اليهود… والاستهداف الممنهج للإسلام والمسلمين 

 

اليهود… والاستهداف الممنهج للإسلام والمسلمين 

يحفل تاريخ أمتنا العربية والإسلامية بكم هائل من النكبات التي توالت على مدى قرون من الزمن بدءًاً من اليوم الأول الذي ودعت فيه رسولها الكريم محمد -صلوات الله عليه وعلى آله-وأدارت ظهرها لتوجيهاته وأوامره لتتوجه بكل شوق نحو من كان السبب الرئيس فيما نالها من ظلم واضطهاد على أيدي أعدائها من اليهود وأتباعهم.

وكل ما نال الأمة في حقيقة الأمر ما هو إلا صنيعة يهودية بامتياز فاليهود ولا أحد غيرهم من خطط ودبر تلك المكائد والنكبات والآخرون إنما هم منفذون.

وعندما نعيد النظر في أسباب تلك الكوارث والمصائر المحزنة والمؤلمة لكثير من بلدان المسلمين ومعاقلهم على بساط الكرة الأرضية نجد ولا ريب أن تلك المآسي والنكبات لم تكن مجرد صدفة أو ضربة حظ للأعداء بل كانت فعلا نتاج قصور وتقصير منذ قرون سلفت كان بدايتها يوم قلبت ظهر المجن لأوامر الله سبحانه وتعالى ولتوجيهات رسوله الكريم وتذكير الإمام علي عليه السلام ناسية أو متناسية دعوة رسول الله عليها بالخذلان والعداوة الإلهية إن هي خذلت عليًّا (من كنت فهذا علي مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله) ثم ما تلاه من تخاذل وتفريط بحق أعلام الهدى من بعده كالإمام الحسن والحسين وزيد عليهم السلام وغيرهم.

والأقبح من ذلك قبولها بأن يلي أمرها معاوية ويزيد وأمثالهما من بني مروان وبني العباس ومن شاكلهم الذين لم يكونوا بأدنى مرتبة من الإسلام ولم يهمهم أمر هذه الأمة لا من قريب ولا من بعيد حتى ولو على هامش اهتمامهم بملذات الحياة وإشباع شهواتهم ولم يخطر أمر الأمة ومصيرها لهم ببال.

وعندما خذلت عليا كانت آثار الاستجابة الإلهية لدعوة رسول الله تتجسد يوما بعد آخر في ابتعادها عن هدى الله وفي سلب التوفيق لها بالرجوع نحو جادة الصواب رغم دعوات مَن هم أحرص الناس عليها وأقدر الناس على رعايتها وقيادتها وهدايتها وتزكيتها، مَن لديهم الحل ويعرفون المخرج الحقيقي من تلك الهوة السحيقة التي أوقعت نفسها فيها، أولئك الذين كابدوا الحزن والألم على ما هي فيه من التيه وسوء المصير فلم يهنأ لهم عيش وهم يرونها تجرجر نحو حتفها وخسرانها بل ينهضون ليستنقذوها رغم ما فعلت فيهم من مآسٍ يندى لها جبين التاريخ، فتتلقاهم بحرِّ جلاديها، ورماح ساقطيها، وتتنكر لحقهم جبروتها وخشونتها، فيتساقطون شهداء بين أوساطها بسيوف محسوبة عليها

ولأنها رضيت بالقعود خلف تلك الزمر الفاسقة ودانت بالطاعة لمن لم يتقن إلا اضطهادها وظلمها  ولمن لا يفهم من مقومات القيادة غير فريها بالسيف وإلهابها بالسياط فقد أفقدها هذا القعود مكانتها في ريادة العالم وقيادة الأمم وأنى لها ذلك وهي من تخلت عن مسؤوليتها التي أوكلت إليها في هداية البشرية وإخراجهم من ظلمات الجهل إلى نور الإسلام وتخليصهم من عبودية الطاغوت إلى عبودية أرحم الراحمين {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ }آل عمران110 أنى لها ذلك وهي من اتبعت المنكر وعبدت الطواغيت من الأمويين والعباسيين ومَن سار على نهجهم، وقدست دعاة الضلال من علماء البلاط وطلاب السلطة والمال الذين حرفوا دين الله وانحرفوا بعباده عن هديه فنسجوا لها من الإفك ما هو أوهن من خيوط العنكبوت فاستساغت التأرجح على بهتانهم من الركوب في سفينة النجاة الحقيقية التي ما فتئ قبطانها ينادونها يا أمة جدنا محمد هلمي إلى عز الدنيا ونعيم الآخرة فما تجيبهم إلا بذوائب السيوف وأسنة الرماح غير آبهة بالنور النبوي والهدي الإلهي الذي يسطع ويشعشع من تلك السفينة العظيمة مكتفية بالهرولة نحو ألد أعدائها تتبعهم اتباعا، القذة بالقذة والخطوة بالخطوة حتى أدخلها فيما هو أسوء من جحر ضب بألف مرة.

وما عساها تكسب من عدو لاهم له إلا الفتك بها والنيل منها ولا شغل له في الحياة إلا صناعة النكبات وحياكة المؤامرات ورسم أخبث الخطط للإيقاع بها ولا أمنية له في هذه الدنيا إلا أن يراها ذليلة بائسة تتخطفها الأكَلَة من كل صوب

فجنت من تقصيرها ما لا يحمد عقباه، فما عساها كسبت من وراء ذلك غير الشر والوبال والنكال ما جنت إلا النكبات والمآسي والضياع وخسران الدنيا والآخرة.

ونحن حينما نعرض بعضا من مآسيها على أيدي من ينادي اليوم بضرورة التطبيع معهم ومد يد الصداقة لهم إنما لنؤكد للقارئ الكريم مدى غباء أولئك السذج من دعاة التطبيع، ومدى حقد اليهود وأتباعهم على الإسلام وأهله، ولأنه يطول المقال عند هذا الموضوع فقد فضلنا أن يكون حديثنا في ما نُسِي من نكبات المسلمين وخاصة تلك الشعوب التي كانت أشد معاناة وأكثر تضررا من غيرها ومنها شعوب البلقان الإسلامية أو ما يعرف بآسيا الوسطى التي نكبت على أيدي الشيوعيين من الروس والصينيين والتي كانت تضم أكثر من مائة مليون مسلم أهمها تركستان الغربية والشرقية -أيدل أورال- وسيبيريا والقرم -والبوسنة في يوغسلافيا وألبانيا وتزيد مساحة هذه البلدان عن مساحة قارة أفريقيا

وقد دافعت هذه البلدان عن الإسلام ردحا من الزمن ويكفي القول أنها حكمت روسيا لقرون وأن والي موسكو كان مسلما تابعا للإمبراطور المسلم بركة خانو وأن روسيا نعمت في ظل الإسلام بالهدوء والطمأنينة وأمنت من وحشية الصقالبة الروس وهذب الإسلام من طباعهم الشريرة وحين تراخى المسلمون هاجم الروس تلك البلدان الإسلامية في حرب صليبية قادها اليهود وخططوا لها مشحونة بحقد دفين على الإسلام وخبث يهود الخزر وقد وقعت مظالم تقشعر لها الأبدان واستعبدت شعوبا بأكملها.

 لكن المسلمين ظلوا يقاومون هذا الاحتلال حتى جاءت الشيوعية بخبثها عام  1917م تحمل معها شعار العدل والمساواة وحرية التعبير وقدمت زعاماتها  أمثال لينين وستالين وعوداً للمسلمين بضمان حريتهم العقائدية والفكرية وعدم المساس بمقدساتهم وكافة حقوقهم الشرعية والمدنية فانطلقوا يؤيدون البلاشفة وساهموا في تمكين ثعالب الغدر من بلدانهم ورقابهم.

ولكن الوافد الجديد ما لبث أن أوقع ما بين المسلمين بعضهم بعضا فشاعت الخلافات والتفرقة وغروا الكثير من المسلمين بأوهام ضالة ثم أوقعوا بين المسلمين وغير المسلمين غير أن هذا المكر لم يجديِ نفعاً، فعزمت الروس فرض قوتها فأصدر لينين أمرا باحتلال كل البلدان الإسلامية وضمت كلا من جمهورية أيدل أورال والقوقاز وتركستان وشبه جزيرة القرم، وفي 1921م هجم الروس على بخارى المتاخمة لدولة أفغانستان ثم لجأوا إلى تمزيق تركستان الغربية إلى خمس جمهوريات صغيرة تدار من قبلهم وهي أوزبكستان وطاجكستان و قرغيزستان وتركمانستان وكازاخستان.

تركستان الشرقية

أما تركستان الشرقية فقد واجهت نفس المصير لكن على يد الشيوعيين الصينيين ويعترف قائد الجيش الصيني في تقرير له أن عدد من قتل من المسلمين زاد على مليون ومائتي ألف، وأن عشرات الآلاف قد هُجّروا إلى الصين الشيوعية وكانت الصين قد استعانت بالروس في بادئ الأمر لكنها أعطت لتركستان الشرقية استقلالها بعد رحيل الروس ثم عادت لتحتلها عام1949م وقتل خلال تلك الحملة وحدها ما لا يقل عن 122 ألف، وكثفت الصين من حملات التهجير نحو الصين بهدف تبديد السكان الأصليين وتبديلهم بسكان صينيين وقد اعترفت في ذلك الوقت إذاعة صينية أنها نقلت أكثر من مليوني صيني شيوعي إلى تركستان الشرقية لاستعمارها وأنها في سبيل نقل عشرات الملايين من الصينيين إليها.

القوقاز

أما القوقاز أو ما يعرف بقفقاسيا والذي يتألف من أذربيجان وجورجيا وأرمينيا في الجنوب وداغستان وسركسيا في الشمال وكل من أذربيجان وداغستان وسركسيا من المسلمين أما الباقي فمسيحيين وهذه الأقطار عانت من الروس مثلما عانت تركستان الغربية وكذلك فعلوا مع قفقاسيا والشيشان والشركس فقد قرر الروس نقل الكثير من مسلمي تلك الشعوب وبعثرتهم في مجاهل سيبيريا وفي  1920م زحفت الشيوعية لتحتل هذه الشعوب بشكل كلي بعضها لا يزال رازحا تحت الاحتلال إلى هذا اليوم وقد أغلقت الشيوعية المساجد والمدارس واقتادت المسلمين عبيدا يجرون عجلة الشيوعية.

 لكن شعب القفقاز لم يكن يرضى بالذل فواصل ثورته وتلقى مظالم كبيرة أهمها في عهد ستالين الانتقامي الذي أقدم على تهجير المسلمين كاملا إلى مجاهل سيبيريا بصورة وحشية وخطة قذرة، حيث دعاهم لإقامة الاحتفالات بانتصار روسيا في الميادين المفتوحة وعين يوما لهذا الحفل وكان قد أعد العدة وطوق مناطق الاحتفالات عسكريا وفي ختام الحفل تم القبض على الجميع رجالا ونساء وأطفالا ثم حملوا إلى القطارات من دون أن يسمح لهم بأخذ أي شيء من أغراضهم وتم ترحيلهم إلى مجاهل سيبيريا ثم أمر بإسكان اليهود في مدنهم وقراهم.

جزيرة القرم الشهيرة

وهي عبارة عن شبه جزيرة واقعة شمال البحر الأسود ولا تبعد عن شواطئ تركيا إلا حوالي 300ميل تقريبا ومساحتها بقدر مساحة فلسطين-27ألف كيلو متر مربع-عرفت بفردوس الأرض لجمالها وغزارة ثرواتها.

وكانت مقاطعة إسلامية يحكمها خانات المسلمين منذ ما يزيد على عشرة قرون ونظرا لموقعها الجميل وثرواتها الكثيرة والمتنوعة كانت هدفا مستمرا للروس وقد تعرضت في عهد القياصرة لمذابح ومجاعات رهيبة ونفي من شعبها عشرات الآلاف إلى سيبيريا في محاولة منهم للقضاء على الإسلام هناك.

وبعد قيام الثورة الشيوعية أعلنت الاستقلال أسوة بالجمهوريات الإسلامية الأخرى وسكتت الحكومة الروسية الجديدة على مضض حتى استقر وضعها ثم سيرت الجيش الأحمر لاحتلال تلك الجزيرة فارتكب مجازر مهولة بحق المسلمين فيها وتحولت المقاطعة الإسلامية إلى مستعمرة شيوعية، حرم أهلها من أملاكهم وأموالهم وثرواتهم الهائلة وعاشوا في بوتقة الحرمان بينما يرون ممتلكاتهم وثرواتهم تنهب عنوة أمام أعينهم.

غير أن هذا الشعب المسلم لم يرضخ للروس وظل يقاومهم حتى سنة 1921م فاستعان الروس باليهودي المجري بلاكوهين ونصبوه حاكما على القرم وحاول ذلك الطاغية أن يخمد أنفاس ذلك الشعب المسلم ولكنه أخفق ونقل من القرم.

وكان الروس أعقاب كل تحرك يعدمون القادة ورجال السياسة من المسلمين واستمر ذلك حتى الحرب العالمية الثانية حيث احتل الألمان الجزيرة فظن المسلمين بهم خيرا لكنهم كانوا أشد من سابقيهم فتكا وقتلا وبعد نهاية الحرب عاد الروس إليها من جديد ليلقنوا أهلها أشد العذاب بتهمة الخيانة وليصدر ستالين قرارا يقضي بنقل جميع سكان القرم إلى سيبيريا وإحلال اليهود وعملائهم محلهم وتم بالفعل تهجير ربع مليون مسلم هم آخر من تبقى من أهل هذه الجزيرة وتم إحلال اليهود محلهم.

وللقارئ الكريم أن يتصور بشاعة هذه الجريمة التي قضت بترحيل شعب بأكمله ليتخذوا من صفيح الجليد في مجاهل سيبيريا بيوتا لهم وليكونوا هم وأطفالهم قوتا لوحوش تلك البراري وسباعها والعجيب في الأمر أن هذه المظلمة الكبيرة لم يكن لها أي صدى في العالم العربي والإسلامي وإلى هذه اللحظة.

 

 

 

المسلمون في يوغسلافيا

قبل أن تكون يوغسلافيا الحديثة كان المسلمون يشكلون الغالبية العظمى من سكان جمهورية البوسنة والهرسك وهناك الكثير أيضا ممن يعيش في جمهورياتها الخمس -صربيا ومقدونيا والجبل الأسود وسلوفانيا وكرواتيا-وكان عد المسلمين في هذه الأقطار أكثر من مليوني مسلم وهم من حموا تلك البلدان من الغزو النمساوي والبلغاري وغيرهما طوال خمسة قرون.

وفي هذا القطر لم تقل معاناة المسلمين عن أخوتهم من المسلمين في بقية الأقطار حيث التفت عليهم قوى الشر الصليبية اليهودية الحاقدة تحت مسمى الشيوعية التي لا همّ لها إلا ملاحقة المسلمين وإبادتهم تحت ذرائع واهية وحينما نشبت الحرب العالمية الثانية قاد اليهودي الصربي ميخائيلوفتش الحرب بحجة مقاومة الألمان ولكنه وجه سلاح الغدر للمسلمين وأمر بذبح المسلمين عن بكرة أبيهم وخلال بضعة أيام ذبح من المسلمين ما يقارب 150 ألف ومن لم يمت ذبحا مات حرقا أو غرقا.

ولكي تحجب هذه الجريمة المهولة عن الشعوب الإسلامية الأخرى عمد اليهود إلى تكوين حكومة باسم الأحرار المسلمين في تلك البلدان وأمروها باللجوء إلى مصر مهمتها أن تتولى التغطية على جرائم ذلك السفاح اليهودي الصربي وبعد بروز الشيوعيين بعد نهاية الحرب العالمية الثانية الذين خدعوا بقية المسلمين بشعاراتهم المزيفة تم الاعتراف بجمهوريات الاتحاد اليوغوسلافي  وقومياتها باستثناء المسلمين في البوسنة والهرسك فاعترفوا بقومية الصرب والكروات وتجاهلوا قومية  البشناق المسلمين وأغلقت مساجدهم ومدارسهم ولا تزال تتكرر بحقهم أبشع المجازر حتى اليوم.

كما أُصدرت مراسيم وقرارات تعسفية تجبر المسلمين على تقبل الانحلال الخلقي والسفور والفساد وتزويج المسلمات بغير المسلمين والعكس، وكذلك أُصدر قانون يقضي بإجبار الجنود والموظفين المسلمين على أكل لحم الخنزير وشرب الخمور والمشاركة في الحفلات الماجنة.

وشجعت الدولة على التحرش بالمسلمين والتعصب ضدهم ونشر الكراهية لهم والكتابة الشنيعة بحقهم فظهرت كتب شيطانية تمجد اليهود وتحط من شأن المسلمين مثل كتاب -جسر على نهر درينا 1945م-  للكاتب الشيوعي اليهودي -ايفوندريش- الذي نال بسببه جائزة (نوبل)  اليهودية.

وعلى شاكلتهم كان مصير مسلمي ألبانيا وغيرهم من أبناء تلك المقاطعات والبلدان الذين اعتنقوا الإسلام دينا وآمنوا بالله ربا وبمحمد صلوات الله عليه وعلى آله نبيا ورسولا وما حكيناه هنا من أخبار نكبة تلك الديار الإسلامية على أيدي الشيوعيين اليهود ما هو إلا لمحة موجزة مما وقع هناك من جرائم حرب مهولة وكثيرة والتي لم تقع بحق أي أمة أو مكون بشري من غير المسلمين وما ذلك كله إلا نموذج يسير مما وقع في بقية البلدان الإسلامية الأخرى والتي ستكون موضوع حديثنا في أعداد قادمة إن شاء الله.

قد يعجبك ايضا