومتهم في ظروف خرافية الصعوبة والمعطيات، يخوضون حربا وصمودا لم تألفه الشعوب عبر التاريخ، ولا هو في نطاق القدرة البشرية، بل جعلوا من أساطيرها حقيقة في فلسطين. وبمعاناة مدنييهم وصمودهم الإعجازي أمام وحشية اليهود، خلعوا شماعة الهولوكوست والسامية من ذاكرة الشعوب وجعلوا مكانها حاوية القمامة. اللحظة التي يرجو فيها المُحتل الجلوس مع المقاومة الفلسطينية آتية، ولن يجد عندها حلاً سوى الرحيل من فلسطين لأوطانهم. فأين مكانكم سيكون يا حكام العرب؟ والفلسطيني يسأل منذ متى أصبحت حياة الذل وفقدان الكرامة أفضل من الاستشهاد بشرف لتبقى الأوطان وتعيش الأجيال بعزتها وكرامتها؟

أستأنف، إذا حدث الضم سندخل بمرحلة سقوط الكيان وقد تطول. ولكن جل أبعاده وتداعياته ستقع مباشرة على الأردن. وقبول نظامه أو تقبله التعامل معها طوعاً أو كرها لا سيما ” التطهير العرقي والتهجير” تحت أي عنوان بالمطلق، سيكون بمثابة الشراكة بتصفية القضية الفلسطينية والتسبب بالوبال على أمن واستقرار الاردن وعلى جبهته الداخلية ابتداء، وجعْل مصيره كدولة وشعب، قضية تتحد مع القضية الفلسطينية. حيث بالمنطق السياسي والعسكري والأمني، والمخطط اليهودي العقدي والأيديولوجي لا يُمكن أن يكون اعتراف صهيوني بوجود شعب فلسطيني أو أردني ولا بوطن لهم سوى الشتات، والحديث عن وطن بديل هنا هو حديثنا وأوهامنا، وأما الحقيقة فنحن على جانبي النهر نُساق للشتات على مراحل، فسموها ما شئتم إلّا الوطن البديل.

فالنظام الأردني وبناء على مجمل ما ذُكر مُطالب بالتحرك سياسيا وقانونيا مُبكراً، وأن لا يعتمد بأمر كهذا على التطمينات الخارجية. فالمسألة مصيرية والرهان هو على قضية ممتدة ومصير أوطان وشعوب، ولا تحتمل أدنى تفرد أو مغامرة، ولا بد من استباق الحدث الصهيوني بحدث اختراقي يمنع حدوثه. وللعلم فإن ربط توقيت تحرك الكنيست مع ما يجري في غزة وفلسطين يجب أن يُقرأ بجدية.

لست جزءًا من النظام، ولكني معني بإبداء الرأي. الضفة الغربية جزء محتلُ من أراضي المملكة تنازل عنها النظام بتعليمات إدارية الى منظمة التحرير الفلسطينية حصراً، وليس لسلطة الاحتلال لتستغل الظرف وتمعن بقضم أراضيها وبزرع المستوطنات فيها وذبح شعبها توطئة لتهويدها، ولا لتحويل منظمة التحرير المتمثلة بسلطة اوسلوا الى شريك اسير عندها. وبالتالي فإن تهديد ومجاهرة سلطة الاحتلال بضم الضفة وتصفية القضية يفرض على المملكة التهديد الجاد مُسبقاً بإلغاء تعليمات فك الارتباط وتعليق معاهدة عربة وكل توابعها رهناً بإعادة الضفة لسلطانها بموجب القرار 242 كجزء محتل من أراضي المملكة. واستفتاء شعبها لتقرير خياره… وليجتمع مجلس النواب الآن ويواجه القرار بالقرار.

كاتب عربي أردني

قد يعجبك ايضا