قوى التغيير والإستراتيجة القادمة… بقلم/هاشم الوادعي

 

المشهد الاقليمي الراهن يتميز بعودة القوى المتصارعة الى حجمها الطبيعي.
خلال المراحل الأولى لما سمي الربيع العربي، راينا الاطراف العربية والاقليمية، بعضها يتضخم بما يفوق حجمه الطبيعي وبعضها الآخر يتراج الى ما دون قدرته الفعلية
اليمن حكم على ثورته بالشلل نتاج المبادرة الخليجية التي مكنت حزب الاصلاح الاخواني من تنفيذ مخطط تقسيم اليمن وادخاله في مستنقع الحروب والصراعات وتوسيع دائرة التمدد والتدخل الامريكي فيه.
تضخم حجم قطر، وهي شبه الجزيرة التي يقل عدد سكانها عن عدد سكان حي في العاصمة صنعاء، الى حد فرض قيادتها للجامعة العربية…
تضخم حجم تركيا الى حد الكلام الفظ عن اعادة بناء الامبراطورية العثمانية…
تضخم حجم الاخوان المسلمين الى حد اعلان طموحهم لاسقاط الانظمة العربية المركزية واستبدالها بسلطاتهم….
تراجع حجم مصر الى حدود التبعية لقطر ولتركيا ….
تراجع دور السعودية الى ان تصبح وراء قطر ….
تراجع دور سوريا الى حد الدفاع عن مواقعها في الساحل ومركز العاصمة دمشق…
برزت داعش قوة اقليمية خطيرة تهدد المشرق والاقليم…
برز دور اكبر للكرد ولكن اقل مما هو متاح لهم…
تراجع دور اسرائيل الى حدود مراقبة ما يجري….
حافظت ايران على موقعها ….رغم الحصار الغربي الدولي…
اما الآن فنرى أن:
ظهور اليمن كقوة اقليمية لايستهان بها بعد ثورة 21 من سبتمبر2014م واسقاطها لكبرياء تحالف قوى الاستكبار العالمي وفي مقدمتها امريكا والسعودية من خلال العدوان الذي شن على اليمن مطلع العام2015م
وبالتالي مكن اليمنيين من مسك زمام الامور والتخلص من التبعية الخليجية والامريكية.
قطر رجعت قوة محلية محاصرة…كما هو وضعها الطبيعي…
تركيا عادت قوة اقليمية مؤثرة ولكن غير مهيمنة…وهذا وضعها المعقول والمقبول…
سوريا استعادت القسم الاكبر من أرضها وركزت مكانة دولتها مشرقيا على الاقل…وهو الوضع الذي استحقته بفضل صمودها الاستثنائي…
انحسر وجود داعش ونفوذها الى حدود جزر منفصلة ومحاصرة…وهذه هي وضعيتها المنطقية…مرحليا على الاقل…
تمدد الدور الكردي الى حد لم يعد من الممكن تجاهله او اعادته الى سابق عهده…
اسرائيل تحاول الانتقال من التدخل غير المنظور الى مرحلة التدخل العلني…وهو ما لا تقدر على اكثر منه…
ايران ، كسرت الحصار وركزت مواقع حلفائها العضويين والمرحليين على مستوى المشرق العربي …وهو اقصى ما تستطيعه واقعيا…
مصر تخلصت من الاخوان ولكنها لم تنجح في لعب الدور الذي يتناسب مع قدراتها الكامنة، ولكن من الصعب تجاهلها كليا من قبل الفاعلين الدوليين والاقليميا…..
الخلاصة أن، الوضعية الراهنة للقوى المتصارعة، لم تعد تسمح لاي طرف بطرح اهداف خيالية…من طراز تحرير فلسطين، او تصفية النفوذ الشيعي، او بناء امبراطورية سنية…خاصة وأن الاميركيين والروس موجودين بقوة في الاقليم لضبط الرهانات المفرطة في طموحاتها…وهذا يعني حروبا صغيرة متعددة الجبهات واهتراء مديدا للمنطقة ومشرقها على الأخص
…انطلاقا من هذا التصور الاجمالي على القوى التغييرية بناء استراتيجياتها القادمة..

قد يعجبك ايضا