سقوط الإمبراطورية

سقوط الإمبراطورية:

الحقيقة / كتب /توفيق هزمل

تقاس قوة وهيمنة الدول بمقدار قدرتها على أنفاذ ارادتها.
ان كانت قدرة الانفاذ محدودة بجغرافية الدولة
تسمي دولة مستقله ذات سيادة،
وان كانت قدرة أنفاذ قراراتها تتخطى جغرافيتها
عندئذ تعرف بأنها قوة إقليمية.
وان كانت قدرة انفاذ قراراتها عابرة للمحيط الإقليمي عندئذ تعرف بأنها قوة عالمية
وان تعدت قدرتها على أنفاذ قرارها إلي كل الجغرافيا السياسية العالمية
عندئذ تصبح إمبراطورية عالمية مهيمنة
في الصراع اليمني الأمريكي والذي وصل لنقطة وقف إطلاق النار
تقدمت اليمن تلقائيا الي مرتبة القوة الإقليمية
وتراجعت أمريكا من المرتبة الإمبراطورية المهيمنة الي مرتبة القوة العالمية..
ففي الصراعات التي خاضتها الإمبراطورية الأمريكية عبر تاريخها
كان الهدف من ورائها منازعة الدول التي تخوض نزاع معها
على سيادتها الجغرافية مثل فيتنام او كوريا وغيرها.
اما في الصراع مع اليمن الوضع كان مختلف
فالنزاع نشب على خلفية قرار اليمن بفرض إرادة إقليمية تتمثل في إعلان حصار بحري على الكيان في الطرف الشمالي لإقليم الجزيرة العربية للضغط من أجل إيقاف جرائمه في غزة.
وبالتالي هي اول مرة في التأريخ تتراجع الإمبراطورية الأمRيكية في نزاع دولي بالنسبة لها ونزاع إقليمي بالنسبة لليمن.
هذا التراجع أنهي الصفة الإمبراطورية العالمية عن الولايات المتحدة،
هذا التراجع الجيوسياسي يتزامن مع تراجع اقتصادي اسفر عن دخول أمريكا في حرب تجارية مع الصين والكثير من دول العالم.
هذه الحرب لها نهاية واحدة وهي سقوط الإمبراطورية الاقتصادية والمالية لأمريكا والتي تهيمن على العالم.
فالحرب التجارية ليست مجرد طيش ترامبي كما يحاول الكثير تصوير الأمر بل نتيجة خلل بنيوي خطير في البنية الاقتصادية والمالية لأمRيكا،
فالإفراط في الهيمنة الجيوسياسية والعسكرية والاقتصادية والمالية على العالم دفعت الولايات المتحدة لإدمان الإنفاق بأكثر مما تنتج لتلبية احتياجات الوضع الإمبراطوري المهيمن وهذا الأمر فتح الباب للصين التي تنتج أكثر مما تستهلك.
فتحولت أمRيكا الي اكبر سوق استهلاكية للبضائع الصينية وغيرها
ولكي تغطي أمريكا نفقاتها ولكي تستمر الصين وغيرها في بيع بضائعها ازدهر سوق السندات
وهو باختصار سوق إقراض او اقتراض أمريكا الأموال لكي تستمر في الشراء.
حتى بلغت المديونية الأمريكية أرقام فلكية وأصبحت الاحتياطات المالية للصين هي الأكبر عالميا.
الصين تبيع لأمريكا بضائعها ومن فائض أرباح البيع تقوم بإقراض أمRيكا لكي تستمر في الشراء.
إيقاف هذه العملية يعني انخفاض قدرة أمريكا على الاقتراض وسداد فوائد الديون
وبالتالي الحاجة الي رفع مستوى الفائدة للحصول على قروض والاستمرار في طبع الدولار لسداد الفوائد أي انخفاض قيمة الدولار مما يعني ان الدولار لم يعد مخزن للقيمة
فتضطر أمريكا للاستمرار في رفع الفائدة على سندات الخزينة
مما يعني شل قدرتها الداخلية على الإنتاج
فكلفة اقتراض الشركات لتمويل إنتاج بضائعها سترتفع
وبنفس الوقت قدرة المواطنين الأمRيكان على الشراء ستنخفض بسبب ارتفاع الفوائد على الديون الاستهلاكية
وإنتاج مرتفع الكلفة مع انخفاض القدرة الشرائية للمستهلك
هي ما تعرف بمصطلح الركود التضخمي
وبالتالي انهيار سوق الأسهم بعد سوق السندات
بمعنى ان بوابة الانهيار الاقتصادي فتحت على مصراعيها
واذا ما أضفنا الي ذلك التراجع الجيوسياسي
والذي بداء في اليمن
نستطيع القول ان الريشة اليمنية هي التي قصمت ظهر الحمار الأمريكي واسقطت إمبراطورتيه..
من يذكر الشعار الخيالي للأنصار؟؟
هل تعتقد انه ما زال مجرد شعار خيالي
ام أصبح واقع يمكن قراءة ملامحه

قد يعجبك ايضا