عائدون إلى القدس

بقلم:-ألطاف سعد المناري

نفير وجهاد، استبسال وعزم على النصر أو الاستشهاد، ذلك كان حال أسرانا الأبطال، من وقعوا في يد عدوٍ مختال، ليختبر الله صبرهم على يد الجلاد، وليلقنوا العدو دروس في ثبات وإيمان الرجال، فكانوا روح الوطن المأسور الذي تلقّى كل أصناف العذاب، رموهم في غياهب سجنٍ لا يصلح بيتاً حتى لذباب، لكن أسرانا أناروه كيوسف بحفظ آيات الكتاب، فأنست وحشة السجن بترتيلاتهم، واستوحش من إيمانهم السجّان ، فصب غيظه على أجسادهم ورسم صورته الخبيثة المختبئة خلف اسم “إنسان”، فستنشقت دماءُ عزةٍ أرضية السجن من أجساد أسرى الحكمة والإيمان.

بالغوا في تعذيبهم لإذلالِهم ولم يعلموا أن الأسود تعتز بجراحها الغائرة، فلا تسلم من المعارك إلا الكلاب العاوية، صمود شعبهم كان يُهون جراحهم، والذكر والآيات تطفي نيران أشواقهم، صبرهم ضاها صبر أيوب، وأملهم بالعودة إلى وطنهم فاق أمل يعقوب، وثقتهم بالنصر وازت ثقة موسى وإبراهيم وداوود، ولم يخب الأمل ولم تهتز الثقة، ولم يتزعزع الإيمان، فكلهم يقين أنهم يبحرون مع سفينة نوح العصر، فإن نال من أحدهم عذاب السجّان، ووهنت قواه تحت سوط العدو الجبان، فاز وتحررت روحه وحلق نحو الجنان، شهيداً محرراً في ضيافة الكريم المنان، ومن رسى على بساط الحرية فمعجزة وقول بيان.

اليوم وفي يوم القدس العالمي يعود إلينا جمعٌ من أسرانا التي لم يزدهم السجن إلا تحدٍ وعنفوان، ولسان حالهم نحن عائدون إلى القدس لنعانق مسرى الرسول، ونقطف من باحاته زهور البيلسان، ونذيق مُحتله سُمّ المنُون فقد حان الوقت ليتذوق المر والحرمان، فنحن ليوث الوغى، وصقور البراري، وأسود القفار التي ينحني تحت شموخها صناديد المعارك وأمهر الفرسان .

عادوا بفضل الله والقيادة أسرانا وظلمات السجن التي غشت على أعينهم لسنوات محتها أنوار الحرية، ودموع الانتظار لهم تحولت لدموع الفرح، والخوف والقلق والاشتياق لهم بددته لحظات الاحتضان، ومرارة الأيام بدونهم ولّت وأدّبرت وحلت السعادة في دورهم، فالحمد لله على هذا النصر الذي أعز به شعبنا وأركع به العدو، وبهذا النصر نقول: عهداً لله ولأسرانا المتبقين أننا لن نفرط في القضية، ولن نُوهن أو نضُعف أمام شوقنا لكم، فصّبِروا فبصبّركم نزداد قوة وثبات ورباطة جأش، وحتماً ستعانقون الحرية كما قريب بإذن الله أيها البواسل.

#اتحاد_كاتبات_اليمن

قد يعجبك ايضا