السيد نصر الله.. علوُّ الهمة وصلابة الإرادَة والأهداف الكبيرة
غيث العبيدي
كاتب عراقي
من بين أحضان الإسلام نهض السيد حسن نصر الله، وفي قلبه بذور الرحمة والرأفة، وتجري في عروقه نيران القوة.
وفي الوقت الذي تخلى فيه أغلب العرب، والسواد الأعظم من المسلمين، عن مسؤولياتهم الدينية والأخلاقية، انقطع نصر الله عن العالم تمامًا، ونظر إليه على أنه صراع بين الخير والشر.
فتدرب على تحمل المسؤوليات ضمن إطار مشتركٍ يعتمد المعتقدات الإسلامية والقيم الأخلاقية، فسلك طريق الخير وترجمه إلى واقع.
لم يتململ، ولم يأنِ، ولم يرتجف، ولم نشهد أنه ابتلع شفتَيه في كُـلّ خطاباته.
فاحتضن الدين ولبنان وفلسطين بين أحضانه، وعزّز قدرات رفاقه، وألهمهم، وحفّزهم، وربط أعمالهم بقيم ذات معانٍ إيثارية، ودفعهم نحو تحقيق الأهداف الكبيرة، حتى أصبحوا جميعهم قادة.
كثر الحديث في العقود الأخيرة من قبل الأنظمة السياسية والنخب والقامات الثقافية الغربية عن أزمات الإسلام وحالات المسلمين، وانتصار النموذج الغربي عليه بلا منازع.
وحرصوا على أن لا يكون للسيد حسن نصر الله مكانة بين المسلمين، تحديدًا، وأنه يحمل أبعادًا قيمية وأخلاقية قلّ نظيرها، فضّحت المأزق الأخلاقي الغربي وما يعيشونه من تناقضات كبيرة بين ما يعلنون عنه في الدروس والمحاضرات، وما يقدمونه فعلًا على أرض الواقع.
وحتى لا يذكّرهم نصر الله بعلي بن أبي طالب، ولكي لا يكون حسين هذا العصر، ولا خميني هذه الأُمَّــة الذي سيمنح المسلمين الإحساس بالقوة فيصبحوا تحت تصرفه، حاصروه حتى اغتالوه.
وخلافًا لكل التصورات الساذجة والاعتقادات السخيفة التي يحملها الخطاب الإعلامي الرسمي وغير الرسمي -بأن ما حصل لحزب الله والسيد نصر الله لم يكن ليحصل لو لا مساندتهم لحركة حماس والاشتراك المباشر في معركة “طوفان الأقصى”- فإن الحقيقة الموضوعية تشير إلى أن الغرب والسعوديّة والإسلام الأموي اتفقوا على أن لا تتكرّر حكاية الإمام الخميني بشخص السيد حسن نصر الله.
يقول المفكر الإيراني علي شريعتي:
«أما علي بن أبي طالب فلا يعرف “المصالح”، ولا يداري أحدًا، ولا يساوم على الحق؛ مِن أجلِ المصلحة.
روحه ليست روحًا تستوعب المصالح، روحه قطعة واحدة: حق وحقيقة مطلقة».
وفي سياق الربط بصفة مشتركة بين الجدّ علي بن أبي طالب «عليه السلام» وحفيده السيد حسن نصر الله «رضوان الله عليه»، أعتقد إن نصر الله كذلك.