بعد عامين من الصمود.. جبهة غزة الداخلية عصية على عملاء تخلى عنهم الاحتلال  

لم يكن مرور عامين على الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة كافيًا ليثبت للاحتلال وداعميه عجزه عن كسر إرادة أهل غزة ومقاومتها بالحديد والنّار وما حلّ بالقطاع من دمار؛ بل أثبت له ما هو أكثر من ذلك حين ظنّ أنّه قادرٌ على ضرب النسيج الاجتماعي في غزة والحاضنة الشعبية عبر أمرين بالغي الخطورة: العملاء، ونشر الفوضى؛ فالتلاحم الشعبيّ ووحدة المقاومة وفصائلها تساقطت أمامها كل دسائس الاحتلال ومؤامراته، ولم تكن لتنطلي على أهل غزة رغم كل الألم والجراح.

فشل الاحتلال في التأثير على الجبهة الداخلية

سعى الاحتلال لضرب الحاضنة الشعبية الفلسطينية للمقاومة بكل الوسائل التي وجد إليها سبيلاً، بالسعي نحو استمالة العائلات والمخاتير والوجهاء، وتارة بتكليف عملائه بأدوارٍ وظيفيةٍ للقيام بواجبات الاحتلال وشق الصف الفلسطيني لا سيما وأنّ بعضهم محسوبٌ على عائلاتٍ عريقةٍ في غزة، وما ياسر أبو شباب وحسام الأسطل سوى مثالين للسقوط المدوّي والفشل الذريع لمخططات الاحتلال تلك.

نهاية الدور الوظيفي وانكشاف العمالة

ومع دخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، يزداد غموض مصير ياسر أبو شباب وقادة المسلحين المتعاونين مع الاحتلال، الذين بدا أن وجودهم كان وظيفياً ومحدود المدى، وانكشف غطاء الاحتلال عنهم، بعد فشلهم في التأثير على الجبهة الداخلية في غزة فشلا ذريعًا.

فإعلان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بأن هذه الميليشيات “لن تدخل إلى إسرائيل” وأن عليها “تحمل عواقب قراراتها” يقرأ كإعلان ضمني عن التخلي عنهم فور انتهاء الحاجة إليهم، وهو سيناريو يكرر تجربة تاريخية سابقة مع قوى محلية تخلّت عنها تل أبيب عند لحظة المواجهة الحقيقية.

فالأسطل، القيادي السابق الذي أُدين بتعاون مع الاحتلال وصدرت بحقه أحكام، فرّ من السجن خلال الحرب والتحق بمجموعات مسلحة تطالب بتقديم خدمات للمدنيين في غزة وفي الوقت نفسه تعلن التنسيق مع إسرائيل.

مسار الأسطل من توقيف وملاحقة قضائية إلى تأسيس مليشيا واستقبال دعم خارجي، يعكس مدى هشاشة وعبثية شبكة “العمالة” وكيفية إعادة إنتاجها تحت ظروف الحرب، لكنها في نهاية المطاف عرضة للانكشاف والتخلي.

تقارير استخباراتية وإعلامية تشير إلى أن مشروع تسليح هذه الجماعات كان بتصميم وتوجيه أجهزة الاحتلال كقوة بديلة لمواجهة فصائل المقاومة، لكن ما زُوّدوا به من أسلحة ورواتب وتصاريح حمل سلاح لم يمنحهم أي غطاء شرعي أو شرعية داخل غزة.

وبدلاً من حماية أهلهم في القطاع الجريح بالعدوان الصهيوني الغاشم على مدى عامين، تحول هؤلاء إلى عصاباتٍ وأدوات نهب وعرقلة توزيع المساعدات، ما أعطى سبباً إضافياً لكي تزدريهم الحاضنة الشعبية في غزة، لا سيما وأنّ هذه الفئة التي يراها الشعب الفلسطيني فئة ضالة خائنة غارقة في وحل العمالة والارتزاق وفي أسوء الظروف التي يمر بها أهل القطاع، الأمر الذي يرفع كلفة محاسبتهم والقصاص منهم.

ومع إعادة المقاومة لترتيب صفوفها وعودة إدارتها النسبية لشؤون القطاع بعد الهدنة، تتلاشى أدوار هؤلاء العملاء ومهامهم، لا سيما وأن نهاية “الدور الوظيفي” تبدو حتمية: تخلي جيش الاحتلال عنهم، وتفكك داخلي، وملاحقات حتمية لهم من أمن المقاومة، ستنتهي بالقصاص منهم لأدوار الخيانة التي لعبوها ضد أهل غزة.

الاحتلال يتخلى عن مليشيا أبو شباب

وكانت صحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية، كشفت عن خلاف أمني حاد بين جيش الاحتلال و”الشاباك”  بشأن مصير المليشيات التي شكلها الاحتلال خلال حرب الإبادة في قطاع غزة، حيث اقترح “الشاباك” نقل هؤلاء العناصر إلى معسكرات مغلقة داخل منطقة غلاف غزة كإجراء مؤقت لـ”حمايتهم وضمان السيطرة الأمنية عليهم”.

غير أن الجيش رفض المقترح بشدة، مبررا موقفه بأن “الخطر الذي قد تشكله هذه العناصر على المستوطنين الإسرائيليين يفوق أي التزام بحمايتهم”، خاصة بعد أن رصدت الاستخبارات العسكرية (أمان) مؤشرات على فرار عدد من عناصر المليشيات، بعد حصولهم على وعود بالعفو من حركة حماس”، وفق ما أوردته الصحيفة.

دعوة للتعاون والانضباط

ومع بدء عودة عمل الأجهزة الحكومية في غزة إلى عملها ودعوتها لأبناء غزة للانضباط والتعاون تبدو نهاية مشاريع العمالة وتصفيتها أقرب ممّا يظن هؤلاء العملاء ورعاتهم، فالشعب الواعي المنضبط في غزة سيسهم بالتخلص منهم بوتيرة أسرع بعد انكشاف كل أوراقهم وفشل كل حيلهم.

ودعا المكتب الإعلامي الحكومي، أبناء شعبنا العظيم على التعاون والانضباط لإنجاح مرحلة التعافي بعد اتفاق وقف إطلاق النار ووقف حرب الإبادة.

وقال المكتب في بيان الجمعة: في أعقاب توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، ومع بدء مرحلة جديدة من العمل الوطني والإنساني في قطاع غزة، ندعو أبناء شعبنا الفلسطيني العظيم إلى التعاون الكامل مع الأجهزة الحكومية والإنسانية، من أجل القيام بالتكليفات الميدانية والمهنية المطلوبة منهم في جميع التخصصات، كلٌّ في موقعه، وبما يعزز صمود شعبنا ويُسهم في إعادة الحياة إلى قطاعنا الصامد.

التعامل بروح المسؤولية

وأضاف: خرج شعبنا الفلسطيني من حرب إبادة وحصار وتجويع ودمار هائل، ونشعر جميعاً بعمق جراحه ومعاناته، وندرك حجم الألم الذي يعيشه في تفاصيل حياته اليومية، ولذلك فإننا نتعامل مع هذه المرحلة بروح المسؤولية الوطنية والإنسانية، وبمنهج يقوم على رعاية المواطنين وتخفيف معاناتهم ومواساتهم وتعزيز صمودهم بكل ما تملك من إمكانات.

وأكد المكتب أن التعاون والانضباط والاستجابة للتعليمات الصادرة عن الجهات الحكومية والإغاثية هو الطريق الآمن لتسريع وتسهيل الجهود الخدماتية المقدمة لأبناء شعبنا، وضمان استعادة الحياة بصورة تدريجية ومنظمة، بما يحقق مصلحة الجميع ويصون أمن المجتمع واستقراره.

المركز الفلسطيني للإعلام

قد يعجبك ايضا