الغدير: ميثاق الولاية ومواجهة التطبيع والتبعية

عبدالله عبدالعزيز الحمران

الغدير ليست مُجَـرّد ذكرى تاريخية يحتفل بها المسلمون، بل هي محطة فاصلة في مسيرة الأُمَّــة، حَيثُ بيّن النبي محمد صلى الله عليه وآله معيار الاصطفاء الإلهي في اختيار ولي الله على الأرض بعده، الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام. هذه الولاية ليست ارتباطًا وجدانيًّا فحسب، بل هي خلع للطاغوت، وتمسّك بخط الله في مواجهة الطغيان.

في زمن تزداد فيه مشاريع التطبيع والتبعية، يظل الغدير منارة تهدي الأُمَّــة إلى مواقف الحق، وترسم أمامها طريق الثبات والمواجهة.

 

الولاية: منهج إلهي وثورة على الطغيان

الولاية في الغدير ليست شعارًا عاطفيًّا، بل اختيار سياسي وفكري وعقائدي. إنها رفض لكل أشكال الطغيان، وتمسك بخط الله ورسوله، لا بالأنظمة العميلة والمستكبرة التي تسعى لطمس هُوية الأُمَّــة وإذلالها.

كما قال الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، الولاية هي خلع الطاغوت، والتزامٌ بخط الله في كُـلّ زمان، موقف لا يقبل المساومة، ولا يتغير بتغير الظروف أَو التحالفات.

 

الغدير اليوم: مواجهة التطبيع والتبعية

في ظل الهجمة الشرسة على قضايا الأُمَّــة، وسقوط بعض الأنظمة العربية في فخِّ التطبيع مع الكيان الصهيوني، يصبح الغدير معيارًا للتمييز بين المخلصين لوطنهم وأمتهم، وبين الذين باعوا قضيتهم مقابل مصالح دنيوية ضيقة.

الغدير اليوم عنوان المقاومة، وَصوت الأحرار الذين يرفضون أن تُباع فلسطينُ أَو تترك غزة وحيدة في مواجهة عدو الأُمَّــة جمعاء.

 

الغدير في اليمن: صمود ووفاء لنهج الإمام علي

اليمن، الذي يحيي ذكرى الغدير بقلوب تنبض بالجهاد والمقاومة والعزة، هو التجسيد الحي لقيم الولاية. فـالشعب اليمني يختار في كُـلّ لحظة جانبَ الحق، ويدافع عن استقلاله وكرامته، ضد كُـلّ أشكال العدوان والهيمنة.

هذا الصمود، كما يعلّمنا قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، هو تجسيدٌ حي للغدير في زماننا، هو استمرار لمشروع الإمام علي، مشروع الأُمَّــة القوية التي لا تخضع للطغاة ولا للخونة.

 

الغدير رفضٌ للشرعية الزائفة والتبعية السياسية

كما رفض الإمام عليٌّ أن يبايع على باطل، يرفض الشعب اليمني وكل أحرار الأُمَّــة الاعتراف بشرعيات تخدم مصالح أعداء الله. فالولاية هي الالتزام بالقرآن وبقيادة الولاية التي أمر الله بطاعتها، لا بالزعامات المصنوعة في معسكرات الاستكبار.

 

الغدير مشروع حضاري ونهضة أُمَّـة

الغدير أَسَاسُ بناء أُمَّـة قوية، قائمة على الطاعة لله ورسوله، وعلى الولاء لقائد الحق، الذي يقود الأُمَّــة نحو التحرّر من الاستعمار، ويكسر قيود التبعية، ويحقّق نهضة حضارية شاملة للأُمَّـة العربية والإسلامية.

 

الغدير تبنٍّ لقضية الأُمَّــة الكبرى وفي مقدمتها فلسطين

من اختار الولاية الحقة لا يمكن أن يتخلى عن القدس أَو عن دماء أطفال فلسطين. فالولاء لعلي هو ولاء لخط الجهاد والمقاومة، ضد الاحتلال، وضد كُـلّ أشكال الظلم والفساد.

الغدير بصيرةٌ في زمن الفتن ومدرسة ثبات في زمن التضليل والغدر، يُعيد الغدير للبوصلة مكانها، ويعلّم الأُمَّــة الثبات أمام المحن، وعدم التهاون في دينها، مهما كثرت الضغوط والمغريات.

الغدير ليس حدثًا من الماضي، بل عهدٌ دائمٌ وعقيدة حية في قلوب المؤمنين.

هو خيار الأُمَّــة بين الحق والباطل، بين الولاية والطاغوت، بين المقاومة والاستسلام. في كُـلّ زمان ومكان، يظل الغدير منارة تهدي إلى طريق العزة، وتعلن أن الولاء لله ورسوله ولأوليائه هو السبيل الوحيد لنيل النصر والكرامة والعزة.

 

قد يعجبك ايضا