سلاح حزب الله صمام أمن وأمان للبنان والمنطقة

محمد فايع

ولهذه الأسباب وغيرها حزب الله لن يسلم سلاحه

بعد أكثر من أربعة أشهر على إعلان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وكيان العدو الإسرائيلي، ومع كل أسبوع يمضي منذ ذلك التاريخ ويسجل فيه اعتداء أو عدوان إسرائيلي جديد على لبنان، في جنوبه أو بقاعه أو ضاحيته، يتأكد أكثر وبما لا يدع مجالًا للشك أن هذا الاتفاق الذي تم برعاية أمريكية، فاقد للتوازن والتكافؤ بسبب خروقات كيان العدو الإسرائيلي.

من يعرف أيديولوجية حزب الله وطريقة مقاربته للأمور يدرك أن الحزب قدم مكرهًا في الأشهر الأخيرة الكثير من التنازلات، حين فوّض الدولة اللبنانية، وقررت قيادته الالتزام بعدم الرد على الاعتداءات والخروقات الإسرائيلية، واحتلال إسرائيل المستمر للنقاط الخمس، واستباحتها في كل يوم لسيادة لبنان برًا وبحرًا وجوًا.

يقول متابعون إن عدم الرد من قبل الحزب يعتبره البعض ضعفًا نتيجة ما تلقاه من ضربات شبه قاضية، في حين يقرأ فيه البعض الآخر تكتيكًا والتقاط أنفاس من الحزب إلى حين استعادته لقدراته البشرية والعسكرية. ويقول آخرون ربما كان كلا التقديرين صحيحًا. لكن ثمّة أمرًا أساسيًا، وهو أن ما يتقدم أولويات حزب الله راهنًا هو الحفاظ على “سلاحه الأبيض ليومه الأسود”.

تصر إسرائيل وخلفها أمريكا على الضغط باتجاه تسليم سلاح حزب الله. ولا تكل أو تمل من رصده ومحاولات استهدافه سواء كان في مخبأ أو مخزن أو محمولًا أو منقولًا، وتستهدف عناصر الحزب وكوادره مستعينة بجواسيس ومعلومات مصدرها للأسف قيادات وكوادر حزبية لبنانية مرتبطة بالسفارة الأمريكية والسعودية، وبعضها مرتبط مباشرة بالإسرائيلي، على رأسها المجرم سمير جعجع وشلّته وقيادات وكوادر من حزب الكتائب. يحصل كل ذلك فيما يلتزم حزب الله بسياسة عدم الرد، وقد فوّض الدولة اللبنانية الرد على الاعتداءات الإسرائيلية بالطرق الدبلوماسية، واحتفظ لنفسه بحق الرد في الوقت المناسب أو حين تسمح الظروف، مبقيًا الباب مفتوحًا على عودته للعمل العسكري ولو بعد حين.

يرفض إعطاء ذريعة

يرفض حزب الله إعطاء ذريعة للعدو الإسرائيلي للإمعان في عدوانه على لبنان، وتحميل اللبنانيين، وخصوصًا البيئة الحاضنة، المزيد من الأعباء وهم لم يستفيقوا بعد من هول المجازر والدمار الذي نتج عن الحرب الأخيرة. لكن سياسة الرد التي ينتهجها لا تعني بالضرورة موافقته على نزع سلاحه، لا سيما في ظل الأجواء الحالية التي تنذر بالانفجار. ويعتبر أن للسلاح دوره، ليس في مقارعة العدو الإسرائيلي والرد على اعتداءاته فحسب، بل لرد أي خطر محتمل في ظل ما يُسجّل من تطورات دراماتيكية في سوريا وانعكاسها المباشر وغير المباشر على لبنان حاليًا ومستقبلًا، وبعدما تم قطع شرايين التواصل والإمداد بين إيران والحزب عبر سوريا، بحيث لم يعد لدى الحزب القدرة على التزود بالسلاح متى دعت الحاجة. عوامل وأسباب تجعل الحزب يفكر مائة مرة قبل أن يبدي مرونة في موضوع التفاوض حول السلاح.

وكيف للحزب أن يسلم سلاحه وهو القائم في وجوده على فكرة التسلّح والمقاومة ضد عدوان وأطماع ومشروع كيان العدو الإسرائيلي الأمريكي الاحتلالي؟ وحتى في ذروة انغماس حزب الله بالحياة السياسية اللبنانية، بقي سلاحه من العناصر الأساسية التي يستمد منها الوهج وفائض القوة، إلى جانب حاضنته الشعبية المقتنعة عقائديًا بقدسية هذا السلاح، كما بدور الحزب نفسه.

يؤكد مراقبون أن مسيرة حزب الله كتنظيم مقاوم يراقب عن كثب، وبشكل عميق ودقيق، مستجدات الأحداث ومستجداتها على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية باعتبارها مترابطة ومتشابكة، وتؤدي إلى نتيجة واحدة على مسار الصراع والمواجهة مع العدو الإسرائيلي. لذلك فإن حزب الله يرسم موقفه بما يتناسب مع تطورات إقليمية قادمة لا محالة، من شأنها إما أن تقود إلى تسويات جديدة يكون حزب الله، كما إيران، جزءًا منها.

وإما أن تفشل الدولة اللبنانية سياسيًا ودبلوماسيًا في لجم اعتداءات وخطر كيان العدو الإسرائيلي القائم والمستمر، وهذا من شأنه أن يعيد تعويم دور حزب الله شعبيًا ووطنيًا في مقاومة كيان العدو إسرائيل.

يضيف المراقبون أن هناك مخاطر متوقعة جدًا ستنجم حتمًا عن عدم استقرار وضع النظام الجديد في سوريا، ما قد يقود إلى الاقتتال الداخلي، وقد تطال شراراته لبنان من حدوده الشرقية والشمالية، مع احتمال أن تدفع أمريكا وإسرائيل بالجولاني وجماعاته التكفيرية لتنفيذ حرب بالوكالة على لبنان بشكل عام، وحزب الله بشكل خاص، وهذا محتمل جدًا جدًا. وهنا تحضر الأهمية والضرورة الاستراتيجية لاحتفاظ حزب الله بسلاحه وجهوزيته على كافة المستويات والمجالات.

وعلى ذات السياق، طالما الخطر باقٍ سواء من قبل كيان العدو الإسرائيلي من جهة، وطالما الجولاني وجماعاته التكفيرية التي تسابق الأيام للالتحاق بالمشروع الأمريكي الصهيوني، والمصممة كذراع أمريكي صهيوني لاستهداف لبنان والعراق عامة، والمقاومة الإسلامية في لبنان والعراق خاصة، فإن ليس فقط مجرد بقاء جاهزية المقاومة الإسلامية في لبنان (حزب الله) والمقاومة الإسلامية في العراق بسلاحهما خاصة، وكل محور المقاومة عامة، بل أن الضرورة الملحّة والحكيمة هي العمل على تمكين المقاومة الإسلامية في لبنان والعراق خاصة، وكل مكونات محور المقاومة، وفي مقدمتها المقاومة الفلسطينية، لتكون أكثر جاهزية تسليحيًا وعسكريًا وأمنيًا واستخباراتيًا واقتصاديًا وإعلاميًا.

في النتيجة، فإن خيار حزب الله الوحيد حاليًا هو الاحتفاظ بالسلاح حتى آخر صاروخ وبندقية ورصاصة، كما أن خيار إسرائيل الوحيد حاليًا هو ملاحقة هذا السلاح أينما كان، والقضاء عليه بمباركة وضوء أخضر أمريكي. وفي النتيجة، لا حزب بوارد تسليم سلاحه، ولا إسرائيل تركن إلى اتفاق على ترتيبات لا تشمل تسليم السلاح.

ختامًا

تذكروا دائمًا أن حزب الله، بسلاحه وبجهوزيته وحضوره الميداني الفاعل، وبشهادة ومعايشة السواد الأعظم لشعوب الأمة، بل وشهادة ومعايشة العدو الأمريكي الصهيوني نفسه، طالما كان ولا يزال وسيبقى جبهة ردع للعدو الصهيوأمريكي.

إن حزب الله طالما كان ولا يزال وسيبقى، بحضوره الأمني والإيماني والتنويري، قادرًا بامتياز على إفشال كل مخططات مشروع العدو الصهيوأمريكي.

إن حزب الله كان ولا يزال وسيبقى، بحضوره وجاهزيته الأمنية والعسكرية والتسليحية والإعلامية والتثقيفية والتوعوية، صمام أمان للبنان والمنطقة والعالم الإسلامي.

قد يعجبك ايضا