الإنترنت الفضائي في اليمن.. بين الفوائد التقنية والمخاطر الأمنية والقومية
الحقيقة ـ جميل الحاج
في الوقت الذي يشهد فيه العالم سباقًا تقنيًا لتوسيع نطاق الاتصال بالإنترنت عبر الأقمار الصناعية، تبرز في اليمن مخاوف حقيقية من انعكاسات هذه التقنية على الأمن القومي، خصوصًا في المناطق والمحافظات الحرة التابعة لـ صنعاء. فبالرغم من الفوائد المحتملة التي قد يوفرها الإنترنت الفضائي من حيث السرعة وسهولة الوصول للمناطق النائية، إلا أنه يشكل تهديدًا استراتيجيًا متعدد الأبعاد، يمس الخصوصية الفردية، ويتيح بيئة آمنة لأنشطة التجسس والخيانة.
يتيح الإنترنت الفضائي للمستخدمين الاتصال مباشرة بالأقمار الصناعية دون المرور عبر مزودي الخدمة المحليين، ما يجعله قادرًا على تجاوز أنظمة الرقابة والفلترة التي تطبقها السلطات لحماية الأمن المعلوماتي. وهذا الأمر يمثل ثغرة خطيرة يمكن استغلالها من قبل خلايا التجسس والعملاء المرتبطين بدول معادية لليمن، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني، بعد فشلها في تحقيق أهدافها عسكريًا ضد اليمن، وباتت وفق مراقبين تراهن على الحرب الناعمة واختراق البنية الأمنية والمجتمعية عبر أدوات تقنية متطورة. والإنترنت الفضائي يأتي في مقدمة هذه الأدوات، لما يوفره من قدرة على التواصل المشفر وتبادل المعلومات الحساسة بعيدًا عن أعين السلطات المحلية.
تمثل القيادة الثورية والتأييد الشعبي لعمليات القوات المسلحة اليمنية اليوم أحد أركان محور المقاومة وجبهة إسناد قوية للشعب الفلسطيني في غزة، تدرك خطورة هذا النوع من الاتصال على تماسكها الأمني والعسكري. فتمكين الخصوم من استخدام الإنترنت الفضائي يعني منحهم قناة اتصال مباشرة مع أدوات الخيانة،
واستغلالها في إنشاء شبكات تجسسية في الداخل اليمني، وتحريك أدوات داخلية لاستهداف الجبهة الداخلية خدمتا للعدو الإسرائيلي.
كما أن هذا النوع من التكنولوجيا قد يُستخدم في كسر الحصار البحري المفروض على الكيان الصهيوني من خلال إدارة عمليات نقل أو دعم لوجستي عبر اتصالات لا يمكن تتبعها محليًا، وهو ما يشكل خطرًا على الموقف اليمني المشرّف في مواجهة العدو الإسرائيلي.
إلى جانب المخاطر الأمنية، يثير الإنترنت الفضائي مخاوف متزايدة بشأن انتهاك خصوصية المستخدمين. فالمزودون العالميون لهذه الخدمة لديهم القدرة على جمع كميات هائلة من بيانات الاتصال، بما في ذلك مواقع المستخدمين، وأنشطتهم على الشبكة، ومراسلاتهم الخاصة.
وفي ظل ارتباط معظم الشركات المشغلة للإنترنت الفضائي بمؤسسات غربية أو أمريكية، فإن احتمالية تسليم هذه البيانات لأجهزة استخبارات أجنبية كـ العدو الإسرائيلي كما فعلة نظيراتها من الشركات خلال الحروب الأخيرة مع محور المقاومة، كما يعرض المواطنين لخطر التجسس والملاحقة الرقمية.
أما على الصعيد التقني، فإن شبكات الإنترنت الفضائي ليست بمنأى عن الهجمات الإلكترونية، بل إنها في بعض الحالات أكثر عرضة لها بسبب طبيعة بنيتها المعتمدة على الأقمار الصناعية ومحطات الاستقبال الأرضية. أي اختراق لهذه الشبكات يمكن أن يؤدي إلى تسريب معلومات حساسة أو تعطيل الاتصالات الحيوية، الأمر الذي قد يُستغل في أوقات الحروب أو التوتر السياسي.
لحماية اليمن من هذا التهديد الناشئ، يقترح الخبراء:
حظر غير المصرح لهم من امتلاك أو تشغيل أجهزة الإنترنت الفضائي.
تتبع ورصد الإشارات الفضائية عبر محطات مراقبة متخصصة.
تعزيز الدفاع السيبراني لمواجهة أي اختراق محتمل.
إطلاق حملات توعية شعبية لشرح مخاطر التقنية على الأمن القومي والمجتمع.
التنسيق مع محور المقاومة لمواجهة التهديدات المشتركة على الصعيد التقني.
في المحصلة، يمثل الإنترنت الفضائي ساحة جديدة من ساحات المواجهة بين اليمن وأعدائه، حيث تحاول القوى المعادية استخدامه كأداة لاختراق الحصون الأمنية بعد أن عجزت عن كسرها بالقوة العسكرية. وبينما يراه البعض أداة للتطور والاتصال العالمي، فإن الواقع في اليمن يفرض النظر إليه كخطر أمني محتمل يتطلب اليقظة والحذر قبل الترحيب به.
بحسب مصادر أمنية وتقنية، هناك عدة سيناريوهات يمكن من خلالها استغلال الإنترنت الفضائي لاختراق الداخل اليمني:
إنشاء غرف عمليات سرية داخل اليمن
يمكن لخلايا التجسس المرتبطة بأجهزة استخبارات أجنبية تشغيل محطات إنترنت فضائي صغيرة داخل المدن أو المناطق الريفية، لتبادل المعلومات الاستخباراتية مع مشغليها في الخارج بشكل فوري ومشفّر، دون أن تمر عبر أي سيرفر محلي.
تهريب البيانات الحساسة
قد يتم استخدام الإنترنت الفضائي لنقل وثائق أو صور أو بيانات تتعلق بالمواقع العسكرية أو الموانئ أو الاتصالات، مباشرة إلى الكيان الصهيوني أو المخابرات الأمريكية، بعيدًا عن أي إمكانية لرصدها محليًا.
تنسيق عمليات ميدانية معادية
يمكن لهذه التقنية أن تتيح لعملاء الداخل التواصل المباشر مع طائرات استطلاع أو فرق عسكرية بحرية وجوية تابعة للعدو، خصوصًا في ظل ارتباطها بمشروع مراقبة بحري واسع النطاق في البحر الأحمر وخليج عدن.
اختراق البنية الاجتماعية والإعلامية
عبر الإنترنت الفضائي، يمكن تشغيل منصات إعلامية موجهة أو إدارة حملات تضليل تستهدف الرأي العام اليمني، بما في ذلك نشر الشائعات وإثارة الفتن الداخلية لصالح أجندات معادية.