القول السديد :صحيفة الحقيقة العدد”347″:دروس من خطابات ومحاضرات السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله

 

القول السديد 

ألا نرى كيف يتحرك التكفيريون من داخل الأمة ليواجهوا أي تحرك يناهض السياسة الأمريكية؟ هم لا يرون كفر أمريكا ولا كفر إسرائيل وهذا من عجائبهم، لا تصدر قراراتهم وأحكامهم بالكفر إلا داخل هذه الأمة

فزت ورب الكعبة.. العمق والدلالة.

وبتميزه هذا وبروحيته هذه استقبل الشهادة فهو قال عندما ضربه ابن ملجم لعنه الله بالسيف على رأسه قال -عليه السلام- كلمته الشهيرة التي لها دلالات عميقة وكبيرة(فزت ورب الكعبة) هكذا استقبل الشهادة في سبيل الله مطمئن القلب مرتاح البال إلى ماضيه وإلى مستقبله إلى ماضيه بما كان عليه أنه كان ماضًيا سليمًا صحيحًا على أساسٍ صحيح في مسارٍ صحيح يوصل إلى نتيجة مستقبلية هي الفوز برضوان الله والفوز بجنته(فزت ورب الكعبة) بكل ثقة بكل اطمئنان بكل يقين قال هكذا (ورب الكعبة) مقسمًا مطمئنًا إلى مستقبله لأنه كان في المسار الصحيح للإسلام، الإسلام كما هو بتعاليمه بروحيته بأخلاقه بمواقفه، ثم كان ذلك الذي يقول وهو على فراش الشهادة في آخر لحظات الحياة الدنيا (ما فاجأني من الموت واردٌ كرهته ولا طالعٌ أنكرته) فأنا ما تفاجأت بالموت ولا كرهت مجيئه لأنه كان مطمئنًا إلى مستقبله عند الله (وما كنت إلا كقاربٍ ورد، وطالبٍ وجد وما عند الله خيرٌ وأبقى) اطمئنان لضميره وقلبه إلى مستقبله العظيم عند الله -سبحانه وتعالى- وهكذا كان متميزًا متطلعًا لما عند الله لا يأبه بالموت أبدًا وهو الذي قال: (والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل الرضيع بثدي أمه) ربما لا يساوي هذا الأنس أنس الطفل الرضيع بثدي أمه لكن علياً كان آنس بالموت؛ لأنه يرى في الموت نقله إلى ما عند الله وهو دائمًا يتطلع إلى ما عند الله هذا قليلٌ قليل، أقل القليل مما يمكن أن نقوله عن علي فهو مدرسة متكاملة نعرف من خلالها ونرى من خلالها الإسلام بكل كماله الإسلام بكل جماله الإسلام بحقيقة مبادئه الإسلام بعظم أخلاقه الإيمان بجلاله وجماله.

الإمام علي رمز وقدوة على مرّ الزمن للمؤمنين.

الإمام علي -عليه السلام- هكذا كان وهكذا يبقى نورًا في مشرق الشمس قدوة للمستبصرين ونورًا للحائرين وعلمًا يقتدى ويتأسى به في مدرسة الإسلام الكبرى ويمثل النموذج الحقيقي والقدوة والرمز الحقيقي لأننا أيها الأخوة والاخوات : في هذا العصر نشهد كيف تتحرك مخابرات العدو المخابرات الأمريكية لتصنع رموزا وهميين في الساحة الإسلامية يبرزون وهم يتمسكون ببعض من قشور الإسلام وشكلياته ثم يبرزون هم في الساحة الإسلامية ليستقطبوا الكثير الكثير من قاصري الوعي وناقصي الإيمان ليلتفوا حولهم فيتحركون تحت عناوين ليضربوا الإسلام من داخله يثيروا مشاكل للأمة الإسلامية من داخلها في ظل واقعها اليوم, وفي ظل التاريخ الإسلامي على مر التاريخ الإسلامي لطالما صُنع الكثير من الرموز الوهميين الزائفين الذين لا يمثلون الإسلام بحقيقته وأخلاقه وكانوا أساطين للظالمين والجبابرة والطغاة والاستبداد وكانوا أنصارًا لخط الاستبداد والظلم في داخل الأمة، هذه وسيلة وهذا أسلوب اعتُمد عليه في السابق ويُعتمد عليه في الحاضر وهذا شيء ملموس.

ابن ملجم رمز التكفيريين.

ثم يبقى لنا نقطة واحدة نؤكد عليها كيف كانت الوسيلة التي اعتمدها من تأمروا على علي -عليه السلام- لقتله هي أداة من الأدوات التكفيرية [ابن ملجم] واحد من التكفيريين المغفلين الجاهلين بحقيقة الإسلام تبقى هذه النوعية التكفيريون المغفلون الجاهلون بحقيقة الإسلام أداة قذرة يُحركها الأعداء ويستغلونها لضرب الخط الإسلامي الأصيل من الداخل وهذا ملموس -أيضًا– ألا نرى كيف يتحرك التكفيريون من داخل الأمة ليواجهوا أي تحرك يناهض السياسة الأمريكية؟ هم لا يرون كفر أمريكا ولا كفر إسرائيل وهذا من عجائبهم، لا تصدر قراراتهم وأحكامهم بالكفر إلا داخل هذه الأمة، الكفر الأمريكي والإسرائيلي لا يرونه ولا يستهدفونه ولا ُيصدرون عليه أحكامهم، ثم ينقضّون بكل وسائلهم بمفخخاتهم وما إلى ذلك لا إلى استهدافهم؛ لأنهم فقط وفقط أداة بيد الأعداء، عين الكفر عندهم هو مناهضة السياسة الأمريكية والإسرائيلية وبهذا يتحركون لاستهداف القوى التي تواجه الكفر الحقيقي والخطر الحقيقي على الأمة الإسلامية..

نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال وأن يجعلنا وإياكم من المتمسكين برموز الإسلام وأعلامه بأنبياء الله وأوليائه والصالحين من عباده مقتدين بهم حاذين حذوهم مقتفين أثرهم إنه سميع الدعاء.

الإمام علي جسَّد العدل في أجلى صُوَره.

عندما نأتي إلى بعدٍ آخر من أبعاد شخصية الإمام علي -عليه السلام- علي المؤمن المتكامل في إيمانه إلى عدله وهو عندما ولي أمر الأمة وأصبحت رقعة جغرافية واسعة تحت حكمه وسيطرته فقد استغل موقعه لا ليعزز ثروة لا ليملك نفوذًا لا ليظلم لا لينتقم لا ليتجبر بل سعى بكل جهده وهو يحمل قيم الإسلام وأخلاق الإسلام ليحقق العدل ويقيم الحق في واقع الأمة مواجهًا كل المعاناة والشدائد والمشاق والصعاب والعوائق الكبيرة التي كانت أمامه وبخوفٍ كبير من أن يظلم أي ظلم وقال كلمته المشهورة : (والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملةٍ أسلبها جلب شعيرةٍ ما فعلت ما فعلت) هذه روحية الإسلام وأخلاقه فهو من موقعه في السلطة وهو يلي أمر الأمة يخاف كل الخوف وبعيدٌ كل البعد ويحذر كل الحذر أن يكون منه أي ظلم ولو بهذا المقدار، لو كان هناك من وراء قليل من الظلم أن يسلب نملةً جلب شعيرة (وهي الغشاوة الرقيقة فوق ظهر حبة الشعير) نملةً واحدة يسلبها ذلك المقدار من حبة شعير وأن يكون ما يحققه بهذا الظلم القليل القليل مكاسب كبيرة جدًّا: الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها ما فعلت؛ لأنهيرى ولو كان ما يكون من مكاسب مادية أو سياسية وتكون الوسيلة إليها والسبيل للوصول إليها هو قليلٌ قليلٌ من الظلم ليس مقبولاً في أخلاق علي ولا مستساغًا ولا الغاية تبرر الوسيلة.

نأتي إلى الكثير الكثير ممن يحسبون على الإسلام توجهات قيادات تحت مسميات كثيرة مستعدون أن يهلكوا الأمة أن يصادروا الأمة أن يلحق بالأمة أي شيء مهما كان من الظلم أي قدر أي مستوى من الظلم مقابل أن يحصلوا على قليل قليل من المكاسب السياسية قليل قليل من المكاسب المادية، والإمام علي بروحيته العظيمة المتميزة روح الإسلام أخلاق الإسلام أثر القرآن أثر التربية النبوية الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها بقليلٍ قليل من الظلم لا يلحق بالناس ولا ببشر بل بنملة لم يكن ليفعل.

هكذا هو دخل عليه ابن عباس أحد قادته دخل عليه بذي قار وهو في طريقه إلى حرب الجمل وهو يخصف نعله بنفسه فقال -عليه السلام- يخاطب ابن عباس (ما قيمة هذه النعل) واحد من حذائه ما قيمة هذه النعل فقال ابن عباس لا قيمة لها فقال -عليه السلام-:(والله لهي أحب إلي من إمرتكم إلا أن أقيم حقًا أو أدفع باطلاً) الإمرة والسلطة والموقع الأعلى في القيادة ليس له أي قيمة عند علي -عليه السلام- إذا لم يكن لإحقاق حق إذا لم يكن لدفع باطل إذا كان فقط لمجرد التحكم والسيطرة والتسلط، وأن يكون الإنسان يحظى بمسمى وظيفي عالي ويكون لديه صلاحيات واقتدار يحقق لنفسه مكاسب شخصية فهو بوار هو جهنم هو عذاب هو شقاء ليس له أي قيمة بل ووبال على صاحبه (والله لهي – فردة واحدة من حذائه نعله – أحب إليّ من إمرتكم هذه إلا أن أقيم حقًا أو أدفع باطلاً)فالقيمة للموقع في السلطة والاقتدار الذي يكسب الإنسان من موقعه في السلطة هي بقدر ما تقيم من الحق وبقدر ما تدفع من الباطل بقدر ما تقيم من العدل وتحققه من العدل، فهكذا هو علي -عليه السلام- في عدله وكان فعله مصداقًا لقوله, وسيرته تشهد وتاريخ حكمه بقدر ما واجه من المشاق والعوائق الكبيرة متميز.

المواضيع من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.

بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام علي -عليه السلام- 1433هـ

 

قد يعجبك ايضا