في ذكرى الشهيد.. خطاب القائد سيظل خير شاهد

 

في كل عام تمّر علينا هذه الذكرى وقد انضم الى قافلة الشهداء شهداء جدد أخرين وكم من شهداء أحيّوا معنا معارض الشهداء وزاروا أسر الشهداء وتفقدوها ثم التحقوا بركابهم وأصبحوا في العام الذي يليه شهداء وأصبحت ذكراهم العطرة تفوح عبقا ومسكا لتحيا به النفوس وتلين معها القلوب ,فإن لم تكن هذه الذكرى محطة هامة نراجع فيها أنفسنا ونستلهم منها القصص التي تزيل ران التقصير والذنوب من على قلوبنا وذلك بتذكرنا قصص ومواقف وبطولات أشخاص كانوا بيننا ومعنا وعاشوا معنا في افراحنا وأحزاننا ومناسباتنا المختلفة , فمتى ستحين هذه الفرصة وفي أي محطة غيرها سنقف ؟

فإذا كنا نحكي عن الإمام علي والإمام الحسين والإمام زيد (عليهم السلام) وغيرهم من العظماء الثوار ونتأثر بقصصهم وبطولاتهم التي مضى عليها مئات السنين ولم نعش معهم ولم نَرَهم ولكن ذكراهم خالدة في التاريخ وتحيا بها نفوسنا، فكيف بنا عندما نستذكر مواقف وبطولات لشهداء كانوا معنا وبيننا وعشنا معهم مواقف لا تنسى وشعرنا بسُمّو أنفسهم وهم لا يزالون في الدنيا؟

في قصصهم حياة وعبر وفي مواقفهم دروس يجب أن تخلّد لأجيالنا القادمة ليدركوا عظيم تضحيات الشهداء وبأن ما نحن فيه من عز وفخر ما كنّا لنصل اليه لولا تضحيات شهدائنا العظماء.

السيد القائد أطل في تدشين الذكرى السنوية للشهيد 1444 هـ ليتلو علينا آيات وتبيانا ويرد على شبهات الأعداء حول الشهادة ويفنّدها بالمنطق والحجة ويجعل كل من يستمع له يشتاق للشهادة ويتمنى أن يلتحق بهذه القافلة التي تنجي من التحق بها من كل ما يخيف النفوس وأولها الموت، فعندما يتحدث السيد القائد عن عطاء الشهادة ونعيمها، يؤكد أنه لا نصر ولا عزة ولا كرامة للأمة دون أن تجاهد في سبيل الله وهذا يعني أنه لا نصر ولا كرامة ولا عزة دون الجهاد على بصيرة تحت لواء وراية قائد علم كمثل قائدنا الذي قل أن يجود بمثله الزمان أرواحنا له الفداء، السيّد القائد لم ينسَ شهداء الأمة بأكملها لم يكن ذلك القائد الذي يتذكر تضحيات الجنود الذين قاتلوا تحت رايته ويكتفي بل كان أعمق وأشمل من هذا فأوصل رسالة للعدو أن كل شهدائنا في اليمن وفلسطين والعراق وسوريا وايران هم شهداء الأمة الإسلامية بأكملها.

لقد فضح أساليب المطبعين الذين يستقبلون قادة الكيان الصهيوني بحرارة بينما الدم الفلسطيني يسكب ويراق والتضحيات تقدم، فضح أساليب العدو في العمل على بث النعرات الطائفية العنصرية لضرب وحدة النسيج المجتمعي وحذّر من هذا الأسلوب قائلا الحد الحذر من مساعي الفرقة التي يعمل عليها العدو.

اختار السيد القائد هذه المناسبة للتحذير من مغبة الفرقة العنصرية لأن رياض الشهداء جمعت كل أبناء الوطن من الشهداء من مختلف أسرهم ومناطقهم ومديرياتهم ولهجاتهم حتى أحفاد بلال التحقوا بركب الشهداء ففازوا فوزا عظيما وبلغوا بإخلاصهم أعلى المراتب التي لم يصل لها اشراف القوم.

اختلطت الدماء من كل الأسّر اليمنية من أجل هدف واحد هو عزة وكرامة واستقلال بلدنا اليمن فلا تفتحوا أذانكم لمن يدقون على وتر العنصرية المذهبية المقيتة، ونتحدى أيا كان أن يثبت بأن هناك خطابا واحدا للسيد القائد منذ بدأ يلقي خطاباته حتى من قبل العدوان والى يومنا هذا فيه ولو نفس واحد من الطائفية أو العنصرية أو المذهبية، خطاباته جامعة لا مفرقة تخاطب كل الأمة وليست حكرا على طائفة، يفضح أعداء الأمة بأكملها يوجه النصح والرشاد للجميع يشعر بمسؤولية ملقاة على عاتقه تجاه الجميع.

في هذا الخطاب أخبرهم من جديد بأننا لن نقبل باحتلال ولو شبر من أرضنا، وما أعظمها من مناسبة يرسل فيها هذه الرسائل.

شهداؤنا العظماء سنظل على نهجهم سائرين ولن نحيد عن دربهم سنسمع وصاياهم ونتبع آثارهم ونتفقد أسرهم، فهم من أمنوا من فزع اليوم الأكبر وأمنوا من أهوال يوم القيامة وكذلك أمنوا من مخاطر الانحراف والحياد والتبديل الذي يصيب البعض وهم لا يزالون في الدنيا للأسف.

فكم من أشخاص بدأوا حياتهم بالجهاد وعرفوا طريق الحق ثم زاغوا عنه وانحرفوا سواء شعروا بذلك أم لم يشعروا، أما الشهداء فقد فازوا فوزا عظيما بأن لقوا الله وهم ثابتون على مواقفهم دماؤهم شاهدة عليهم وعلى صدقهم واخلاصهم.

وهنا أكد السيد القائد وجدد عزائمنا بأن لا نصاب بالوهن ولا الندم مهما كانت التضحيات بل يجب أن تكون هناك مشاعر اعتزاز وشعور بأن لا خسارة مع الله مطلقا مهما قدمنا، فالله يبارك كل عطاء مهما كان قليلا، وعندما حث السيد القائد على انشاء الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء على أمل تعاون من كل الجهات فهو يريد أن يحث كل المجتمع على رعاية أسر الشهداء والاهتمام بهم كُلاً من مكانه وموقعه وسبق وأن قال أكرموهم يكرمكم الله، انها مناسبة عظيمة تنتظرها أسر الشهداء سنويا لرفع معنوياتهم وتقدير تضحياتهم رغم أن ما يتم تقديمه لأسر الشهداء اليسير القليل لكن الأثر الكبير يستقر في الروح المعنوية لهم.

فكم هو الأجر عند الله عندما نكون عونا أو سندا لإدخال السعادة والفرحة الى نفوس أمهات وأبناء الشهداء وذويهم والمقربين، علينا أن نُشعر كلَّ من يرفع صورة شهيده أن هذا الشهيد هو شهيدنا جميعا شهيد الوطن بأكمله بل شهيد الأمة الإسلامية كلها والذي لا يقل شأنا عن شهداء الأمة الكبار قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس وصالح الصماد وعباس الموسوي واحمد ياسين وعماد مغنية ويحيى عياش وفتحي الشقاقي وغيرهم الكثير الكثير.. فكل شهدائنا جاهدوا على بصيرة ويقين مدركين بأنهم يقاتلون أعداء الإسلام أمريكا و”إسرائيل” وكل أدواتهم القذرة فالعدو واحد والقضية واحدة وإن اختلفت طرق الشهادة.

وأختم القول بأن خطاب القائد في ذكرى الشهيد سيظل شاهدا على كل مقصر ومفرط ومتهاون، سيظل شاهدا أنه القى الحجة وطرح البيّنة حتى للعدو بأنه بلّغ وحذر ونصح وفضح ووعّى وذكّر وأرشد فلم تعد هناك حجة أو مبرر وكأن لسان حاله “اللهم إني بلغت اللهم فاشهد”، فلا كرامة ولا عزة ولا نصر دون الجهاد في سبيل الله تحت راية أعلام الهدى من يخافهم العدو ويعمل لهم ألف حساب ويدرس كل رسائلهم وخطاباتهم أكثر مما نهتم بها نحن وهذا للأسف شاهد علينا وليس لنا، نسأل الله الوعي والبصيرة والثبات لكل أبناء الأمة الإسلامية فلا منجى لهم دون التمسك بحبل الثقلين كتاب الله وعترة نبيه (صلوات الله عليه وآله).

بقلم السيدة أمة الملك الخاشب

قد يعجبك ايضا