باحث عربي :خطاب قائد الثورة : وثيقة سياسية ودينية شاملة وضعت النقاط على الحروف في معادلات الصراع الإقليمي والدولي

في قراءة استراتيجية معمّقة، اعتبر الباحث والكاتب الدكتور وسيم بزي أن خطاب السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي  يحفظه الله أمس الخميس يشكّل وثيقة سياسية ودينية شاملة، تضع النقاط على الحروف في معادلات الصراع الإقليمي والدولي، خاصة فيما يتعلق بمعركة المسجد الأقصى، وواقع الخضوع العربي، والمسار السياسي اللبناني.

وأشار الدكتور بزي إلى أن السيد القائد، وكما في كل خطاباته المفصلية، يُحذّر بوعي استباقي من المشروع التهويدي الذي يستهدف المسجد الأقصى، مشدداً على أن هذا الصراع يتجاوز البعد الجغرافي ليطال البنية العقائدية والروحية للأمة الإسلامية، مؤكداً أن المعركة على الأقصى هي معركة هوية ووجود، وليست مجرد احتلال لأرض أو اعتداء على موقع.

وفي سياق تحليله، نوّه بزي إلى أن السيد القائد يربط بذكاء بين المخاطر المحدقة بالقدس وامتداداتها المستقبلية نحو مكة المكرمة والمدينة المنورة، ما يؤكد أن المخطط الصهيوني لا يقتصر على فلسطين، بل يستهدف مجمل المقدسات الإسلامية. هذا التحذير، بحسب بزي، ليس جديداً، بل يُعيد السيد القائد التأكيد عليه في ظل صمت عربي وإسلامي يُلامس حدود التواطؤ.

أضاف بزي أن السيد القائد لا يكتفي بتوصيف الواقع، بل يُحمّل الصامتين والمتواطئين المسؤولية الأخلاقية والدينية الكاملة، معتبرًا أن الصمت تجاه مشروع تهويد الأقصى يُعد شراكة فعلية في الجريمة، ويفضح تخلي كثير من الأنظمة العربية عن أدنى مستويات الدفاع عن المقدسات.

الملف اللبناني في خطاب السيد: انبطاح رسمي ومقاومة مستهدفة

في محور آخر من الخطاب، توقّف الدكتور وسيم بزي عند ما وصفه بـ”الجرأة السياسية” التي تحدّث بها السيد القائد عن الوضع اللبناني الداخلي، مشيراً إلى أن الخطاب جاء في توقيت حساس تمر به الساحة اللبنانية، من حيث ارتفاع وتيرة التدخلات الأمريكية – السعودية – الصهيونية، والانهيار في أداء السلطة الرسمية.

ورأى بزي أن السيد القائد سلّط الضوء على طبيعة المعركة السياسية الجارية في لبنان، والتي تشكل – بحسب الخطاب – جزءاً أساسياً من الصراع الأشمل مع مشروع كيان العدو الصهيوني في المنطقة.

 

كما أشار إلى أن ما يجري من خضوع واضح للضغوط الخارجية، وتحديداً ما عكسته قرارات الحكومة اللبنانية الأخيرة، هو “انبطاح مكشوف” أمام الإملاءات الأمريكية، وإدارة المسرح من الخلف سعودياً، مما جعل الحكومة تقف ضد إرادة شعبها وضد كرامته وحقوقه السيادية.

وبحسب بزي، فإن السيد القائد وجّه نقداً صريحاً إلى من يصفون أنفسهم بـ”السياديين”، وساءلهم عن ازدواجية المعايير، إذ يثورون على زيارة مسؤول إيراني داعم للبنان، بينما يصمتون تماماً تجاه زيارات قادة كيان العدو الصهيوني واعتداءاته اليومية.

خطاب المقاومة الواحدة في وجه العدو الواحد

وفي تحليله لأبعاد الخطاب الأوسع، أكد الدكتور وسيم بزي أن السيد القائد يرى المشهد الإقليمي من منظور تكاملي، حيث لا يمكن فصل ما يجري في لبنان عما يجري في اليمن أو في غزة، فالمعركة واحدة، والعدو واحد، والاستهداف واحد، ما يستوجب جبهة مقاومة موحدة وموقفاً إقليمياً متناغماً.

وأشار بزي إلى أن زيارة السيد علي لاريجاني إلى بيروت جاءت كفعل تضامن مع الدولة اللبنانية، ومحاولة لإحداث توازن في وجه التدخل الأمريكي – الصهيوني – السعودي، الذي يسعى إلى جر لبنان نحو فتنة أهلية وتفجير داخلي.

وأكد أن الموقف الإيراني، كما عبّر عنه السيد لاريجاني، يقوم على احترام الدولة اللبنانية وقرارها بعد التشاور مع المقاومة.

واعتبر بزي أن السيد القائد، في خطابه، وضع المقاومة كخيار مركزي لمواجهة المشروع الصهيوني وأدواته في المنطقة، مؤكداً أن من يهاجمون هذا الخيار بدعوى “السيادة” يمارسون أسوأ أشكال الخيانة، حيث يقفون إلى جانب مشاريع الاحتلال ويهاجمون من يمد يد العون.

يقظة مبكرة… وتحذير للأمة

وختم الدكتور وسيم بزي قراءته بالقول إن السيد القائد يُطلق من موقعه الجهادي والديني تحذيرات استراتيجية مبكرة، ليس فقط لحماية القدس، بل لحماية كرامة الأمة ومقدساتها وهويتها بشكل عام.

وأضاف أن خطاب الأمس، وكل خطابات السيد القائد، تعكس فهماً عميقاً لمعادلات القوة والضعف، والفرز القائم بين معسكر المقاومة ومعسكر التبعية، وتمثل دعوة مفتوحة للاستنهاض وكسر حاجز الصمت، وإعادة تموضع الأمة أمام العدو الحقيقي.

المصدر : المسيرة نت

قد يعجبك ايضا