جنون البقر السعودي وهيستيريا جلالة الملك

 

«يحكى أن» هذه العبارة ترعب النظام السعودي بشدة الآن، لا شيء بيده سياسيا ليفعله بعد أن فقد اللياقة الديبلوماسية بشكل كامل وقطع كل الحبال مع أصدقاء الأمس، ومع حلفاء مؤقتين فشل سلوك الرياض في كسبهم للأوقات العصيبة التي حلت.
تغير لهجة الإعلام السعودي إلى الهيستيرية المتعجرفة القائمة يعكس سوء الحالة النفسية التي يمر بها نظام الرياض، أنه الآن يعرف أن الأصعب ليس الاعتراف بالهزيمة بل فيمن سيقبل منه ذلك الاعتراف، في هذه الأثناء يحاول إعلام النظام السعودي التخفيف من حدة الصدمة بتلاوة الماضي القريب الذي تغير مع بدء باراك أوباما جمع أوراقه من على طاولة الرئاسة في البيت الأبيض، فدون تفكير، تكرر وسائل الإعلام السعودية يوميا أن «المملكة كلمتها تهز العالم خصوصا الدول العظمى»، وعلينا كمتلقين على اختلاف آرائنا أن نصدق ذلك.
حتى جرعات التهييج الطائفي والعنصري، أصبحت المادة التي تفرد لها المساحات الرئيسية وقد تصبح العنوان العريض الذي يتردد على مدار ساعة البث الإخباري السعودي، فالرياض تنوي، أن تحرق الأخضر واليابس قبل أن يتحول كيانها إلى رماد بعد أن فقدت الكثير من تأثيرها السياسي دون وجود تعويض، لكن ما يزيد جنون هذا الكيان، هو أن قدرته في إشعال الحريق الطائفي أصبحت محدودة هي أيضا بشكل، يمنعها من التلويح بهذه الورقة بفظاظة كما كانت تفعل سابقا.
أي تقدم علمي نوعي حققته الرياض؟، ولماذا يجري الحديث عنه الآن وكأن المنطقة ليست على شفا تغير مصيري كبير، وأي حضور عسكري استطاعت ترسيخه هذه الدولة غير أنها مجرد قاعدة لانطلاق الجيش الأميركي وسوقا لاستيراد القطع الأميركية والأوروبية المقبلة على التلف، أما إذا كانت العاصمة السعودية لا تشعر بالخجل جراء الفشل الذريع في احتلال اليمن، فهي تنسلخ عن الواقع وتتحول إلى دولة مهووسة بتصديق الخرافات ولعن من لا يصدقها.
ثمة حملة مكثفة في الإعلام السعودي الآن، للحديث عن المملكة وكأنها الامبراطورية البيزنطية، وعلى الجميع أن يقدم فروض الطاعة أمامها وإلا، وإلا ماذا؟، فمالذي تستطيعه الرياض لتفعله وهي تبدأ خطوات الاندثار؟، ما هو الشيء السيء الذي لم تفعله لتحافظ على مكانتها كدولة متسلطة ولم يفشل؟، حتى في أصغر الأمور لم تعد السعودية تمثل مرجعية سياسية ولا حتى جهة ذات رأي ومشورة، كل الأحداث يتم تداولها وهي تسمع بها من بعيد ولا يمكنها إلا التعليق عليها وكأنها صانعة الحدث، هنا لب المشكلة، فالسعودية استعرت بالجنون.
«جلالة الملك» الذي لم يعد يملأ مكانة رئيس بلدية خاسرة أو مدير مؤسسة تغرق في الإفلاس، فقد التابو الذي كان يحاط به من جانب أركان النظام والإعلام، ويكاد أن يكون تحصيل حاصل في المجريات التي اشتهر أن حكام السعودية ينحسر نشاطهم في أقصى ذروته بالهرولة لتصدره بروتوكوليا، وحتى هذا الأمر اليوم لم يعد يحسن مزاج النظام في الرياض، خصوصا وأن اتمام الأمور البروتوكولية لا يحفظ ماء وجه السعودية منذ سنوات، فالمعلوم أن حكام الرياض لا يجيدون التعامل معها وكان يجري تغطيتها برشاوى مالية كبيرة لا يمكن دفعها الآن، لكتم الحدث عن حديث الإعلام العالمي الذي يكتفي بالمشاهدة مع حبس الدهشة ودائما بلا تعليق.
السعودية لم تعد ندية في الشرق الأوسط ولا العالم، خصوصا وأن القرارات السياسية والنفطية تؤخذ بعكس رغبتها تماما، ومهما لوحت بتهديدات فإن كلامها مصيره الهواء، كل ذلك يعلن أن حسن الخاتمة، حتى هذا الأمر البسيط بعيد المنال عن الرياض

قد يعجبك ايضا