اليمن.. شعبٌ وجيشٌ واعي وموحد كدرع للأمة

عبدالحكيم عامر

في زمنٍ تمزّقت فيه أوصال الأمة، وتبدّدت فيه إرادات الشعوب بين أروقة السياسة والتطبيع، يبرز اليمن بوقف استراتيجيٍّ وتاريخيٍّ في المشهد العربي والإسلامي، شعبٌ موحد، وجيشٌ امتدادٌ له، وشهادةٌ نموذجٌ لمعنى الوعي، وقدرةٌ وطنيةٌ متنامية في البناء العسكري، ورفضٌ قاطعٌ للمهادنة مع العدوّ مهما كانت المغريات أو التهديدات.

إنّ هذه الوحدة بين الشعب وجيشه كانت ثمرة مشروعٍ إيمانيٍّ نهضويٍّ يقوده السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي “حفظه الله”، يقوم على ترسيخ العلاقة بين الوعي والميدان، بين العقيدة والسلاح، بين الروح والثبات، وهذا خلاصة مسارٍ طويلٍ من الوعي والصمود والمواجهة، تجسّد في سلوكٍ شعبيٍّ جمعيٍّ وتحولٍ نوعيٍّ في الرؤية والبناء والقرار.

إن المسيرة القرآنية نجحت في تحويل الشعب إلى طاقةٍ واعيةٍ تقرأ الأحداث وتشارك في صنع القرار وتتحمل مسؤوليتها في مواجهة أي عدوان، لتصبح الجبهات العسكرية انعكاسًا لوعيٍ شعبيٍّ متراكمٍ ومتجذر.

لقد أثبت اليمن أن الشعوب التي تملك مشروعًا وقيادةً صادقة تستطيع أن تصمد أمام أعتى التحالفات، في هذا الإطار، يقرأ اليمن الصراع كساحةٍ لتحديد من هو المنتمي للأمة، ومن هو الخائن لها، من يقف مع قضاياها المركزية، ومن يبيعها في أسواق السياسة.

أدرك اليمنيون أن السلاح مهما تطوّر لا يُغني عن الوعي، لأن الوعي الشعبي سلاح إستراتيجي، فبدون الوعي يصبح المجتمع هدفًا سهلاً للحرب النفسية والدعاية المعادية.

لذلك، بُنيت التعبئة الشعبية في اليمن على أساسٍ قرآنيٍّ متينٍ يُحصّن الجبهة الداخلية من الاختراق، ويجعل الشعب شريكًا في المعركة لا متفرجًا عليها،

ومن خلال الخطب والمحاضرات القرآنية للسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، ووسائل الإعلام المقاوم، والمناهج التوعوية، تكوّنت ثقافةٌ جديدةٌ ترى في المقاومة مسؤوليةً جماعية، وفي الوعي سلاحًا لا يقلّ فتكًا عن المدفع والصاروخ.

وفي ظل الحصار الشامل والتجويع المتعمّد، استطاع اليمن أن يبني قدراته العسكرية بوسائل بسيطة وإمكانات محدودة، ليتحوّل إلى قوةٍ استراتيجيةٍ مستقلةٍ في المنطقة.

الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة التي أربكت حسابات تل أبيب وواشنطن والرياض، لم تأتِ من مختبرات الشركات الأجنبية، بل من ورشٍ يمنيةٍ آمنت أن من يمتلك الإيمان والإرادة يستطيع أن يصنع المعادلة، هذا التحوّل العسكري أتى من منطلق الدفاع عن الكرامة والسيادة، بما يجعل السلاح اليمني سلاحًا وطنيًا أخلاقيًا، مرتبطًا بقرار الشعب لا بصفقات الخارج.

لم يتورّط اليمن في أي شكلٍ من أشكال التطبيع أو المهادنة مع الكيان الصهيوني أو القوى الأمريكية، بل على العكس، كان موقف صنعاء من أوضح المواقف العربية والإسلامية وأكثرها قوة وصراحةً وصلابةً ضد العدوّ الإسرائيلي والأمريكي.

فمنذ معركة “طوفان الأقصى”، كانت اليمن الجبهة الوحيدة التي أعلنت بوضوح: المواجهة مفتوحة، والبحر الأحمر لن يكون ممرًا آمنًا للعدوّ الإسرائيلي.

لقد صار اليمن ضمير الأمة ودرعها وسيفها، وصار جيشه وشعبه عنوانًا لزمنٍ جديدٍ تكتب فيه المقاومة والجهاد تاريخها بدماء الشهداء، وترسم فيه إرادة الشعوب المقهورة طريقها نحو الحرية والاستقلال، وهنا، يُقدّم اليمن درسًا للأمة أن الوعي سلاحًا لا يقلّ فتكًا عن الصاروخ، فالوعي يتحول الى حركةٍ وجهادٍ، يُمكن أن يصنع المستحيل.

قد يعجبك ايضا