المقاومة الثقافية.. هل تكرّر “القوات”… مؤامرة الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982؟

د. نسيب حطيط*
يبدو أن القوات اللبنانية واليمين المسيحي، يسعون لتكرار هذا الاجتياح، الذي اعترف جوزيف أبو خليل، عضو المكتب السياسي للكتائب اللبنانية بمشاركة القوات بالتحضير والتخطيط له (كنا نرى أن الاجتياح سيصل إلى العاصمة، وكنا غير قادرين على استيعابه، أردناه ضمنيًا لكننا كنا نخشاه… وأشار بشير الجميل لشارون بضرورة الوصول إلى حيث كان يتلقى تعليمه في مدرسة “الحكمة”، مشيرًا إليها من إحدى التلال المشرفة في بعبدا) وبدأ الاجتياح الإسرائيلي لبيروت عقب محادثات بين “يشير الجميل” وإسرائيل ،سبقتها معركة توحيد البندقية المسيحية التي قادها بشير الجميل وشهدت ارتكاب مجازر مثل مجازر الصفرا ضد نمور الأحرار، لهدفين أساسيين استطاعت تحقيقهما ،نفي المقاومة الفلسطينية ونزع سلاحها وتوزيعها على الشتات، وانتخاب بشير الجميل رئيسًا للجمهورية في ظل ما سمي بـ “ديمقراطية الدبابة الإسرائيلية” لكن سرعان ما اغتيل على يد مقاوم من الحزب السوري القومي ويبدو أن القوات اللبنانية، ومعها أمها ” الكتائب العجوز”، تسعى لإعادة عقارب الزمن إلى الوراء والاستعانة بالعدو الإسرائيلي ثانية، لتحقيق هدفين جديدين :
– أولاً، القضاء على المقاومة اللبنانية كما جرى للمقاومة الفلسطينية ونفيها.
– ثانيًا، الوصول إلى السلطة وتولي زمام الحكم.

ان القوات وبعض الأحزاب والشخصيات اللبنانية يعملون لإعادة الإمساك بالسلطة في لبنان، وفرض ثقافة التبعية، وإبقاء لبنان ،محمية غربية_إسرائيلية تكون واحة تحتاجها أمريكا لقيادة المنطقة وتأمين مصالحها العسكرية في العالم العربي، وتحتاجها إسرائيل للماء والغاز ونافذة تسويقية وثقافية وإعلامية على العالم العربي والإسلامي، وذلك لتكرار تجربة “دولة لبنان الحر” في الشريط الحدودي بقيادة سعد حداد، وتأسيس “لبنان الحر” بقيادة “سمير جعجع” الذي لا يستطيع انتظار السنوات الخمس القادمة لانتهاء ولاية الرئاسة الحالية، لذا يشن حربًا داخلية على المقاومة ويستفز طائفتها على مستوى العقيدة والثقافة والسلوك ،ويشن حرباً ضد الرؤساء الثلاثة، ضد رئيس الجمهورية لأنه يرفض الصدام مع المقاومة حتى الآن، وضد رئيس مجلس النواب الذي يعرقل التفسير الدستوري لطموحات “جعجع” الانتخابية، وضد رئيس الحكومة بتهمة التباطؤ في نزع سلاح المقاومة بينما تعلن القوات اللبنانية، بقيادة جعجع، تحالفها العلني مع النظام التكفيري في سوريا والجيش الإسرائيلي، وتتبع الإدارة الأمريكية اتباعًا أعمى، معاديةً بذلك النظام السياسي ومؤسساته الدستورية والمقاومة وطائفتها.
تواصل القوات اللبنانية بقيادة جعجع حروبها في لبنان حتى تهجير آخر مسيحي وتسهيل إحتلال آخر شبر محرّر، مع العلم أن كل معاركها بقيادته كانت خاسرة، وأدّت إلى تهجير المسيحيين وحصرهم في نطاق ضيق في جزء من جبل لبنان، كغلاف للسفارة الأميركية في “عوكر” فقد خرجت القوات بقيادة جعجع مهزومة من معركة زحلة ضد الجيش السوري، وخاضت حربًا ضد الدروز في الجبل وتركتها إسرائيل وحيدة فخرجت بالباصات، كما خرجت مهزومة من حرب شرق صيدا، وخرجت مهزومة من معركة الإلغاء التي خاضتها ضد الرئيس ميشيل عون ويمكن القول إن ما فعله جعجع بالمسيحيين لم يفعله أي طرف إسلامي أو خارجي، وإذا استمر في نهجه الإنتحاري ،فإن الوجود المسيحي في لبنان سيبقى في خطر!
إن هجومه الأخير على رئيس الحكومة، بتهمة التباطؤ بنزع سلاح المقاومة وحصرية السلاح، وبالنظر إلى تاريخه الدموي وطريقته في حسم النزاع السياسي مع الرئيس رشيد كرامي ودوري شمعون وميشال عون وطوني فرنجية وغيرهم والتي أدانه القضاء فيها_ ولم يخرج من السجن إلا بعفو_، ينذر بأن الخطر بدأ يحدق، “برئيس الحكومة”، مخافة ان يحسم النزاع معه كما فعل مع الآخرين ،لإتهام المقاومة وإشعال الفتنة الداخلية السنية_الشيعية، كمرحلة أولى، تليها حرب أهلية ثانية تُشعلها القوات واليمين المسيحي بالإستعانة بالجماعات التكفيرية من الشرق والشمال، وبالجيش الإسرائيلي من الجنوب، والأمريكيين وأدواتهم في قلب لبنان.
يبدو أن من شارك في العفو عن قائد القوات اللبنانية، ارتكب خطيئة كبرى بإعادة التحضير للحرب الأهلية اللبنانية الثانية التي سَتحرق الجميع، حتى لو كان هدفها الأساسي هو إحراق المقاومة وطائفتها. إستناداً الى ماقاله رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق الجنرال “غيورا آيلند” في الذكرى الأربعين للحرب الأهلية اللبنانية ( الكتائب فاشيون وعنصريون، وتنظيم جبان وخائن)..والقوات “إبنة” الكتائب!
إن غامرت القوات ومن معها ..لتكرار تجربة اجتياح 1982..فستكون النتائج لصالح المقاومة كما انتهى اجتياح عام 1982….انسحاب إسرائيلي…فرار أميركي ..وخسارة القوات والكتائب كما خسروا سابقا.. ولو بعد عشرين عاماً !
*كاتب لبناني

قد يعجبك ايضا