اتّفاقات الذل

صالح القحم

تمر أمتُنا الإسلامية في أخطر مراحل تاريخها، حين يتسعُ الخَرْقُ في جدار الأُمَّــة، ويتسلّل العملاء والأنظمة المتخاذلة لتوقيع اتّفاقيات تؤسس للاحتلال، وترسخ الخنوع أمام العدوّ الصهيوني.

لا يمكن أن يُغتفَرُ لكل عربي أن يبرّر خروجَ كلام العار والذل من حاكم يمثل أُمَّـة مصر العظيمة، ويعلن استعدادَه لتثبيت الاحتلال بدلًا عن مواجهته.

«الاتّفاقات» الأخيرة للقادة “العرب” لا تعدو أن تكون خيانةً مكتملة الأركان؛ إذ تمهّد الطريقَ للتوسع الصهيوني وتمكينه، بينما تنفق الدول العربية أموالها في بناء ما دمّـره الاحتلال وحلفاؤه.

وقد افتضح تورُّطُ رئيس الكيان الأمريكي ترامب، الذي كان يزوِّدُ نتنياهو بأحدث الأسلحة، بل وفخر بأن هذا العدوّ يستخدمها «لتحقيق السلام»، وكأن الاحتلال هو رمز للسلام والعدل!

أما الدور المصري المخزي فقد ظهر جليًّا عندما أعلن السيسي أمام ترامب أن الأخير هو «الوحيد القادر على تحقيق السلام»، وهو إقرار ينضح ضعفًا وتبعية ذائلة، في مشهد يجسد قمة الاستسلام السياسي.

وهذا المشهد لا يقل إذلالًا حين يتصافح الرئيسان -وأيدي ترامب اليمنى مع نتنياهو، واليسرى مع السيسي- كرسالة واضحة عن ازدواج الولاءات وخيانة العروبة والإسلام.

لكن رغم كُـلّ هذه السيناريوهات القاتمة، نؤمن إيمانًا عميقًا بأن كُـلّ شيء بيد الله وحدَه، فهو الذي يخطط ويمكر: «وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ».

ونستنصر بآيات كتاب الله التي تحذر من انتصار المجرمين وتؤكّـد حتمية عقابهم في الآخرة، وأن أمر الله أسرع من نظر العين وأخفاه: «سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ.. وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ».

إنّه يومٌ ينكشفُ فيه الخداع والخيانة، ويتجلّى فيه العدل الإلهي، يوم يُسحب المجرم في نار جهنم على وجهه، ويُذوق مس سقر.

على أمتنا أن تستفز غضبها الإلهي وتنهض من تحت الركام، ترفض الذل والاحتلال، وتقاتل؛ مِن أجلِ الكرامة والحرية، متّحدةً صُلبةً كالجبل، مدركةً أن الخيانة لن تنتصر، كما أن القوة المادية والاقتصادية لمن يخدمون الاحتلال لن تصمد أمام قوة يقين الله فينا.

هؤلاء العملاء لا يمثلون أحرار أمتنا، ولا يمثلون الدين الذي يدعو للعدل والتحرّر.

فلتتعلم أمتنا أن النصر قادم لا محالة، وأن الصمود والتوكل على الله هما سلاح الأمم التي لا تُقهر.

قد يعجبك ايضا