عودة المطالبات بانفصال حضرموت: الخدمات مطيّةً في صراع النفوذ

تصاعد الغضب الشعبي في حضرموت وعدن بفعل أزمة الكهرباء وتردّي الخدمات، وسط عجز حكومي وصراع سعودي – إماراتي على النفوذ في الجنوب.

تفاقمت أزمة الكهرباء في محافظتَي حضرموت وعدن في جنوب اليمن بشكل غير مسبوق، حيث وصلت الانقطاعات إلى أكثر من 18 ساعة يومياً، ما أدّى إلى شلل شبه كامل في الخدمات الأساسية وتعطيل الأنشطة التجارية والإدارية. وتصاعد الغضب الشعبي بشكل واسع على إثر ذلك، متجلّياً في صورة احتجاجات في المُكلّا وعدن للتّنديد بتردّي الخدمات والأوضاع الاقتصادية المتدهورة. ورغم وعود حكومة عدن والتحالف السعودي – الإماراتي الداعم لها، لم تُطرح، إلى الآن، حلول جذرية تضع حدّاً لهذه الأزمة المستمرّة منذ أشهر.
ووفقاً لمراقبين، فإنّ التصعيد الشعبي في حضرموت وعدن ليس مجرّد احتجاج عابر، بل يعكس أزمة عميقة في إدارة الموارد والخدمات، ويهدّد بتحويل الأوضاع إلى فوضى قد تترتّب عليها تداعيات واسعة على الاستقرار في الجنوب، خصوصاً في ظلّ غياب الحلول الحكومية الفاعلة. وفي ما يخصّ أزمة الكهرباء في المُكلّا، وإنْ بدت في ظاهرها مشكلة خدمية، إلّا أنها تعكس، بدورها، صراعاً مفتوحاً بين «حلف قبائل حضرموت» المدعوم من السعودية، و«المجلس الانتقالي الجنوبي» المدعوم من الإمارات، إذ يحاول كل طرف توظيف معاناة السكان وإلقاء اللوم على الآخر.
وتشهد المُكلّا، عاصمة حضرموت، حالة من الغليان الشعبي المستمرّ منذ مساء الأحد، حيث انفجرت الاحتجاجات إثر انقطاع التيار الكهربائي بشكل كامل لأكثر من 18 ساعة يوميّاً، ما أثّر سلباً في حياة السكان، وأدّى إلى شلل شبه كامل في المؤسسات الحيوية والخدمات اليومية. وتصاعد الغضب الشعبي، مساء الإثنين، عندما اقتحم متظاهرون مبنى السلطة المحلّية (مركز بلفقيه الثقافي)، ومؤسسة كهرباء ساحل حضرموت، بالإضافة إلى محطة توليد الكهرباء في منطقة المنورة، وهاجموا الطاقم العسكري المكلّف بحماية المحطة، مردّدين هتافات تطالب برحيل المحافظ، مبخوت مبارك بن ماضي.

التصعيد الشعبي في حضرموت وعدن يهدّد بفوضى قد يترتّب عليها تداعيات على استقرار الجنوب

وفي اليوم نفسه، أغلقت التظاهرات الطرق الرئيسة في المُكلّا، بالإطارات المشتعلة، ما تسبّب بتوقّف الحركة التجارية والإدارية بشكل كامل، وسط تحذيرات من انفلات أمني محتمل نتيجة تصاعد الاحتقان الشعبي. وردّاً على ذلك، أصدرت ما تُعرف بـ«لجنة التصعيد لأبناء وشباب المُكلّا» بياناً دعت فيه إلى عصيان مدني شامل يشمل تعطيل الحركة العامة، وإغلاق مقرّات الدولة كافة حتى إشعار آخر، محمّلةً بن ماضي المسؤولية المباشرة عن تدهور الخدمات، ومتّهمةً السلطات بممارسة «سياسات تجويع وتهميش ممنهجة» بحقّ أبناء المحافظة.
وعلى صعيد متصل، شهدت مديرية غيل باوزير التابعة لحضرموت تظاهرات غاضبة، مساء الإثنين، احتجاجاً على انقطاع الكهرباء، وسوء الخدمات العامة المتفاقم، حيث أغلق المتظاهرون محال الصيرفة والشوارع الرئيسة، مطالبين بإقالة المسؤولين المتورّطين في الفساد، ومعلنين بدء عصيان مدني شامل يشلّ دوائر الحكومة باستثناء الطوارئ. وتوسّعت رقعة الاحتجاجات في المُكلّا، أمس، عندما أقدمَ شبّان غاضبون على إغلاق محال الصيرفة مجدّداً، ونصبوا خياماً وبدأوا اعتصاماً مفتوحاً في وسط المدينة، في تحرّك وصفه ناشطون بأنه يمهّد لإعلان الإدارة الذاتية لحضرموت، كخطوة أولى نحو تمكين أبناء المحافظة من إدارة شؤونهم بشكل مستقلّ عن الحكومة المركزية.
وإلى جانب ذلك، تعيش محافظة عدن أزمة اقتصادية وخدماتية، مع تصاعُد الغضب الشعبي نتيجة ارتفاع أسعار السلع الأساسية والانقطاع المتكرّر للتيار الكهربائي وتعالي المطالبات بإصلاحات شاملة، وتحسين الإدارة الحكومية للخدمات. وفي هذا السياق، أصدرت شخصيات سياسية وكيانات محلّية، من بينها نائب رئيس مجلس النواب محسن باصرة، و«المجلس الانتقالي الجنوبي»، و«حلف قبائل حضرموت»، بيانات حذّرت فيها من تداعيات الانهيار الأمني والاقتصادي على المحافظتَين، محمّلةً السلطات المحلّية والحكومة المركزية مسؤولية الأوضاع، ومؤكّدة دعمها الكامل للمطالب الشعبية المشروعة في تحقيق العدالة وتحسين الخدمات.
وهكذا، تتّسع رقعة الغضب الشعبي، وتتزايد المخاوف من تحوّل الاضطرابات إلى مواجهات مجتمعية أو انفلات أمني، خصوصاً مع غياب الحلول، وتضارب المصالح بين أطراف السلطة، وغياب أيّ موقف حازم من «المجلس الرئاسي» والحكومة. وتحذّر مصادر محلّية من أنّ استمرار تجاهل مطالب المواطنين، وغياب التدخّلات المركزية الحاسمة، سيؤدّيان إلى انفلات الأوضاع في حضرموت خصوصاً، وربما جرّ المحافظة نحو مسار انفجار كبير.

لقمان عبد الله  الخميس 31 تموز 2025
قد يعجبك ايضا