مقتطفات من المحاضرة الرمضانية العشرون للسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي 21 رمضان 1444هـ

– في شهر رمضان المبارك شهر التربية على التقوى، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.

– في شهر رمضان، شهر نزول القرآن، وأجواء القرآن، فمن المهم جداً من فوائد الاهتداء أصلاً أن تنتقل من نظرتك القاصرة والمزاجية إلى كثير من الأمور وتقييمك القاصر لها إلى الاهتداء بالقرآن الكريم والنظرة لها من خلال القرآن الكريم.

– من فوائد الاهتداء بالقرآن الكريم {قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا ۚ وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ} فلنسعى إلى أن نبصر بالقرآن والنظر من خلاله، عندما تنظر من خلال القرآن ستبصرها على حقيقتها كما جاء في الحديث “كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم” وكما قال أمير المؤمنين عليه السلام “كتاب الله تبصرون به”.

– من أكثر ما أضر بالعرب على وجه الخصوص هو نظرتهم القاصرة وانعدام الوعي وعدم التركيز على الأمور المهمة والاهتداء بالقرآن الكريم تجاهها.. فهم انفصلوا عن القرآن للتعاطي معها، وهذا أثر عليهم تأثيراً كبيراً.

– في الأمر بالتقوى في القرآن الكريم أتى بها بشكل مميز لا مثيل لها في بقية المواضيع في قوله تعالى مخاطبا به المسلمين في كل عصر وجيل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} في بقية السياقات في القرآن الكريم فيما يأمر به أو ينهى عليه يأمر قبله أو بعده “اتقوا الله” لكن في هذا الموقف يقول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}.

– الله سبحانه وتعالى سيحاسبنا يوم القيامة على أساس ما هدانا إليه في كتابه ويحتج علينا في مقام الحساب بآياته.

– الآية بكل وضوح حددت الخطر الرهيب، الخطر على دين هذه الأمة، وحددت مصدر ذلك الخطر وهم أهل الكتاب، وبينت أن هذا التهديد هو خطر حقيقي، وهم بالفعل يسعون إلى تحقيقه لاستهدافه للأمة.

– أهل الكتاب برزوا على مدى التاريخ ومنذ عصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كأعداء رئيسيين للمسلمين، هم دخلوا مع رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم في عدة حروب وأسهموا في مخططات وحروبهم مع الآخرين ضد رسول الله والإسلام والمسلمين.

– رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله تحرك على أساس هداية الله وتوجيهاته للتصدي لمؤامراتهم، ثم أتى في تاريخنا المعاصر اللوبي الصهيوني في الثلاث القرون الأخيرة بشكل واضح، نتيجة للخلل في واقع المسلمين.. هم برزوا ليتحالفوا فيما بينهم رغم خلافاتهم القديمة، لكنهم تجاه المسلمين يتعاونون سوياً.

– هم يتعاونون ويتحركون وبرزوا تاريخياً وفي مراحل كثيرة واستمر الصراع معهم واستهدافهم للمسلمين على مدى التاريخ، وبرزوا بوضوح كأعداء أساسيين للمسلمين وكأعداء خطرين.

– القرآن الكريم قدم تشخيصاً حقيقياً لأهل الكتاب، من المهم المعرفة به، معرفة الوقاية من خطرهم ومن الخطر الناتج عن التفريط في هذه القضية ما بيننا وبين الله سبحانه وتعالى في الحساب والجزاء على ذلك.

– للأسف لا يوجد تفاعل في ذلك، إن وجد وجد تفاعلاً لحظياً، إذا حدثت جريمة فيلفت الناس التفاتة لحظية ثم يبرد الناس ولا يتفاعلون في تحرك مستمر لتغير الواقع وتقي الأمة من الشر.

– في واقع الأعداء هو الموضوع  الأساسي بالنسبة لهم، العداء لنا، حاضر في كل اهتماماتهم، في أبحاثهم ونشاطهم المعلوماتي وحاضر في خططهم وأنشطتهم العملية بشكل أساسي، وحاضر في سياساتهم التي يرسمونها تجاه هذه الأمة، اهتمام كبير في هذا الموضوع كأنهم هم من جاء فيهم “اتقوا الله حق تقاته”.

– في القرآن الكريم تحدث الله سبحانه وتعالى عن الشيطان كعدو وحذرنا منه وكشفنا لنا خططه وبين لنا سبل الحماية منه وقال {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} هي نفس المسألة المتعلقة بأعدائنا من اليهود والنصارى، المساحة الكبيرة من القرآن الكريم حذر منهم وبين خطورتهم وبين سبل الوقاية، منها {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِينَ} .. هذا في سياق الحديث عن عواقب التفريط في هذه القضية التي سيترتب عليها سواد الوجوه في الدنيا والآخرة.

– ميزة ما يقدمه القرآن الكريم أنه حقائق، عندما يتحدث عنهم أنهم أعداء وخطورتهم وخطورة تجاهلهم بالتعامل بهذا الموضوع، بدلاً عما هدى الله إليه فإن ذلك سيشكل علينا خطورة في الدنيا والآخرة.

– إذا نظرت إليهم أنهم لا يشكلون خطورة علينا.. أنت تنظر نظرة لا هي نظرة القرآن ولا نظرة الواقع.. والقرآن هو حقائق هو كلمات الله، {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا}.

– الله سبحانه وتعالى هو الرحيم بنا حينما يحذرنا من أعداءنا، لأن ما يأتي من جانب العدو ليس سهلاً، ليس مسألة بسيطة، ما عاناه المسلمين وما يعانوه اليوم ليس بسيطاً في كل مجالاتهم هو معاناة رهيبة جداً، يقتلون، تستباح حياتهم وأوطانهم وثرواتهم، تدور رحى المؤامرات على رؤوسهم، ولا تتوقف.

– الله سبحانه وتعالى في سياق حديثه عن أعداءنا من اليهود، عن خطورتهم، عما يقي من شرهم، قال جل شأنه {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَىٰ بِاللَّهِ نَصِيرًا}  هو أعلم بأعدائنا، من هم؟ ما هو مدى خطورة هذا العدو؟ ما هي الطريقة الصحيحة في التصدي لخطر ذلك العدو والوقاية من شره؟ الله هو الأعلم.. لماذا لا نرجع إلى آياته؟، لماذا لا نسمع هديه؟ وهو الأعلم بهم.

– الشيء العجيب في واقع العرب في المقدمة، وهي حالة في العالم الإسلامي بشكل عام، أن الناس سواء كيانات، أنظمة، حكومات، زعماء أو حتى في الساحة العربية، ومكونات مختلفة سياسية أو مذهبية، يتعادون بسهولة ينطلقون على أساس ذلك في الواقع العملي يتحركون ضد بعضهم البعض بكل الأشكال المتاحة وحسب مستويات ذلك العداء.. تجد البعض لأتفه سبب يشتد غيضاً وانفعالاً ثم يتحرك بشكل عدائي في أقل الأحوال يترجمها بأقوالهم وقد يتبعها بالمقاطعة وقد يتبعها بشيء أشد خطورة كقتال أو غير ذلك.

– {هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ}  الحقيقة الأولى التي ركز عليها القرآن الكريم أنهم أعداء خطيرون وأنهم أعداء يحملون عقدة الحقد الشديد تجاه الأمة.

– سيبقى تعاملهم من جانبهم معك على أنك عدو، يحقدون عليك، يكرهونك في الوقت الذي أنت تحبهم، يحتقرونك في الوقات الذي أنت تعظمهم تعتبرهم بأنهم رمز الديمقراطية والتقدم.

– وقد لا يعتبرونك في مستوى كائن بشري حقيقي كما هو معروف عنهم.. في نظرتهم لغيرهم لا يعتبرون الآخرين بشرا مثلهم، يعتبرونك حيواناً على شكل بشر.

– قد يكرمونك ويسمونك في غاية الاحترام ((بقرة)) بعد أن أفنيت كل شيء في خدمتهم.

– الفارق هو أنك عندما تسكت وتستسلم لهم، أو تحبهم وتتفاعل معهم وتحالفهم وتواليهم في كلا الحالتين أن تكون يقضاً مهتماً مؤمناً بكلماته مؤمناً بما قال عنهم وفيهم وما قاله في الوقاية من خطرهم.. الفارق في كلا الحالتين أنك سهلت لهم الطريق للسيطرة عليك والدفع بك إلى الهاوية.

– يقول تعالى {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} اليهود رقم واحد والذين أشركوا رقم اثنين.. اليوم من يقود أشد العداء ضد الأمة الإسلامية هم اليهود ليسوا فقط أعداء، بل أشد الناس عداوة، عدائهم أشد من أي طرف آخر، يقول عنهم  {وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ} سياسة الإرضاء وتقديم الخدمات أو بسياسة السكوت والجمود عن كل ما يقومون به، لا تجدي ولا تنفع معهم.

– يقول عنهم في آية عظيمة  {هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ} هذه للمحبين لهم الذين حملوا انطباعات عاطفية له، {وَلَا يُحِبُّونَكُمْ} هم يكرهونكم برغم أنكم تحبونهم، يقول عنهم {لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا}   لا يترددون أو يقصرون بذلك كل ما بوسعهم أو يعملوه لإثارة المشاكل والتخريب في واقعكم بل كل ما يمثل مشكلة عليكم.

– يقول عليهم {وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ} حالة حقد مشتعلة متأججة في المشاعر، لهذه الدرجة عض أناملهم من الغيض.

– عداوتهم ليست جامدة، عداوتهم مستمرة توجه عملي حقيق قائم، فيما الأمة غائبة عن التركيز والانتباه، وهذه حالة خطيرة جدا.

– هم يحرصون على أن لا ننظر إليهم كأعداء وأن نتقبل كل ما يأت من عندهم، أن يكون واقع المسلمين تقبل تلك الرجل التي تسحقهم، هذه حالة غريبة جداً.

 

قد يعجبك ايضا