الأمة الإسلامية بين المكانة والاستكانة

الأمة الإسلامية بين المكانة والاستكانة

ما من أمة بلغت من الفضل و الكرامة عند الله  مبلغ هذه الأمة التي وصفها في كتابه الكريم بقوله تعالى {كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِۗ وَلَوۡ ءَامَنَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۚ مِّنۡهُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَأَكۡثَرُهُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (آل-عمران:١١٠) وقوله جل شأنه {وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيۡكُمۡ شَهِيدٗاۗ وَمَا جَعَلۡنَا ٱلۡقِبۡلَةَ ٱلَّتِي كُنتَ عَلَيۡهَآ إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن يَتَّبِعُ ٱلرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيۡهِۚ وَإِن كَانَتۡ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۗ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ} (البقرة:١٤٣)

ومكانة هذه الأمة لم تقتصر في سموها على الجانب الديني فحسب بل تعدته إلى الجوانب الأخرى فقد منح الله هذه الأمة من المؤهلات والمقومات ما يتناسب ومسؤوليتها التي أنيطت بها لتكون (خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ)  ومن أهم تلك المقومات ما يلي:

أولا: المقومات الدينية:

تعد نعمة الرسول والرسالة من أعظم نعم الله التي منّ بها على هذه الأمة حينما اختارها حاضنة لرسالته الجامعة واصطفى منها خاتم رسله وسيد عباده وخصها بمؤهلات ومقومات جعلت منها أقدر الأمم على  أداء المسؤولية من تجسيد للدين  وتبليغه للعالمين ونحن عندما نستذكر ماضي هذه الأمة لنربطه بحاضرها نستذكر ما بلغته من مكانة عظيمة ومرموقة خاصة في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله بسبب التزامها بدين الله فمثلت أرقى نموذج للخير والعطاء والإصلاح حتى ذاع صيتها وانجذبت إليها كثير من الأمم معجبة بما هي عليه من قيم ومبادئ وأخلاق هذا الدين الحنيف وأخذ الكثير من أبناء تلك الأمم يدخلون في الإسلام طواعية سوى أولئك الذين  خافوه على عروشهم ومصالحهم القائمة على الظلم والتسلط والاستبداد فهم الذين تصدوا لهذا الدين من أول يوم وما زلوا  يحاربونه بكل ما يستطيعون حتى هذه اللحظة أما المنصفون والمستضعفون والبعيدون عن الولاءات للطغاة والظالمين فقد رحبوا بهذا الدين وتقبلوه برحابة صدر  لأنهم رأوا فيه عين الصواب كما رأوا فيه خلاصهم ونجاتهم مما هم فيه من الكفر والضلال والتبعية العمياء للمستكبرين وكذلك لما لمسوه من أثر عظيم في تغيير الواقع البشري المزري نحو الأفضل وقدرته العظيمة في التأثير  الإيجابي على النفس البشرية وإصلاحها مهما بلغت من السوء والجهل والضلال وهذا بالفعل ما لمسوه في النفسية  العربية التي وسمت بالغلظة والشدة والجفاء فرأوا كيف أصبحت نفوس أولئك الأعراب الذين اعتنقوا هذا الدين زاكية طاهرة تتمنى الخير للجميع وتسعى لإسعاد الآخرين مؤثرة لهم عليها ولو كان بها خصاصة فظهرت وسط هذه الأمة نماذج عظيمة كان لها بالغ الأثر في جذب الآخرين نحو اعتناق هذا الدين العظيم كما حدث في كثير من البلدان على أيدي أئمة وعلماء أهل البيت عليهم السلام سواء في المغرب العربي على أيدي الأدارسة أو في الجيل والديلم على أيدي عدد كثير من علماء وأعلام أهل البيت ومنهم الإمام الناصر الأطروش سلام الله عليه وكذلك ما حدث في بلدان شرق آسيا  كإندونيسيا وما جاورها على أيدي تجار المسلمين لما لمسوه فيهم من صدق ووفاء وأمانة وعفاف وطهر وإحسان وشفقة وغيرها من أخلاق الإسلام السامية والعظيمة وبتجسيد الأمة لقيم هذا الدين، عظم شأنها وعلت مكانتها وسادت أمم الأرض ردحا من الزمن ودان لها الكثير من الناس بالولاء والطاعة اعترافا منهم بفضلها ومكانتها العظيمة فكان هذا سببا من أسباب امتداد دولة الإسلام لتنشر ظلها على رقعة واسعة من الأرض حتى أصبحت أقوى دولة في ذلك العصر.

ثانيا: المقومات الثقافية:

لقد كانت الثقافة القرآنية هي أهم وأقوى الثقافات التي تأثر بها العرب حيث مثل الخواء الفكري والثقافي والفراغ المعرفي عند العرب فرصة لتغلغل الثقافة القرآنية بين أوساطهم  دون أن يحدث صدمة فكرية  نتيجة وجود ثقافات أخرى  فقد ساعدهم ذلك على تقبل ثقافة واحدة هي الثقافة القرآنية إذ كان ذلك الخواء عاملا مناسبا لرسوخ الثقافة القرآنية في الفكر العربي فلم تكن حينئذ الذهنية العربية قد شوشت بأي ثقافة ولا تلاعب بها تضاد التنوع الثقافي ومن هنا تعتبر الثقافة القرآنية هي الثقافة الجامعة لكل الأقطاب العربية في ماضي الأمة وحاضرها ومستقبلها أيضا وهذا بدوره يمثل عاملا مساعدا على وحدة الأمة وقوتها وتخلصها وحمايتها من أي ثقافة أخرى دخيلة وبالذات الثقافات التي تشرعن للفرقة وتدجن الأمة للتبعية لليهود والنصارى ومن هنا فإن الثقافة القرآنية تعد من أهم عوامل قوة الأمة وعزتها وريادتها وسيادتها بل هي الثقافة الوحيدة القادرة على حل مشاكل الأمة والنهوض بها من مستنقع الذلة التي رمت بنفسها فيه.

ثالثا: المقومات الاقتصادية والاستراتيجية:

تمثل البلدان العربية بثرواتها الهائلة ومواقعها الاستراتيجية شريان حياة للعالم بأسره فالامتداد الجغرافي الطويل وإطلالة العالم العربي على مساحة واسعة من البحار والمحيطات وامتلاكها أهم الممرات البحرية في العالم أعطاها ورقة قوية يمكن استخدامها في أي وقت ضد أي عدو يتربص بها شرا وبهذه الخاصية وحدها تستطيع أن تلعب الأمة العربية دورا كبيرا في رسم ملامح السياسة العالمية وتغييرها لصالح المستضعفين ضد المستكبرين وأن تستعيد دورها السيادي ومكانتها العالمية لتصبح بحق خير أمة أخرجت للناس.

رابعا: المقومات الاجتماعية:

تملك أمتنا العربية من الروابط والأواصر الاجتماعية ما لا تملكه أي أمة أخرى فهي تمتاز عن غيرها بوحدة الدم والنسب كما تملك الشعور بأهمية المحافظة على تلك الأنساب والاعتزاز بها لهذا أفردت لها بابا من العلم وعددا من العلماء الذين تخصصوا في هذا الفن وألفوا فيه كتبا كثيرة ونما فيها الافتخار بالأنساب وهذا الشعور جعل من العرب أكثر الأمم تقبلا لبعضهم البعض كما نتج عنه تشابههم في عاداتهم وتقاليدهم التي بدورها نمت في أوساطهم الرضا بالآخر وسهولة تقبله والتعايش معه وهذا يعتبر من أهم العوامل في استعادة الأمة لوحدتها ولحمتها وألفتها ونبذ كل أسباب الفرقة بينها أضف إلى ذلك ما ورد في الدين الحنيف من أوامر ونواهٍ تشجع على الوحدة وتنهى عن الفرقة.

ولا ننسى وحدة وتشابه العادات والتقاليد بين القبائل العربية مما يسهل عليها ردم الشرخ الكبير الذي أحدثه أعداؤها بينها على مر العصور ولا زالوا يعملون باستمرار على توسعة هوة الخلاف والفرقة وتمزيقها كل ممزق حتى اليوم.

كل هذه المقومات وغيرها تعتبر حوافز قوية وعوامل مساعدة على وحدة الأمة ولم شملها مما يسهل عليها اتخاذ قرارات قوية وفعالة في صراعها المستمر مع أعدائها.

لكن لماذا ضعفت هذه الأمة واستكانت لأعدائها وهي تملك مقومات الصمود ومؤهلات السيادة؟

لماذا وصلت إلى هذا المستوى المخزي من التشظي والانبطاح المشين؟

بالتأكيد هناك أسباب وعوامل تكمن وراء انهيار الأمة الفظيع وانحطاطها المهين ومن أبرز تلك الأسباب: 

١-  التنصل عن حمل المسؤولية:

لقد شرف الله هذه الأمة بأن جعلها مهدا لرسالاته واصطفى منها خاتم رسله وسيد خلقه وأنزل بلغتها كتابه الكريم الذي جعله مهيمنا على كل كتبه السابقة وهذا التشريف ترتب عليه مسؤولية عظيمة وسامية هي تتلخص في أمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر وإيمانها بالله حتى تقدم من خلال التزامها بدين الله واستقامتها شهادة لله على جميع الأمم على عظمة وأهمية وجدوائية كل ما جاء من عند الله سبحانه وتعالى ثم جعل رسوله شاهدا عليها بكمال دين الله وعظمة أخلاقه وقيمه ومبادئه وقدرته على إصلاح واقع الإنسان ونفسيته وأخلاقه حتى لا يبقى لها عذر إن هي قصرت وانحرفت عن الصراط المستقيم.

وهذا للأسف ما حدث فقد تخلت الأمة عن مسؤوليتها في تبليغ دين الله وتجسيده والالتزام به منذ وقت مبكر وكان لهذا تبعات منها انحرافها عن الخط السوي واتباعها لكل ناعق ممن جرجرها نحو الهاوية ودجنها لأعدائها وتنقل بها من مزلق إلى آخر حتى وصلت إلى ما وصلت إليه من ذلة ومسكنة أمام حفنة من اليهود الذين ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة فعظم خطبها وكثرت مشاكلها وخسرت مكانتها وممتلكاتها وتنكرت لقيمها ومبادئها فكل ما تواجهه اليوم من مشاكل لا فكاك عنها إلا بتحمل المسؤولية والتحرك الجاد والواعي لمواجهتها والتصدي لها.

اليوم كل هذه الفتن والمؤامرات والحروب  التي تستهدفنا ماهي إلا نتاج تخلينا عن مسؤوليتنا على مر العصور والأجيال فالاختلالات الكبيرة في واقع الأمة على مدى قرونٍ من الزمن، تفاقمت في الآونة الأخيرة، وتعاظمت وازدادت وكبرت في واقع الأمة، وأصبح لها تداعيات ونتائج سلبية لها آثار سيئة، وكلما تعاظم الخلل تعاظمت معه نتائجه السلبية والكارثية في واقع الأمة؛ فعظمت تلك النتائج السلبية والسيئة والخطيرة والكارثية بقدر ما عظم هذا الخلل في واقع الأمة، وهذا بدوره أثر على مدى تحملها  لمسؤوليتها التاريخية التي حملها الله إياها، وقد شملت هذه الاختلالات الوعي والمشروع، والالتزام الأخلاقي، والمبدئي والقيمي، بكل ما ترتب عليها من نتائج صنعت في واقعنا الكثير من المشاكل والأزمات؛ فسُنّةُ الله تقتضي ألا يحدث كل ما حدث من دون أن تدفع الأمة ثمن تفريطها وانحرافاتها بل لا بد لها أن تدفع ثمن ذلك قال تعالى{ظَهَرَ ٱلۡفَسَادُ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ بِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِي ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعۡضَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (الروم:٤١)

وقال تعالى{أَوَلَمَّآ أَصَٰبَتۡكُم مُّصِيبَةٞ قَدۡ أَصَبۡتُم مِّثۡلَيۡهَا قُلۡتُمۡ أَنَّىٰ هَٰذَاۖ قُلۡ هُوَ مِنۡ عِندِ أَنفُسِكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (آل-عمران:١٦٥)

فهذه هي سنة الله مع من قبلنا من الأمم السابقة التي حملّها الله المسؤولية  ففرّطت، وقصّرت، وتوانت، وأخلّت حتى في التزامها هي، ما بالك فيما تقدمه للعالم؛ عوقبت، وأُوخذت على ذلك، وعاقبها الله عقاباً شديداً جدًّا {وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً}.

٢- الانحراف المبكر ورفض التوجيهات النبوية:

بدأت بوادر الانحراف ورسول الله لا يزال حيا بين أوساط أصحابه وقد تمثل ذلك الانحراف في رفض البعض من المسلمين الالتحاق بجيش أسامة الذي وجه رسول الله صلوات الله عليه وآله بإنفاذه أكثر من مرة “أنفذوا جيش أسامة” لكنهم ماطلوا ثم في رزية الخميس عندما أمر رسول الله أن يأتوه بدواة وقلم يكتب لهم ما لا يختلفون فيه بعده فرفض عمر طلب رسول الله وقال لهم “دعوه فإنه يهجر”.

 ثم توجت تلك الاختلالات بالانحراف الأكبر في يوم السقيفة عندما تركوا الإمام علياً عليه السلام يتولى تجهيز رسول الله ودفنه بعد أن التحق بالرفيق الأعلى وهرعوا للاجتماع في سقيفة بني ساعدة ليخالفوا ما وجههم إليه الله ورسوله من وجوب تولي الإمام علي عليه السلام ويعقدوا بولاية الأمر لغير أهلها وهذا الانحراف والمخالفة الصريحة لرسول الله كان لها تبعاتها في واقع الأمة ومستقبلها ومنها التيه والضياع والبعد عن جادة الصواب وخسارة الكثير من الإنجازات التي كانت ستتم للأمة لو تولى قيادتها الإمام علي وأمثاله من الصالحين بدلا من معاوية ويزيد وأشباههم ممن أفقدوا الكثير والكثير جدا من الإنجازات بل أضروا بها الضرر  البالغ الذي ما زالت تعاني منه حتى الآن ومنه سنن السوء التي سنوها والحقوق التي أضاعوها والثقافات المغلوطة التي نشروها كوجوب طاعة الوالي وإن سلب مالك وقصم ظهرك وجواز أن يلي أمر الأمة من كان حتى وإن كان عبدا حبشيا كأن رأسه زبيبة وغيرها من الثقافات التي دجنت الأمة لطاعة الطغاة والظلمة وبسطت لها التعامل مع اليهود والنصارى والقبول بهم حتى ولو تلطخت أيديهم بدمائها وهو ما نراه ونلمسه في تطبيع بعض الأنظمة والشعوب العربية مع الكيان الإسرائيلي والتماهي معه بل وصل بالكثير من علماء البهتان ومثقفي الباطل أن يدافعوا عن كيان الاحتلال ويبرروا له جرائمه بحق أطفال ونساء الشعب الفلسطيني في معركة طوفان الأقصى وما سبقها من مجازر بحق الشعوب العربية.

وهذا دليل واضح على خطورة الانحراف وأنه واحد من أهم العوامل التي دفعت بالأمة نحو الهاوية.

٣- التبعية العمياء للأعداء والانبهار بالحضارة الأوروبية:

لقد لعبت بهارج الحضارة الأوروبية وما أكسبهم التطور من قوة وهيبة بعقول الكثير من سذج العالم ومنهم الكثير من علماء ومثقفي وقادة الأمة العربية وهذا بدوره عزز عندهم التبعية وسهل لهم هذه الخطيئة وقد ظهر كثير من المفكرين والعلماء والمثقفين والقادة والإعلاميين العرب الذين نادوا بوجوب اللحاق بركب الحضارة الغربية لكن بطريقة معكوسة وسلبية وهي تقليد الغرب في رذائله وأزيائه ومجونه أما تقدمه العلمي فقد بقي بعيد المنال وهو ما لم يسمح الغرب بتقليده فيه ومن هنا ولدت تلك الدعوات التي راجت في العقود السابقة فكرة وجوب التماهي في الانبطاح للغرب حتى يسمح بكسب المزيد من وده ورضاه كما ولدت فكرة تقديس الرجل الغربي وأنه هو الأذكى والأقدر في كل شيء، أما العربي فهو رجل مهزوز الثقة حتى في نفسه وبهذا محت من الذهنية العربية كراهة التبعية لليهود والنصارى التي كان الرجل العربي يمقتها ويعتبرها ضربا من الإهانة وصار عربي اليوم يرى في الصداقة أو الزمالة الأوروبية والأمريكية غاية الشرف والرفعة بل حدا الأمر بالبعض للتنكر لدينه وأمته وعروبته فتركوا الدين وأعلنوا الإلحاد مثل الغربي، وانتقد أمته وغمطها الكثير من مزاياها وامتدح الأمم الأخرى بما ليس فيها وهكذا مثلت التبعية واحدة من أضر العوامل التي دفعت بالأمة نحو الاستكانة والذلة ولانبطاح.

٤-سياسة الأعداء الملونة في إخضاع الأمة:

لعب اليهود والنصارى دورا كبيرا في جرجرة الأمة نحو حتفها وهم وراء كل مصيبة نالت هذه الأمة سواء من فقر أو ضعف أو شتات أو عداوة أو ضلال أو فساد أو غير ذلك وقد لعب أعداء الأمة جميع الأدوار في جميع المجالات وعلى كل الأصعدة سياسيا واقتصاديا وفكريا وثقافيا وعسكريا واجتماعيا فلم يتركوا زاوية إلا ودخلوا منها ولا نقطة ضعف إلا واستفادوا منها ولا فرصة إلا واستغلوها ولا مشكلة إلا وفعلوها فحاربوا الأمة وقتلوا أعلامها وعلماءها ونهبوا ثروات الأمة وحاصروها وأفقروها وأثاروا الفتن وشجعوا الخلافات ونشروا الدعايات والشائعات وشوهوا الإسلام ونبيه وكتابه، وفعلوا الأفاعيل المنكرة والكبيرة بحق هذه الأمة، وهذا بدورة أفقد الأمة صوابها والقدرة على السيطرة على أوضاعها وتلافيها أخطاءها وحرموها من كل مقومات الحياة الكريمة وأمعنوا من خلال الاحتلال المتكرر والمتنوع في إذلالها وقهرها وتعزيز الهزيمة النفسية لديها مما أوصلها إلى حد القناعة بأن موالاتهم والرضوخ لهم هو الحل الأمثل والأسلم لها موهمين لها بأن التطبيع معهم والتبعية لهم هو ما سيحل مشاكلها ويخلصها مما هي فيه وهم إنما يزيدون الطين بلة.

قد يعجبك ايضا