مفاعيل الصواريخ الإيرانية تنهي الغطرسة الصهيونية
مني العدو الصهيوني بفشل استراتيجي بعد عجزه عن تحقيق أياً من أهدافه المعلنة في العدوان على الجمهورية الإسلامية في إيران، نظراً للموقف الإيراني المتقدم والذي تعدى مسألة الصمود إلى التنكيل بالعدو الصهيوني وتكبيده خسائر بشرية ومادية كبرى أجبرته على الرضوخ والبحث عن حلول تنهي مأزقه.
مع بدء العدوان الإسرائيلي على إيران أطلقت قيادة العدو الصهيوني وكذلك الرئيس الأمريكي ترامب موجات من التهديدات، وبنكاً من الأهداف، أولاها تصفية القيادة الثورية والعسكرية في إيران وإنهاء البرنامج النووي الإيراني وكذلك القوة الصاروخية، حتى وصلت التهديدات إلى إسقاط النظام وإعلان استسلام طهران .
امتصت إيران الصدمة. عيّنت قيادات بديلة للشهداء. وعلى الفور نصبت منصات صواريخها بأجيال متقدمة، وقوة تدميرية غير مسبوقة، مع قدرة على اجتياز كل الأنظمة الدفاعية المتقدمة. بنك الأهداف لدى طهران كلها حساسة ومؤثرة، ومنتقاة بعناية فائقة( مراكز القيادة والسيطرة، مقرات الاستخبارات بمختلف تشكيلاتها، معاهد الأبحاث، منشآت اقتصادية). 12 يوماً من الموجات الصاروخية الإيرانية أحالت كيان العدو إلى ركام. وأرغمته على ترك العنجهية والغرور واستجداء إيران للقبول بالحلول الدبلوماسية بعيداً عن لغة النار والبارود.
وعند التمعن في حجم الخسائر التي مني بها العدو الصهيوني، ندرك أن إعلان ترامب التوصل لاتفاق لم يكن ناتجاً عن صحوة ضمير، بل محاولة لإنقاذ الكيان الصهيوني من المعركة التي كادت أن تودي به في مزابل التاريخ.
مقتل 28 صهيونياً
أسفرت الضربات الإيرانية عن سقوط آلاف القتلى والجرحى من الصهاينة. “نجمة داود الحمراء”، أفادت بأنّ طواقمها تعاملت مع 28 قتيلاً صهيونياً و1319 مصاباً. هذه الأرقام تظهر تخبط العدو الصهيوني من خلال التضارب في البيانات، ففي اليوم الـ8 من الحرب أكدت “وزارة الصحة” في الكيان الصهيوني أن عدد المصابين ارتفع إلى أكثر من 2,500 شخص. أما صحيفة “يديعوت أحرنوت” فقالت: إن الجرحى خلال 10 أيام فقط بلغ (1800).
وإذا كان العدو الصهيوني قد أقر بمقتل (9) صهاينة في اليوم الأخير من التصعيد بينهم “جندي” برتبة عريف من الوحدة متعدّدة الأبعاد “888”، فإن هذا مؤشر على أن عدد القتلى يفوق بكثير عما تم الإعلان عنه.
محلّل الشؤون الاقتصاديّة في “القناة 13” العبرية، متان حودوروف قال ،الخميس،: إن الثمن الأكبر للحرب مع إيران، دفعته إسرائيل دماً”، موضحاً أن “28 إسرائيليّاً قتلوا، 6 منهم داخل الغرف المحصّنة، في بئر السبع في الصلية الأخيرة، فيما أصيب 3170 شخصاً بجروح، من جرّاء 550 صاروخاً”.
أقسى الضربات
وكشف “رئيس بلدية” مستوطنة “بات يام” في “تل أبيب”، تسفيكا بروط، اليوم الجمعة، عن حجم الدمار الكبير الذي لحق بالمستوطنة من جراء القصف الإيراني الأخير، مؤكداً أنّها “تعرضت لأقسى ضربة في تاريخها”، وأنّ حياً كاملاً بمساحة 120 دونماً تم محوه بالكامل.
وفي مقابلة مع قناة “كان” الإسرائيلية، أوضح بروط أنّ “القصف الإيراني الذي استهدف مغتصبة “بات يام” في يوم واحد فقط، خلّف دماراً غير مسبوق”، موضحاً أنّ عدد القتلى والمصابين، إلى جانب حجم الأضرار، يجعل هذا الموقع الأكثر تدميراً في “إسرائيل”، وليس فقط في “بات يام”.
وأشار “رئيس البلدية” إلى أنّ 160 دونماً تضررت بفعل الضربة، وأنّ “من بين 120 مبنًى تضررت، هناك 20 مبنًى سيتم تدميرها كلياً الأسبوع المقبل”، موضحاً أنّ ذلك يعني “محو حي بأكمله”. وأضاف: “انظروا حولكم، جميع المباني المحيطة تضررت، حتى تلك التي لم تُصب مباشرة”، مشيراً إلى أنّ نحو 2000 مستوطن باتوا بلا مأوى نتيجة هذه الضربة.
دمار هائل
في هذه الجزئية من التقرير سنتناول حجم الأضرار المادية التي لحقت بالكيان الصهيوني. من المعلوم أن العدو الصهيوني اعترف بأن إيران أطلقت ما بين (500- 550) صاروخاً باليستياً وما يزيد عن (1000) طائرة مسيرة.
وأمام هذا العدد الهائل من الصواريخ، يشير موقع “غلوبس” الإسرائيلي أنّ كلّ صاروخٍ إيراني سقط في المستوطنات الإسرائيلية أدى إلى ما معدله (4000) مطالبة بالتعويض من المستوطنين. مضيفاً أن الهجمات الصاروخية من إيران أدت إلى إجلاء نحو 18 ألف صهيوني خلال 10 أيام فقط، انتقل 12 ألفاً منهم إلى الفنادق، فيما يعيش الباقون في مساكن مستأجرة.
الصواريخ الإيرانية دكت منشآت حيوية وحساسة إضافة لآلاف المنشآت والمنازل في الكيان الصهيوني. كفرز أولي، فقد كشف العدو عن عدد طلبات التعويض التي تلاقها من صهاينة يطلق عليهم “مدنيون”، فيما لم يتم الكشف عن حجم الأضرار في المنشآت مثل معهد “وايزمان ” ومصفاة “بازان” في ميناء حيفا حيث تقدر الأضرار بمليارات الدولارات.
صحيفة “معاريف” العبرية، كشفت جانباً من الأضرار جراء الصواريخ الإيرانية حيث نقلت ، الأربعاء، عن مدير قسم “التعويضات” في سلطة “الضرائب” في الكيان الإسرائيلي المدعو “أمير دهان”، أنه تلقى خلال أسبوعين، ما يقرب من 40 ألف مطالبة للحصول على تعويضات”، مرجحاً أن يصل عدد الدعاوى إلى 50 ألف مطالبة. وكشف أن سلطات العدو دفعت 2.5 مليار “شيكل”، منذ بداية الحرب، متوقعاً أن يصل المبلغ إلى 5 مليار “شيكل” (نحو 1.5 مليار دولار)، وهذا الرقم يكشف حجم الدمار الهائل الذي لحق بالكيان الصهيوني، فقد وثقت المشاهد تدمير أحياء سكنية بأكملها. وحتى الصهيوني “دهان” المسؤول عن التعويضات أبدى تعجبه من حجم الأضرار، وقال: “هذه مبالغ لم نرَ مثلها من قبل كأضرار مباشرة، أضف إليها معهد “وايزمان” ومصفاة “بازان” فهما حدثان ضخمان، وحجم الأضرار الناتجة عنهما يُقدّر بمليارات الشواكل” حسب قوله، لافتاً إلى أن الأضرار في معهد “وايزمان” تقدر بـ 2 مليار “شيكل” ما يعادل نصف مليار دولار، كما أن هناك ما يقارب 25 مبنى بحاجة للهدم نتيجة تضررها بالصواريخ.
في ذات السياق، أعلنت قيادة الجبهة الداخلية في “الجيش” الإسرائيلي أنّ نحو 240 مبنى في “إسرائيل”، فيها أكثر من 2000 شقة سكنية، قد دُمّرت أو تضرّرت بشدة نتيجة الصواريخ الإيرانية. وأضافت أنّ نحو 9 آلاف شخص فقدوا منازلهم.
وبحسب تقرير صحيفة “كالكاليست” الاقتصادية، فإنّ الضرر في المباني أدى إلى إجلاء 5000 إسرائيلي من منازلهم في المناطق التي أصابتها الصواريخ، وكشفت التقارير أنّ “الحكومة” تعمل على إجبار المستوطنين “على العودة إلى منازل مدمّرة”.
وعن الضرر في الممتلكات، ذكرت “القناة 13” العبرية أن 30809 وحدة سكنيّة أصيبت، الثلث منها غير قابل للترميم، بتكلفة 4 مليار “شيكل” (1.4 مليار دولار)، بحسب تقدير “سلطة الضرائب”، التي أفادت بأن 11294 من سكّان هذه الشقق أصبحوا بلا مأوى، وقد أُجلي منهم إلى الفنادق نحو 10400 شخص.
القناة ذكرت أن نحو 4 مليار “شيكل” (1.4 مليار دولار أميركي) هي تكاليف هجمات سلاح الجو. وأضافت: “صحيح أنّ هذه كانت حرباً قصيرة ومركّزة، لكن بكلّ ما يتعلّق بالمال، كلّ يوم من المواجهة المباشرة مع إيران سيكون باهظاً أكثر من الحرب منذ 7 أكتوبر”.
تبعات اقتصادية كبيرة
هناك أيضاً تقارير إسرائيلية تفيد بأن العدو الصهيوني تكبد قرابة 5 مليارات دولار، أي نحو 725 مليون دولار يومياً، للإنفاق على العمليات الهجومية على إيران وتكاليف الإجراءات الدفاعية لصدّ صواريخ طهران ومسيّراتها. فوفقاً لصحيفة “كالكاليست” العبرية، فإن الإنفاق لتغطية احتياجات صندوق “تعويضات الأضرار” فقط يقدر بنحو 5 مليارات “شيكل” (حوالي 1.44 مليار دولار). وأضافت: “في مركز “تل أبيب” الذي يشمل مدن “غوش دان”، سُجّلت حتى الآن نحو 25 ألف دعوى، أي نحو 65% من مجموع الدعاوى المقدمة، وفي مركز “عسقلان” سُجّلت نحو 10,800 دعوى، وفي “عكا” نحو 2,600، في القدس 94، وعدة مئات من الدعاوى في مراكز أصغر إضافية”.
الصحيفة أشارت إلى أنّ الأسواق تتوقع عجزاً “حكومياً” يتجاوز 6% العام الجاري، مقارنة بالسقف الذي حدّدته “حكومة” العدو البالغ 4.9% من الناتج المحلي الإجمالي.
في السياق ذاته، أشار مراسل القناة “12” العبرية الصهيوني “يائيل أوديم” إلى أنّه تضررت نحو (208) مؤسسات تعليمية في “إسرائيل”، معظمها في منطقة “تل أبيب” من جراء الصواريخ التي أطلقت من إيران.
الخسائر 12 مليار دولار
نقل موقع “بلومبرغ” الأمريكي، في تقرير، أنّ تكلفة الأضرار التي تكبّدتها “تل أبيب” خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً مع إيران، تقدّر بـ10 مليارات “شيكل”، أي نحو 3 مليارات دولار. وأشار الموقع إلى أنّ هذه التكلفة تشمل ترميم المباني التي طالتها الصواريخ ودفع التعويضات للشركات المتضررة، استناداً إلى بيانات من “وزارة المالية “و”هيئة الضرائب” في كيان العدو الإسرائيلي.
وقال الصهيوني ” شاي أهارونوفيتش”، المدير العام لـ”سلطة الضرائب”: إنّ ما جرى هو “أكبر تحدٍ واجهناه – لم يكن هناك مثل هذا القدر من الأضرار في تاريخ إسرائيل”. ولا تشمل هذه التقديرات تكلفة استبدال الأسلحة ومنظومات الدفاع التي استُخدمت، والتي من المرجح أن ترفع التكلفة الإجمالية إلى مستوى أعلى بعد استكمال التقييمات.
وفي هذا السياق، صرّح “وزير المالية” في “حكومة” الكيان الإسرائيلي، الصهيوني “بتسلئيل سموتريتش”، بأنّ إجمالي الخسائر قد يصل إلى 12 مليار دولار، بينما قدّر محافظ “بنك إسرائيل”، أمير يارون، الرقم بنصف ذلك، خلال مقابلة مع تلفزيون “بلومبرغ”. لكن، مهما كان الرقم النهائي، فإنّه “يمثل تحدياً لاقتصاد يعاني بالفعل من ضغوط بسبب 20 شهراً من الصراع الأوسع”، بحسب “بلومبرغ”.
إذاعة “الجيش” الإسرائيلي أقرت بأن “العملية العسكرية الإسرائيلية ضد إيران هي الأكثر تعقيداً في تاريخ الجيش الإسرائيلي”. وقالت عما وصفته بأنه “ملخص العملية العسكرية الإسرائيلية ضد إيران”: “التهديد الإيراني سيظل يرافقنا، ولن تختفي إيران”. وأشارت إلى أن “إسرائيل” تستعد الآن لبناء “قوتها”، في حال تجددت الحرب مع إيران.
أهداف استراتيجية
بعض الهجمات لم تكن تقليدية، فأظهرت تكتيكات استثنائية للقوات الإيرانية، مثل مقر القيادة والسيطرة والاستخبارات الكبرى في “جيش” العدو الإسرائيلي (IDF C4I)”. المعسكر الاستخباري التابع للعدو داخل مجمع التكنولوجيا (غاڤ-يام)، والذي يقع بالقرب من أحد المستشفيات.
ومن القواعد التي دكّتها الصواريخ الإسلامية قاعدة “نيفاتيم”، وقاعدة “حتسريم”، وقاعدة “رامون”، وقاعدة “جيليلوت” العسكرية (مقر وحدة الاستخبارات العسكرية 8200) شمال “تل أبيب”. ومن الأهداف الاستراتيجية جداً والتي أوجعت الكيان الصهيوني وأمريكا، استهداف معهد “وايزمان” للعلوم Weizmann Institute في “رحوفوت” جنوب ما تسمى بـ”تل أبيب”، والذي يمثل قلب البحث الإسرائيلي، كما تم استهداف معهد “إسرائيل” للأبحاث البيولوجية، وهو معهد دفاع “حكومي” يختص بالأبحاث البيولوجية، كالكيمياء الطبية وعلم البيئة، يقع في “نيس صهيونة”، على بعد 20 كيلومتر جنوب “تل أبيب”، وهو مركز سري للغاية، ومتخصص في مجال السموم.
واستهدف الحرس الثوري مقر الاستخبارات العسكرية الصهيوني، ومركز العمليات التابع لجهاز الاستخبارات (الموساد)، وهو مركز تصميم عمليات الاغتيال والأعمال التخريبية للكيان الصهيوني. وكذلك مصنع الأمونيا في ميناء حيفا، ومحطة توليد الكهرباء، والبنية التحتية التي تضررت بشدة، بسبب القصف الصاروخي، الذي استهدف أيضاً مطار “بن غوريون”، والمناطق المحيطة به.
“إسرائيل” ترضخ
في ظل الفشل الإسرائيلي الأمريكي عن التأثير على القدرات الصاروخية والنووية الإيرانية أو القدرة على التصدي لصواريخ إيران وتقليل تأثيرها، مع تزايد الكلفة الاقتصادية جراء الأضرار المتزايدة جراء دقة الصواريخ الإيرانية واستمرار إيران في عملياتها العسكرية وبشكل متصاعد، مع تركيز على الأهداف الحساسة جداً، كان لزاماً على العدو الإسرائيلي النزول من فوق الشجرة وإعادة قراءة المشهد بناء على معادلات الردع التي فرضتها إيران، وبالتالي القبول بوقف إطلاق النار والتخلي عن الأهداف التي وضعها العدو لصعوبة تحقيقها.
المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، أعلن في بيانه أن إيران حققت نصراً، وأجبرت الأعداء على طلب وقف إطلاق النار، مشيراً إلى أن يقظة المقاومة والقدرة على تحديد اللحظة المناسبة وتضامن الشعب الإيراني ووحدته هزم الاستراتيجية الرئيسية للعدو.
رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي من جهته أكد أن إيران خططت لعدم حدوث أي توقف في مسار الصناعة النووية، واتخذت التدابير اللازمة. وأضاف: “نحن الآن في طور تقييم الأضرار، ولدينا خطط استباقية للنهوض مجدداً، ونحن عازمون على عدم السماح بأي توقف في مسار الصناعة النووية”، وهو ما يؤكد الفشل الأمريكي الإسرائيلي في إيقاف برنامج إيران النووي.
موقع أنصارالله