ثقافة قرآنية :صحيفة الحقيقة العدد “335”: دروس من هدي القرآن للشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه

 

كلمات من نور
وفعلاً لو تتوفر عوامل النصر لدى فئة، تكون على المستوى المطلوب، ويوفرون أيضاً من الأسباب المادية ما يمكن أن يوفروه, لا شك أن هؤلاء سيحققون نصراً كبيراً.

رضى المجتمع بمواجهة العدوان يشكل رافداً كبيراً للمجاهدين

عندما تكون أنت إنساناً مؤمناً، ومجاهداً، وتنفق، وعندك والداك، وعندك أسرتك، فتكون أنت تصل في وضعيتهم إلى حالة منهكة جداً، أليس الذي سيحصل في نفوسهم هو تضايق من العملية هذه، من التوجه الذي أنت فيه؟ إذا أنت تحاول تراعي مشاعرهم أو تحاول توفر لهم – بحسب الوضعية، وبحسب الشيء الضروري – توفر لهم، وتذكرهم بأننا الآن في مرحلة لا بد أن تكون نفقاتنا محدودة، لا بد أن نتقشف نوعاً ما من أجل نوفر أن ننفق في سبيل الله و…سيحصل من الوالدين، سيحصل من الأقربين عبارات تشجيع.
لكن قد تتحرك هنا ويكون أبوك، وأمك، وأقاربك الذين هم عالة عليك يقولون: [ذلك الإنسان لم يعد يهتم بنا، ومتخبط هناك، وبعد فلان ويقول له كذا، وأعطاه حقنا، ولم يعد يوصل لنا منه شيء ولا.. ولا.] كلام كثير، والمطلوب بالنسبة للمجتمع في حالة مواجهة مع العدو أن تسوده حالة الرضا، لأنه عادة العدو يعمل استبيان، واستقراء لوضعية المجتمع، فإذا لمس أنه هنا في الأسرة هذه، وفي الأسرة تلك، وفي الأسرة الثانية، في القرية هذه، والقرية تلك وهكذا.. كلام من هذا النوع هنا سيظهر ماذا؟ عدم رضا عند نسبة كبيرة من المجتمع بالموضوع الذي يتحرك فيه المجاهدون من أبنائهم، تعتبر حالة فيها ما يسُر العدو نفسه.
لكن إذا عمل جولة – خاصة أمام أعداء كهؤلاء، بنو إسرائيل هم يهتمون جداً بموضوع الإحصائيات والاستبيان، ومحاولة الاستقراء لوضعية المجتمع، ونفسية الناس – فإذا لم يسمع في المجتمع، عبارات من هذه التي قد يكون من أسبابها ماذا؟ إهمال، من أجل أنك تنفق في سبيل الله، ويكون يسمع، كلما يسمع كلام تشجيع ما هناك أي خلخلة، هنا يرى المجتمع هذا كله مجاهداً.
لأنه يعتبر في موضوع الجهاد في سبيل الله، القتال بشكل عام – وهي قضية معروفة عند الأمم – أن الشعب نفسه، أن المجتمع نفسه هو يشكل سنداً كبيراً جداً، إذا كان هو راضي بالوضعية، راضي بالمواجهة، ويشجع على المواجهة معنى هذا: أن أمام العدو بحر لا ينفد من ماذا؟ ممن يرفدون المجاهدين، ممن يعملون على رفع معنوياتهم، ممن يساعدونهم.
يعتبر فعلاً من أهم الأشياء، قضية معروفة – تقريباً – عند الأمم كلها، قضية الشعب، ومساندة المجتمع نفسه.
إذاً فهذه القضية هامة، قضية هامة. والله سبحانه وتعالى يجعل توجيهه، وتربيته حتى في موضوع الأشياء الهامة جداً أن لا تكون على حساب أيضاً بنسبة 100% أشياء مهمة. أحياناً قد تكون هذه الأشياء التي تعتبر مهمة، أو حتى أشياء شبه عادية التقصير فيها في الأخير يوجد خللاً في القضية الهامة.
هذا الذي ذكرناه أليست قضية معروفة فعلاً؟ لو يعمل اليهود استبيان للمجتمع وسمعوا في كل قرية هنا الناس يقولون: [أولادنا كذا ولم يعودوا يهتمون بنا ولم يعودوا يشتغلون معنا ولم يعودوا كذا وقد خذلوه آل فلان]. أليست هذه تطمع العدو؟ تطمع العدو أنه يواصل ضرباته للمجتمع هذا لماذا؟ لأنه يعرف أنه مجتمع قريب من الخلخلة، وقريب من الهزيمة النفسية، والهزيمة العسكرية أيضاً.

معنى الانتصار

المهم أننا نريد أن نقول: أنه في حالات الشدائد، في حالات الشدائد وهي الحالات التي يضطرب فيها ضعفاء الإيمان، يضطرب فيها من يفقدون نسبة كبيرة من استشعار تنـزيه الله سبحانه وتعالى، الذي يعني تنـزيهه عن أن يخلف وعده وهو القائل: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}.
وفعلاً لو تتوفر عوامل النصر لدى فئة، تكون على المستوى المطلوب، ويوفرون أيضاً من الأسباب المادية ما يمكن أن يوفروه, لا شك أن هؤلاء سيحققون نصراً كبيراً.
ولا يعني النصر: هو أن لا يتعبوا، أن لا يستشهد منهم البعض أو الكثير، ولا يعني النصر هو أن لا يحصل لهم من جانب العدو مضايقات كثيرة، ولا يعني النصر: هو أن لا يحصل منهم سجناء.. إنهم مجاهدون، والمجاهد هو مستعد لماذا؟ أن يتحمل كل الشدائد في سبيل الانتصار للقضية التي من أجلها انطلق مجاهداً, وهو دين الله.
عمار بن ياسر في أيام صفين كان يقول: والله لو بلغوا بنا سعفات هجر – أو عبارة تشبه هذه، قرى يشير إليها في البحرين – لعلمنا أننا على الحق وهم على الباطل. يقول: لو هزمنا معاوية وجيشه حتى يصلوا بنا البحرين لما ارتبنا أبداً في أنهم على باطل وأننا على حق.. إنسان واعي، إنسان فاهم، يعرف طبيعة الصراع، يعرف ميادين الجهاد التي تتطلب من هذا النوع، يحصل فيها حالات كر وفر، يحصل حالات تداول في الأيام فيما بين الناس، يحصل كذا يحصل كذا.
فهو لا ينطلق على أساس فهم قاصر للمسألة، أن يفهم قول الله تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} إذاً سيتحرك وبالتالي فلن يلاقي أي صعوبة، وأن معنى تأييد الله هو إمداد غيبي له بحيث لا يلاقي أي عناء.. ليس هذا هو الفهم المطلوب.. وأنت واثق من المسيرة التي تسير عليها أنها مسيرة حق، والمواقف التي تتحرك فيها أنها مواقف حق، هذا شيء مهم، ثم ثق, وعندما تثق هل تثق بنصرك شخصياً؟ يجب أن تلغى، وإلا فسيكون من ينظرون إلى أنفسهم شخصياً, أن يتحقق لهم شخصياً كل تلك الوعود فهم من قد يضطربون عند أول شدة يواجهونها.
انظر لماذا تتحرك؟ هل أنت تتحرك في سبيل الله؟ ألم تكن هذه العبارة هي التي تكررت في القرآن الكريم بعد كلمة: {يجاهدون، جاهدوا، جاهِدوا؟ في سبيل الله، في سبيل الله، في الله} هذه هي الغاية, هو الهدف الذي من أجله أتحرك، أنا أتحرك في سبيل الله، وأن التحرك في هذا الميدان هو يتطلب مني أن أصل إلى استعداد بأن أبذل نفسي ومالي. أليس معنى ذلك إلغاء النظرة الشخصية والمكسب الشخصي؟ أن أتحرك في هذا الميدان لأحقق النصر لدين الله, والعمل لإعلاء كلمته وإن كان ذلك بماذا؟. ببذل نفسي ومالي، أليس معناها التلاشي؟ التلاشي المادي بالنسبة لي؟ وجودي، جسدي، وماديات أموالي، ما المعنى هكذا؟.
إذاً فليس هناك مجال للتفكير في النصر الشخصي, كل شخص ينطلق على أساس أنه يريد أن يتحقق له النصر الشخصي. لا. ربما قد يكون مكتوب لك أن تكون من الشهداء، هذا هو النصر الشخصي، النصر الشخصي بالنسبة لك حتى لو لم تكتمل المسيرة، أو جُبن الآخرون من ورائك، أما أنت فقد حققت النصر، قمت بالعمل الذي يراد منك أن تقوم به، وبذلت كل ما بإمكانك أن تبذله، فأنت قد نصرت القضية على أعلى مستوى، وتحقق لك النصر، أوليس نصراً عظيماً أن تكتب عند الله من الشهداء الذين قال عنهم: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} (آل عمران:169 – 170) أليس هذا هو نصر؟.

قد يعجبك ايضا