سفَّاحو نوبل للسَّلام!
أدهم شرقاوي
يقول برنارد شو: إني لأغفرُ لألفرد نوبل اختراعه الديناميت، ولكن لا أغفرُ له اختراعه جائزة نوبل!
لا يخفى على أحدٍ فيما أعتقد، أنّ جوائز نوبل تخضع في كثيرٍ من الأحيان لمعايير مطاطة، ولعلّ أصدقها جوائز نوبل في العلوم والطبّ، وأكذبها جوائز نوبل في السّلام والأدب.
فهذه تحديداً يجب أن تتوافق مع هوى البيت الأبيض في واشنطن، وهوى الكنيست الإسرائيلي في تلّ أبيب! أو على الأقل لا تتعارض معه.
ولو أنّ كاتباً عربياً كتب رواية عن محرقة اليهود على يد هتلر، فسيكون مرشحاً بقوة للجائزة، أما مجرد التشكيك بأعداد الضحايا المبالغ فيه، فعاقبته كعاقبة روجيه غارودي تهمة معاداة السامية.
ولا يحاججني أحد بنجيب محفوظ فقد حصل على نوبل لأنّه كان من دعاة التطبيع مع إسرائيل.
مناحيم بيغن قائد عصابات الأراغون التي ارتكبت عشرات المجازر، أشهرها دير ياسين التي تحدّث عنها بيغن بفخرٍ في كتابه «التمرد، قصة الأراغون»، ورغم هذا حاز على جائزة نوبل للسلام.
إسحاق رابين قائد عصابات الهاجاناه التي ارتكبت الفظائع ليس بحسب ما قال الناجون، ولكن بحسب ما قال المؤرخ اليهودي إيلان بابي في كتابه «التطهير العرقي في فلسطين»، ورغم هذا حاز على جائزة نوبل للسلام.
شمعون بيريز مؤسس مفاعل ديمونا، وسفاح غزّة وقانا نال هو الآخر جائزة نوبل للسلام!
هنري كيسنجر فاز فيها حين كان وزيراً للخارجية الأمريكية، وكانت بلاده تذبح الناس في فيتنام!
باراك أوباما الذي كانت تحتل جيوشه بلاداً، وتقيم قواعد عسكرية عنوة حتى في عقر أوروبا، وعاث فسادًا في أرجاء الأرض، نال هو الآخر جائزة نوبل للسلام.
قائمة السفاحين لا تنتهي هنا، ما زال هناك سفاحة أيضا، رئيسة وزراء بورما، وقائدة الإبادة ضد مسلمي الروهينغا حاصلة هي الأخرى على جائزة نوبل للسلام! وجائزة سخاروف الأوروبية لحريّة الفكر والمعتقد! وميدالية الكونغرس لخدمة البشرية!
واليوم قد تمَّ الإعلان عن فوز الفانزويلية ماريا كورينا ماتشادو، وذلك تقديراً لجهودها في تعزيز الحقوق الديمقراطية والعمل نحو انتقال سلمي من للحكم في بلدها!
هي ذاتها ماريا التي كتبت في منصة إكس منشوراً وقالت لنتنياهو: معركة إسرائيل هي معركة فانزويلا.
لستُ أدري كيف يمكن للمرء أن يكون حمامةَ سلامٍ في بلده، ومصاص دماءٍ في بلاد الآخرين.
كاتب وروائي فلسطيني