مقالات صحيفة الحقيقة في عددها رقم “385”الصادر اليوم الإربعاء 2020/12/23

 

 

عن الشهيد وعدالة القضية

بقلم/علي القحوم

في هذه الأيّام يُحيِي أبناءُ شعبنا اليمني العظيم مناسبةَ الذكرى السنوية للشهيد والتي من خلالها نستلهمُ العطاءَ والبذلَ الذي قدمه الشهداءُ؛ مِن أجلِ إزالةِ الظلم وإحقاق الحق.

هنا وخلال هذه المناسبة الغالية والعظيمة، أحببتُ أن أكتُبَ عن الشهيد والشهادة، فالشهيد هو مَن يشهد على عظمة المنهج وحكمةِ القيادة والمسيرة التي انطلق فيها. فالشهداءُ العِظامُ هم مَن شهدوا على عظمة المسيرة وعدالة القضية.

والشهادة هي وسامٌ وشرفٌ يمنحُه اللهُ لأوليائه، فالشهيد يقدم حياته وهي أغلى ما يملك رخيصةً في سبيل الله ليحظى ويكافَأَ بأعلى المراتب في الجنة ويفوزَ فوزاً عظيماً.

إنها فعلاً لحظاتٌ لا يمتطي صهواتِها إلا مَن هو واثق أنه على الحق ويشهدُ على عظمة دين الله، إنها لحظاتٌ يعجزُ عن وصفها البيان.

فما أعظمَها من مِنَّةٍ، وما أعظمَ الشهادة في سبيل الله، الناس تموت والشهيد حيٌّ يُرزق عند مليك مقتدِر، فما هي إلا ثوانٍ معدودةٌ ويجتاز الشهيدُ قيودَ الحياة فينطلق حراً بروحه الطاهرة إلى الحياة الأُخرى، فيرى النعيم ما هو فوق البيانِ، فتُفتح له الجِنانُ وترحبُ به ملائكةُ الرحمن، هي لحظات يضُمُّها المؤمن ضمةَ العاشق الولهان، لا وصب ولا نصب، إنها لحظاتُ إيمان تدفعُ به إلى الجنان لينامَ قريرَ العين مرتاحَ البال ضامنَ المستقبل رابحَ التجارة، فهنيئاً لك يا شهيد.

الآياتُ الكثيرةُ التي تتحدث عن الشهادة وفضل الشهداء تعبِّرُ أجملَ تعبيرٍ عن منزلة الشهيد وعلوِّ مقامه، ويظهر من خلالها أن الشهيد وصل إلى أعلى المقامات الإلهية وتحوطُه العنايةُ والرحمة الربانية بأعلى مراتبها.

إنَّ الشهادةَ في سبيل الله مظهرٌ من مظاهر رحمة الله ووسامٌ وشرفٌ لا يهديه اللهُ سبحانَه وتعالى إلا خَاصَّةَ أوليائه، وذلك بعد اجتياز العديد من العقبات التي تحولُ بينه وبين ذلك المقام الرفيع؛ ولهذا وفي مسيرتنا القرآنية عائلةُ الشهيد تفتخرُ بالشهيد ومجتمعُنا يهنئ هذه العائلة بوسامِ الشهادة والشرف العظيم الذي ناله الشهيد؛ ولذلك أصبحت ثقافةُ الشهادة متجذرةً في هذه الأُمَّــة التي سعى الأعداءُ والطُّغاة إلى تركيعِها وإذلالِها.

وهنا أريدُ أن أُقَرِّبَ لكل باحث يبحثُ عن سِرِّ قوة أنصار الله وماهيتها بأن لا يُتعِبُ نفسَه في البحث، فقوَّتُهم ترتكزُ على مقومين أَسَاسيين هما: عظمةُ المنهج والقيادة.

 

 

 

بتضحياتهم ننتصر

بقلم/ هاشم الأهنومي

يستمر البذل والعطاء في شعب الإيمان والحكمة يوماً بعد آخر في سبيل تحقيق العزة والكرامة والانتصار لمظلوميته التي سكتت عنها الكثير من الدول حفاظاً على مشاريعها السياسية.

دول كثيرة صمَّت آذانها وحرفت أعينها عن رؤية أبشع الجرائم بمختلف أنواعها، وفي مقابل ذلك تحرك الرجال الأوفياء الذين أدركوا بغي العدوان الصهيوأمريكي السعودي بحق الشعب اليمني لردع هذا المعتدي المحتل، وارخصوا كل غالٍ من أجل كرامة وعزة أبناء هذا الشعب.

ما الذي أشعل براكين غضب هؤلاء الأحرار ودفعهم لبذل أنفسهم رخيصة في سبيل عزة اليمنيين؟

الكثير من الشهداء تحركوا على درب الشهيد القائد السيد/ حسين بدر الدين الحوثي، الذي صرخ في زمن السكوت، ونهض في عصر القعود، وانتهاجاً لثورة حسين العصر تحرك الشهداء من منطلق قرآني لمواجهة الغزاة المحتلين والرد على الجرائم الوحشية بحق المدنيين.

تجد الكثير من الأبطال الذين رحلوا من الدار الفانية إلى الدار الباقية تركوا أولادهم وأزواجهم وأموالهم وهاجروا في سبيل الله ونصرة المستضعفين، وبصدق وعزيمة تلك الفئة المخلصة سطر شعب الإيمان أروع البطولات التي لم يشهد لها التاريخ مثيلاً من قبل.

دماؤهم الزكية غرست في قلوب اليمانيين عشق التضحية والفداء، ورسمت طريقاً يسير عليه كل يمني حر, تلك الدماء كانت وقوداً للأحرار في مواجهة كل الصعاب بمختلف مراحلها وكل التحديات العالمية الظالمة.

إن أقل واجب ديني ووطني علينا تجاه تلك التضحيات العظيمة هو مواصلة المسير على الدرب الذي أسسه الشهداء، والاهتمام بأسرهم والانتهاج بنهجهم، وأن لا نفرط بالقضية التي ضحوا من أجلها.. وعلى كل الطغاة والمستكبرين أن يفهموا أننا شعب متمسك بهويته وسائر على خطى شهدائه جيلاً بعد جيل حتى يوم يبعثون.. طالت الحرب أم قصرت

 

 

 

الشهداءُ لا يموتون

بقلم/توفيق عثمان الشرعبي

تجري الاستعداداتُ لإحياء الذكرى السنوية للشهيد كمناسبة وطنية عظيمة تليقُ بمن قدّموا أرواحَهم دفاعاً عن سيادة واستقلال الوطن وعزة وكرامة أبنائه؛ باعتبَار الشهداء هم الأكرمَ والأعظمَ الذين يُعدُّ الوفاءُ والعِرفانُ تجاههم واجباً دينياً وأخلاقياً يُجسَّدُ فيه الانتماءُ لهذا الوطن، وهي قضيةٌ إيمانيةٌ تعبر عن هُــوِيَّة هذا الشعب الذي يبذل أغلى ما يملك في سبيل قضيته وهم الشهداء..

والذكرى السنوية للشهيد ليس مناسبة احتفائية بغرض الاحتفال وإنما مناسبة لترسيخ المبادئ والقيم الدينية والوطنية التي جسّدها الشهداء بتضحياتهم ليحيا اليمن وأجياله القادمة أعزاء كرماء على ارض وطنهم الموحد والمستقل..

وهنا نتبين المقصود من هذه المناسبة العظيمة الهادفة إلى جعل الشهداء والقضية التي ضحوا مِن أجلِها بأغلى ما يملكون خالدة في وعي وذاكرة شعبهم الذي يعبر عن ذلك بالاهتمام بأبنائهم وأسرهم وإعطائهم الأولوية في اهتمامات ليس فقط الدولة بل وكل أبناء هذا الشعب المؤمن الصامد..

إن الأمم الحية والحرة والكريمة تستمد قوتها وإرادتها من اهتمامها بشهدائها الذين روَوا شجرة الحرية بدمائهم لتكبر متجذرة في نفوس هذه الشعوب فتصبح منيعة أمام أي معتدٍ أَو غازِ يريد سلبَها أرضَها وكرامتَها..

وهذا ما يجعل تضحيات الشهداء ودماءهم الزكية هي الشعلة التي تستنير بها الأجيال وتذكي فيهم الروح الجهادية لمواصلة مسيرة الدفاع عن الدين والوطن القادرة على هزيمة أية قوة مهما بلغت قدراتها وإمْكَاناتها..

لهذا ستكون فعاليات إحياء أسبوع الشهيد تمتلك الاستمرارية بما يعطي الشهداء مكانتهم وبما يجعل أبناءهم يمتلئون بشعور الفخر والشموخ؛ كونهم يحتلون مكانة تحظى باعتزاز شعبهم وأمتهم..

والمعنى هنا ألا يقتصر هذا الاهتمام على بعض الامتيَازات بل يكتسب طابعا يشمل كافة المجالات بحيث يكون أبناء الشهداء وأسرهم هم استمرارية لهذا العطاء الذي لا يضاهيه عطاء، وهذا وحدَه ما يؤكّـد أن شهداءنا عظماؤنا فهم لا يموتون.

 

 

أمريكا أم الإرهاب.. جرائم العدوان على اليمن سيّد الأدلة

بقلم/*السفير عبدالإله حجر – مستشار رئيس المجلس السياسي الأعلى للشؤون الدبلوماسية

كانت التوقعات والحسابات للحرب العدوانية على اليمن ألَّا تتعدى الحرب أياما معدودة، فإذا هي تطول لتصبح أكثر من مدة الحرب العالمية الأولى وتقارب سنوات الحرب العالمية الثانية.

عُقد في صنعاء في 2 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، مؤتمر صحفي لإعلان التقرير الأول للفريق الوطني المكلف بالتعامل مع فريق الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين الخاص باليمن، والذي يتألف من المفوض السامي لحقوق الإنسان، حول انتهاكات دول العدوان (الأمريكي- السعودي- الإماراتي) في اليمن للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

التقرير أعده مجموعة من الخبراء والمختصين والمسؤولين من الجهات الحكومية الرسمية، الأعضاء في الفريق الوطني. وكان لمنظمات المجتمع المدني الحظ الأوفر في توفير البيانات والإحصائيات المتعلقة بالجرائم المرتكَبة، بحكم قدراتها على الرصد والتوثيق وجمع البيانات.

حوى التقرير أبرز جرائم وانتهاكات دول تحالف العدوان لأكثر من 5 سنوات، والمتمثلة في إزهاق أرواح ما يربو على مليون شخص، قصفا وتجويعا وحصارا، وجرح مئات الآلاف، وتدمير المنازل والمدارس والجامعات والمعاهد والمستشفيات والمباني الحكومية وآبار المياه ومحطات الكهرباء وصالات الأفراح والعزاء والأسواق والمزارع والمصانع ومخازن الغذاء والطرقات والجسور والشاحنات وقوارب الصيد والأماكن الأثرية والمساجد والمعالم الدينية… ولم تُستثنَ من القصف حتى المقابر.

وما هذه الجرائم الموثقة إلَّا غيض من فيض الإرهاب السعودي الأمريكي بحق الشعب اليمني.

وأجاب التقرير على التساؤل حول سبب تسمية العدوان “الأمريكي- السعودي- الإماراتي”، رغم أن الاعتداء سعودي ويتم إصدار بياناته من قِبل المتحدث العسكري السعودي في الرياض، مشيراً إلى أن السفير السعودي السابق في أمريكا، عادل الجبير، أعلن الحرب والعدوان على اليمن من العاصمة الأمريكية واشنطن، وأن الطائرات التي أغارت وتُغِيرُ على المحافظات اليمنية منذ الـ26 من آذار/ مارس 2015 حتى اليوم، هي أمريكية الصنع، وكذلك الصواريخ والقنابل التي تلقيها على رؤوس اليمنيين، ومنها ما هو محرّم دوليا، وتقتل به أطفال اليمن ونساءها ورجالها، وتدمر المنازل والأعيان المدنية والبنية التحتية، غالبيتها أمريكية الصنع، إضافة إلى أن غرف السيطرة والتحكم وغرف العمليات يديرها ضباط أمريكيون بشكل أساسي، إلى جانب بعض الضباط من دول أخرى، والتي تصدر منها الأوامر والإحداثيات لعمليات القصف الجوي، كما أن عمليات تزويد الطائرات العسكرية بالوقود في الجو تتم من قِبل طائرات وكوادرَ أمريكية.

هذه الدلائل كافية لاستنتاج أن الحرب أمريكية بالدرجة الأولى، وتُعتبر حربا بالإنابة واستعمارا حديثا تتولى السعودية والإمارات القيام بها طمعا في رضا النظام الأمريكي ـ الصهيوني.

وأثار التقرير تساؤلا آخر لَهُ أهميته، وهو: لماذا تشن أمريكا حربا على اليمن وشعبها؟

وكانت الإجابة أن الإدارة الأمريكية أرادت تصحيح الاختلالات الاقتصادية في أمريكا باستنزاف السعودية وسحب الأموال الطائلة مقابل أسلحة وذخائرَ ومقابل حماية نظام دكتاتوري قمعي ظالم سيئ السمعة، منبع الإرهاب الدولي والإقليمي.

ولا شك أن الاهتمام الأمريكي بالمخاوف “الإسرائيلية” الكاذبة من تهديد أمن الملاحة البحرية والشعور بالخطر الناجم عن تنامي قوة محور المقاومة للاحتلال “الإسرائيلي”، هو أحد الدوافع الرئيسية لشن الحرب على اليمن. وقد تعززت هذه الفرضية لتصبح حقيقة واضحة بعد تحول العلاقة “الإسرائيلية”-الإماراتية- السعودية من السرية إلى العلانية بالاعتراف الإماراتي بـ”إسرائيل” رسميا في 13 آب/ أغسطس 2020، واللقاء السري بين محمد بن سلمان ونتنياهو في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، والتصريحات “الإسرائيلية” حول التعاون الأمني البحري مع الإمارات.

كانت التوقعات والحسابات للحرب العدوانية على اليمن ألَّا تتعدى الحرب أياما معدودة، فإذا هي تطول لتصبح أكثر من مدة الحرب العالمية الأولى وتقارب سنوات الحرب العالمية الثانية، وتتسبب بأسوأ كارثة إنسانية ألحقت بأمريكا والسعودية والإمارات وبريطانيا وفرنسا سجلا تاريخيا سيئا ومرعبا في انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. كما أن الإدارة الأمريكية تلتقي مع النظام السعودي بهدف الرغبة والحرص على استرجاع هيمنتهما في الشأن اليمني، وعلى جميع الأصعدة.

وأوضح التقرير أن تاريخ العداء السعودي لليمن طويل واكتسب طابعا دينيا تكفيريا، وقد تجلّى ذلك في قتلها 3000 حاج يمني في منطقة تنومة، في طريقهم لتأدية مناسك الحج عام 1923.

من جهة أخرى، تم الاحتواء السياسي السعودي لليمن منذ السبعينيات إلى وقت شن العدوان، وتخلل تلك الفترة تغلغل الفكر الإرهابي الوهابي من خلال السيطرة على التعليم والثقافة والإعلام ومركز القرار. وشهدت اليمن في السنين التي سبقت العدوان هجمات إرهابية شرسة قام بها ما يُسمّى “تنظيم القاعدة” الذي يضم مواطنين سعوديين، استهدفت المساجد وتجمعات الجنود وكلية الشرطة ومستشفى وزارة الدفاع، وشنت حملة اغتيالات واسعة من قبل العناصر الإرهابية ضد عناصر القوات المسلحة والقوات الجوية والعلماء والسياسيين من جميع الأطياف.

وكانت قناتا “وصال” و”صفا” السعوديتان تبثّان أنباء تلك الهجمات منتشية فرحة ومبشرة مشاهديها بقتل أعداد كبيرة ممن تسميهم المجوس الكفرة، ومن بينهم أطفال، ولا يزال السفير السعودي آل جابر يُطلق المصطلحات ذاتها على الجانب الوطني.

 

 

 

قد يعجبك ايضا