مصر تقمع التضامن مع المقاومة ولبنان ..تونس تودّع «شهيد حركة التحرر العالمية» ..الجزائر مفجوعة بغياب القائد الذي أحبّها..سوريا… حزن بحجم اليقين
مصر تقمع التضامن مع المقاومة ولبنان ..
لم تتأخر السلطات المصرية في محاولة «حصر» التفاعل الشعبي مع نبأ استشهاد الأمين العام لـ«حزب الله»، السيد حسن نصر الله، في منصات التواصل الاجتماعي. فقد وجّهت الأجهزة الأمنية تعليمات إلى الأحزاب بعدم إصدار بيانات للتضامن مع «حزب الله» أو لبنان في الوقت الحالي، مع الاكتفاء بالرثاءات الشخصية، في وقت سمحت فيه للعاملين في جهات محسوبة على الدولة، بالتدوين من دون قيود. وامتدّ هذا الحصار ليشمل منع إقامة أيّ فعالية مرتبطة باستشهاد السيد نصر الله أو التضامن مع الشعب اللبناني، أو حتى تقديم طلبات للحصول على إذن من الداخلية المصرية للقيام بمثل هذه التحركات. على أنه كان لافتاً، من خلال التدوينات على مواقع التواصل، حجم تأثر المصريين الذين عبّروا عن حبّهم للسيد، معربين عن ثقتهم باستمرار المقاومة في مواجهة الاحتلال.
تونس تودّع «شهيد حركة التحرر العالمية»
تواترت خلال الساعات الأخيرة بيانات الأحزاب والمنظّمات التونسية، إزاء اغتيال الأمين العام لـ«حزب الله»، الشهيد السيد حسن نصر الله. وعلى اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم، جاءت بياناتهم جميعها متفقة على حجم الخسارة برحيل القائد الفذّ الذي رثاه الإسلاميون واليساريون والعلمانيون، داعين إلى الاصطفاف وراء المقاومة أكثر من أيّ وقت مضى. وفيما اكتفى الموقف الرسمي بتنديد وزارة الخارجية بالعدوان الذي تعرّض له لبنان على يد دولة الاحتلال، والإعلان عن تنسيق ثنائي مع الصحة اللبنانية لتزويدها بما تحتاج إليه في هذا الظرف العسير، جاء الموقف الشعبي قوياً بخروج التونسيين في عدة مدن، تنديداً بحادثة الاغتيال. من جهتها، دعت «تنسيقية مناهضة التطبيع في تونس» إلى تحركات متتالية، أفضت إلى اشتباكات مع قوات الأمن التي هاجمت المحتجين أمام مرافق تعود إلى السفارات الأميركية والفرنسية، التي حمّلت «التنسيقية» دولها مسؤولية دعم الاحتلال في تنفيذ الاغتيال.وعلى وقع الفجيعة، تحرك التونسيون نحو شارع الحبيب بورقيبة عشية السبت. وبعد تأكيد الحزب استشهاد أمينه العام، السبت، انطلقوا نحو مراكز المدن في المحافظات الداخلية للتعبير عن موقفهم الثابت في الاصطفاف وراء المقاومة، وتأكيد العداء للكيان الصهيوني. ولم تحرّك هؤلاء مشاعر الحزن فقط، وإنما أيضاً الغضب والرغبة في الثأر ممّن نفّذ وتواطأ وتخاذل. وحمل المتظاهرون صور السيد نصر الله والأعلام اللبنانية، مؤكدين أن تونس ستظل جزءاً من الساحات الموحّدة في مناهضة العدو المشترك، على الأقل بالتظاهر ومنع تغلغل أذرعه في أي مجالات تسمح بتغيير وعي التونسيين وتجهيزهم للتطبيع على غرار ما حدث في مجتمعات أخرى.
ولعلّ أشدّ ما يؤلم التونسيين الذين خرجوا إلى التظاهر، بحسب أحد المنددين، هو «فقدان صوت كان يبثّ فيهم الأمل دوماً ويمحو عن وجوههم عار الهوان والذل الذي تلحقه بهم أنظمتهم». ويقول آخر إن «جيله الذي كان فتيّاً يافعاً في حرب التحرير عام 2000، ثم حرب تموز عام 2006، شهد تلك الانتصارات وسمع خطابات الأمين العام لحزب الله خلال الحرب وبعدها. ويعتبر هذا الجيل أن شعلة الأمل، رغم بعض الانكسارات، كان يستمدها من خطابات نصر الله وتأكيده أن الطريق سالكة إلى القدس رغم ما تكلّفه من دماء وأرواح».
أفضت تحرّكات التونسيين المندّدة بالاغتيال، أمام مرافق تعود إلى السفارات الأميركية والفرنسية، إلى اشتباكات مع قوات الأمن
وبالتوازي مع ذلك، توالت بيانات التنديد والرثاء من منظمات عريقة وأحزاب سياسية، حملت جميعها رسالة موحّدة، وهي الوقوف إلى جانب لبنان والمقاومة وعدم الانسياق وراء أجندات «قتل كل نفس مقاوم» في نفوس الشعوب العربية. وقال «الاتحاد العام التونسي للشغل»، وهو النقابة العمالية الأكبر في البلاد، إنه «تلقى ببالغ الألم والحزن نبأ استشهاد السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، أحد أهم فصائل المقاومة ضد الكيان الصهيوني في معركة الإسناد والبطولة، دعماً لفلسطين وغزة والشعب الفلسطيني الذي يتعرّض لحرب إبادة». وأضاف الاتحاد، في بيان باسم أمينه العام نور الدين الطبوبي، أن «الاغتيال الجبان تمّ بدعم أميركي صهيوني ورجعي عربي، وجاء بعد عمليات إرهابية متعددة في لبنان»، معتبراً أن «الجريمة الصهيونية تكشف عن تخبّط المحتل وهزيمته أمام صمود المقاومة، ولن تزيد المجاهدين والأحرار والمقاومة إلا قوة وصموداً وتوهّجاً للتصدّي للمشروع الصهيوني التصفوي والدموي القائم على اغتيال القيادات وعلى حرب الإبادة». ودعا المكتب التنفيذي للمنظمة، بدوره، «كل الشرفاء في تونس والوطن العربي والعالم إلى الخروج إلى الشوارع تنديداً بهذه الجريمة وتأكيداً على دعم استمرار المقاومة».
وفي السياق ذاته، نددت «الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان» باغتيال السيد نصر الله. وقالت إن العملية «الغادرة والجبانة» التي استهدفته «تذكّر سائر التونسيين والشعوب المناصرة للحق بأهمية مناهضة الصهيونية وكل أشكال التطبيع معها». وفور تأكيد الحزب استشهاد أمينه العام، خرجت قيادات الرابطة ورئيسها في تظاهرة في محافظة نابل، مجددة الدعوة إلى مسيرات حاشدة في الأيام المقبلة في العاصمة تونس.
كذلك ندّدت الأحزاب السياسية بالاغتيال الغادر، واعتبرت «حركة النهضة»، في بيان، أن «هذه الأحداث الأليمة التي يعيشها لبنان وتقاسمه بقية الشعوب العربية الألم والحزن فيها، ستكلّل بالنصر»، مؤكدة «ثقتها في قدرة الحزب على مواصلة ما أسّس له أمينه العام ووضع لبناته الصلبة واستكمال المهمة حتى تحرير القدس»، داعية «الشعوب العربية إلى التعبير عن غضبها وتنديدها بالاغتيال وبالعدوان الغاشم الذي يتعرّض له لبنان بعد أشهر من الإبادة في فلسطين». أما «حزب العمال الشيوعي»، فقد رثى بدوره القائد الشهيد، قائلاً في بيان، إن نصر الله هو «شهيد حركة التحرر الوطني في العالم، وإنّ الأيادي الصهيونية والإمبريالية والرجعية العربية الملطخة بالدماء لن تفلت من ثأر المقاومة التي لن يزيدها اغتيال قادتها إلا بأساً وقوة وثباتاً وإصراراً على الكفاح والنصر». وأضاف أن «اغتيال القائد إسماعيل هنية لم ينهِ حركة حماس والمقاومة الفلسطينية. كما أنّ اغتيال أبو علي مصطفى قبله وغيره من القادة لم يُنهِ لا الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ولا حركات المقاومة الأخرى»، وفقاً للبيان. ونعى «حزب الوطنيين الديموقراطيين الموحّد»، من جهته، الشهيد نصر الله، متوجّهاً، في بيان، بـ«أسمى عبارات التعازي للشعب اللبناني الشقيق ولأبطال المقاومة في لبنان وفلسطين كافة وللشعب العربي في هذا المصاب الجلل». وأضاف أن السيد «كان سيد المقاومة ورمز صمودها؛ فقد كان وطنياً في حماية لبنان وشعبه، وقومياً في إصراره على دعم المقاومة الوطنية الفلسطينية، وأممياً بمقاومته للإمبريالية ورأس حربتها الكيان الصهيوني الغاشم»، متابعاً أن «استشهاده لن يثني أحرار أمتنا العربية عن مواصلة المقاومة بنفس الثبات وبأكثر قوة». كما أصدرت أحزاب أخرى، من مثل «التيار الديموقراطي» و«التيار الشعبي» وغيرهما، بيانات مماثلة.
الجزائر مفجوعة بغياب القائد الذي أحبّها
كان لنبأ استشهاد السيد حسن نصر الله وقع صادم في الساحة الشعبية والسياسية الجزائرية، بحكم موقع الرجل في معركة الصمود والمقاومة وحبّه للجزائر؛ إذ ما فتئ الراحل يعبّر في خطبه وتعليقاته عن تقديره للجزائر إزاء مواقفها من لبنان والمقاومة ومواجهة مدّ التطبيع مع الكيان الصهيوني. ورغم غياب مظاهر تضامن شعبي وحزبي علنية في الشارع، بفعل سياسة الإغلاق الأمني للفضاء العام التي تفرضها السلطات الجزائرية منذ التظاهرات المطالبة برحيل النظام بين 2019 و2021، أبدى الجزائريون، وباستثناء حالات شاذة، تضامناً مطلقاً مع الأشقاء في لبنان في هذه اللحظات القاسية.وشجب رئيس «مجلس الأمة» الجزائري (الرجل الثاني في الدولة)، صالح قوجيل، خلال استقباله رئيسة برلمان سلوفينيا، أورشكا كلاكوتشار زوبانتشيتش، جريمة الاغتيال التي طالت نصر الله ورفاقه، ودان كل «الاغتيالات الممنهجة الجبانة والمقيتة»، مندداً بـ«سياسة العمى والخرص المنتهجة من قبل الدول الغربية». ودانت حركة «مجتمع السلم»، بدورها، عملية الاغتيال و«التصعيد الصهيوني النازي الذي تجاوز العدو فيه كلّ الخطوط الحمراء، وكسر كلّ قواعد الاشتباك، وداس على كلّ الأعراف والقوانين الدولية». وتوجّهت بتعازيها إلى «الشعبين الفلسطيني واللبناني والأمة العربية والإسلامية في استشهاد هؤلاء القادة على طريق التحرير والمقاومة». ورأت أن هذا التصعيد «يدفع بالمنطقة إلى حربٍ شاملة، و يشكِّل تهديداً صريحاً للأمن والسِّلم العالمييْن، ما يتطلب التدخل الفوري من المجتمع الدولي لإيقاف هذه الفاشية الصهيونية». وأشارت إلى أن «هذا الإرهاب الصهيوني الهمجي ضدّ الشعب اللبناني ومقاومته الباسلة بسبب إسنادها للشعب الفلسطيني ووقوفها ضدّ الإبادة الجماعية في قطاع غزة؛ يتطلّب منّا جميعاً مغادرة مربّع الخذلان والصّمت، من أجل نصرة محور المقاومة، بكلّ جبهاته، وفضح هذا الانحياز الغربي والدعم الأميركي لهذا الكيان الهمجي». وجددت الحركة دعمها المطلق للشعب اللبناني الشقيق، ومساندتها للمقاومة الإسلامية في لبنان، معبرة عن تقديرها لـ«حجم تضحياتها وصمودها في هذه الملحمة البطولية النادرة، وفي صورةٍ تجسِّد الوحدة الإسلامية للأمة أمام هذا المشروع الصهيو – أميركي، الذي يستهدف مقدّرات الأمة ومقدساتها، جرياً وراء سراب «إسرائيل الكبرى»، من نهر الفرات بالعراق إلى نهر النيل بمصر».
تصدّر خبر اغتيال الشهيد نصر الله أغلب الصحف الجزائرية
ومن جهته، عبّر «حزب العمال» اليساري عن «استنكاره لهذا الاغتيال الجبان»، معزياً «الشعب اللبناني بقوافل الشهداء التي يقدمها دفاعاً عن الذات ونصرة للشعب الفلسطيني». ووصف اغتيال نصر الله بـ«الخطوة الخطيرة»، معتبراً إياه «تمهيداً لاجتياح أراضي لبنان وتعميم الحرب في منطقة الشرق الأوسط ومنع كل شكل من أشكال دعم المقاومة الفلسطينية وإغاثة الشعب الفلسطيني الذي يهدف الكيان إلى إبادته كلياً بالقنابل والمجازر والعطش وحرمانه من الدواء». كما جدد «دعمه الكامل للشعب اللبناني والشعب الفلسطيني وللمقاومة في البلدين»، معرباً عن إيمانه بـ«قدرات الشعوب في تحقيق الانتصار في وجه الطغيان والاستعمار».
أما «حركة النهضة»، فنعت «سماحة السيد حسن نصر الله الذي ارتقى شهيداً إثر عملية الاغتيال الجبانة التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني الغادر»، محمّلة «الإدارة الأميركية مسؤولية هذه الجريمة المروعة وكل الجرائم التي يقترفها المحتل؛ فهي التي تمده بالسلاح الفتاك وبالغطاء السياسي لمزيد من القتل والتدمير في حق شعوب المنطقة». وحثّت «الأمة الإسلامية على عدم الانسياق وراء الأجندات التي تستهدف تمزيق الأمة وإضعافها»، داعية إلى «التلاحم والتآزر والتكاتف وإلى رص الصفوف لمواجهة كل هذه التحديات». كما صدرت إدانة عن «حزب التجمع الوطني الديموقراطي» إزاء «الاعتداءات الوحشية للكيان الصهيوني ضد الشعب اللبناني الشقيق، وجرائم الإبادة التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الأشقاء في غزة».
وتصدّر خبر اغتيال الشهيد نصر الله أغلب الصحف الجزائرية. وعنونت صحيفة «المجاهد اليومي»، وهي لسان الحكومة الجزائرية، في صفحتها الأولى: «قائد حزب الله يسقط شهيداً في ضربة صهيونية – تصعيد درامي في لبنان». وانتقدت الصحيفة «إفلات الغزاة الصهاينة من العقاب» رغم تراكم أفعالهم الإجرامية في غزة ولبنان. وفي السياق ذاته كتبت «جريدة الوطن» أنه رغم اغتيال أمينه العام، فإن «حزب الله متمسك بمواصلة الكفاح لتحقيق أهدافه».
كما عجّت مواقع التواصل الاجتماعي بتعزيات بالسيد نصرالله. وكتب السياسي والمفكر الجزائري، عبد الرزاق مقري، في تدوينة، أن نصر الله «نال الشهادة على طريق مقدس نبيل هو الدفاع عن غزة ونصرة المقاومة الفلسطينية، والدفاع عن بلده لو سقطت غزة، وسيسجل له التاريخ ذلك ويشهد خلق كثير عليه». وأضاف: «الصهاينة وشركاؤهم الأميركيون والعملاء والموالون لهم، سيدركون بأن قتل القادة لا يوقف المقاومة أبداً، وأن القادة الشهداء يُستبدلون وقضيتهم تستمر حتى تتحقق أهدافهم». وتابع أنه «استشهد قادة النواحي العسكرية في الثورة التحريرية الجزائرية، بن مهيدي وبن بولعيد وعميروش وسي الحواس وديدوش مراد وزيغود يوسف، فما زاد ذلك الثورة الجزائرية إلا زخماً، وكذلك الثورة الفيتنامية والكوبية وغيرها».
سوريا… حزن بحجم اليقين
حزن شديد يخيّم على الشارع السوري، منذ إعلان نبأ استشهاد الأمين العام لـ«حزب الله»، السيد حسن نصر الله، إثر غارة إسرائيلية عنيفة تسببت بدمار واسع في الضاحية الجنوبية لبيروت. وملأت صور الحداد السوداء الصفحات السورية على مواقع التواصل الاجتماعي، مقرونة إمّا بآيات قرآنية أو بتعليقات غاضبة وأخرى تدعو إلى الثبات. والواقع أن ثمة أسباباً عديدة للحزن الشديد، الذي بدأ مع اشتداد العدوان الإسرائيلي على لبنان، والضاحية الجنوبية تحديداً، قبل أيام، وازداد مع كل عملية اغتيال إسرائيلية لقيادي في الحزب، ليصل إلى ذروته مع إعلان نبأ استشهاد الأمين. فالرجل، بالإضافة إلى حضوره الطاغي في الشارع السوري، منذ حرب تموز 2006 وحتى الآن، أصبح بالنسبة لكثير من السوريين منبراً للبشائر، وأحد أعمدة الحصن المنيع في وجه عدو «يبذل كل ما في وسعه لإبادتنا»، وفق تعليق أحد الناشطين عبر موقع «فيسبوك». وفي الساعات الأولى لإعلان «حزب الله» نبأ استشهاد أمينه العام، كان الحزن سيد الموقف، إذ اعترت صدمة كبيرة الناس، تبعتها حالة إنكار ثم تقبل. واستذكر الجميع وقفة نصر الله الشهيرة أمام جثمان نجله الأكبر هادي، الذي استشهد عام 1997، حين قال السيّد: «أشكر الله على عظيم نعمه أن تطلع ونظر نظرة كريمة إلى عائلتي فاختار منها شهيداً وقبلني وعائلتي أعضاء في الجمع المبارك المقدس لعوائل الشهداء». ويعبّر عن ذلك سوري آخر بقوله: «والد الشهيد، وصديق الشهداء وقائدهم، أضحى اليوم شهيداً».
أما على الصعيد الرسمي، فتمّ إعلان الحداد لمدة ثلاثة أيام، وتنكيس الأعلام «في جميع أنحاء الجمهورية العربية السورية وفي جميع السفارات والهيئات الدبلوماسية في الخارج طيلة هذه المدة»، حسبما أعلنت رئاسة مجلس الوزراء، التي قالت: «تشارك الجمهورية العربية السورية الشعب اللبناني الشقيق أحزانه بمصابه الجلل وتعلن الحداد الرسمي العام لمدة ثلاثة أيام». ومن جهتها، أصدرت وزارة الخارجية السورية بياناً دانت فيه «بأشد العبارات العدوان الإجرامي الإسرائيلي». وقالت: «فقد لبنان الشقيق اليوم سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، إثر عدوان إسرائيلي غاشم وجبان استهدف منطقة سكنية في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت بأطنان من القنابل المدمرة، مما أدى إلى استشهاده إلى جانب عدد كبير من المدنيين الأبرياء». وتابعت أن «الكيان الصهيوني يؤكد من خلال هذا العدوان الدنيء – مرة أخرى – على سمات الغدر والجبن والإرهاب التي نشأ عليها، وانتفاء أي قيم أخلاقية لديه، وهمجية واستهتار بكل المعايير والقوانين الدولية»، لافتة إلى أنه «باستشهاد الأمين العام لحزب الله، خسر كل المناضلين من أجل تحرير الأرض، وصون السيادة والاستقلال وحمايتهما، علماً من أعلامهم، وقدوة لهم في النضال ضد المعتدين ومقاومة المحتلين. لقد التحق السيد نصر الله، من خلال إسناده لقضية الشعب الفلسطيني، برفاقه الشهداء الذين سبقوه وسجلوا على مدى سنوات انتصارات وصفحات مشرقة في تاريخ هذه الأمة، واضعين تحرير القدس من أيدي المغتصبين نصب أعينهم».
ودانت الخارجية السورية، في بيانها، بـ«أشد العبارات هذا الفعل الإجرامي الإسرائيلي»، معربةً عن «تعازيها للبنان الشقيق، ولكل الأحرار حول العالم باستشهاد قائد المقاومة الوطنية اللبنانية»، ومحمّلة «كيان الاحتلال المسؤولية الكاملة عن عواقبه الجسيمة». ولفتت إلى أنه «على الرغم من مشاعر الأسى والحزن التي أشاعها نبأ استشهاد السيد نصر الله لدى الأحرار في كل مكان، ولدى الشعب السوري الذي لم ينس يوماً مواقفه الداعمة، فإن مسيرته البطولية ستبقى منارة للأجيال القادمة لمواصلة نضالها من أجل تحرير جميع الأراضي العربية المحتلة، وضمان محاسبة إسرائيل عن أفعالها المشينة». كذلك، أعلنت وزارتا الثقافة والسياحة وقف أنشطتهما.قلل كثير من السوريين من أهمية الأصوات المهلّلة لاستشهاد نصر الله، مستذكرين سماعها عند كل عدوان إسرائيلي على سوريا
بموازاة ذلك، تتابع سوريا استقبال الوافدين من لبنان (من لبنانيين وسوريين) عبر مختلف المعابر الرسمية بين البلدين، ليصل عددهم، وفق آخر تقديرات مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة، إلى نحو 50 ألف شخص، 42 ألفاً منهم دخلوا سوريا عبر معبر جديدة يابوس، أكثر من ثلثيهم من السوريين، وبعضهم تم نقله بشكل مبدئي إلى مراكز إيواء مؤقتة في محافظات دمشق وريف دمشق وحمص. وجاء هذا ضمن تسهيلات كبيرة أعلنت عنها الحكومة السورية، في وقت وجهت فيه نقابة الأطباء في سوريا نداء للمشاركة في حملة تطوعية، في ظل وصول مصابين بين الوافدين تقوم وزارة الصحة و«الهلال الأحمر» السوريان بنقلهم إلى المستشفيات لتلقي العلاج، وسط استمرار الدعوات إلى تنظيم حملات للتبرع بالدم.
وفي وقت ظهرت فيه بعض الأصوات المهلّلة لاستشهاد نصر الله، في بعض مناطق سيطرة الفصائل شمالي سوريا، بما فيها «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سباقاً – فرع تنظيم القاعدة في سوريا) التي تسيطر على إدلب ومناطق في ريف حلب، قلل كثير من السوريين من أهميتها، مستذكرين سماعها عند كل عدوان إسرائيلي على سوريا، وهي حالة أفرزتها الحرب المستمرة في البلاد منذ عام 2011، والتي غُذيت عبر منابر إعلامية عديدة، ما زالت تمارس نشاطها، بأبعاد طائفية وسياسية.
لن يظهر السيد حسن نصر الله في خطاب جديد. لن يظهر «الأمين» مرة أخرى مبشراً بعملية نوعية مثل: «انظروا إليها إنها تحترق»، ليبقى آخر ما قاله محفوراً في الأذهان، ويتم تداوله في الشارع السوري وعلى مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع: «بالنسبة للحساب العسير فالخبر هو في ما سترونه لا في ما ستسمعون»، الأمر الذي يرسم بمجمله مشهداً عبّر عنه أحد الناشطين السوريين بالقول «هو حزن بحجم اليقين».الأخبار اللبنانية