صحيفة الحقيقة العدد”357″:القول السديد :دروس من خطابات ومحاضرات السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله

 القول السديد 

الأمريكي والإٍسرائيلي لا يريد أن تكون التكاليف باهظة، والخسائر جسيمة في جنوده، في ضباطه، وأن تسفك دماؤهم في مواجهات مباشرة بأعداد كبيرة جدًّا، هو يريد أن يأتي من يقاتل بالوكالة عنه، بالنيابة عنه، جيوش، جماعات تنزل إلى الساحة، تواجه كل من يعترض عليه، كل من يتصدى له، كل من يعارض احتلاله للمنطقة وسيطرته على الأمة، ونجح في هذا

العوامل التي ساعدت الأعداء في اختراق الأمة الإسلامية

فإذاً الاستراتيجية الرئيسية التي اعتمد عليها الأمريكي واعتمد عليها الإسرائيلي لاستهداف أمتنا كانت هي: الاختراق لهذه الأمة، ومن هنا تحركوا تحت عناوين، تحت مصطلحات تساعد على هذا الاختراق، وتساعد على تفعيل كل شيء من داخل هذه الأمة، فكانت مشكلتنا التي ساعدتهم في داخلنا كأمة إسلامية؛ أنه أصبح عندنا وفي داخل ساحتنا، من المنتمين لأمتنا، فئات، قوى، كيانات، منها ما هو دول معينة، أنظمة، سلطات، منها ما هو جماعات، منها ما هو فئات ونخب، من النخب الإعلامية والثقافية والأكاديمية، من مختلف أبناء الأمة، من يتحرك معهم بكل الأساليب، من يتحرك معهم عسكرياً، من يتحرك معهم أمنياً، من يتحرك معهم ثقافياً، من يتحرك معهم إعلامياً، من يتحرك معهم في الساحة الاقتصادية، في كل المجالات أصبح هناك فئات وتشكيلات وقوى من داخل الأمة تتحرك لصالح أمريكا وخدمة إسرائيل، وبشكلٍ صريحٍ في أكثرها، وبشكلٍ مباشر، وإن كان تحت عناوين أخرى لبعضها.

فكانت المشكلة كبيرة جدًّا على هذه الأمة، والمعاناة كبيرة، والتحدي كبير وخطير؛ لأننا لو سلمنا هذه المشكلة وبقيت المواجهة بشكل مباشر، مواجهة هذه الأمة بشكل مباشر مع الأمريكي، وبشكل مباشر مع الإسرائيلي، من دون أن تبلى الأمة بمن يتدخل كأدوات ليكون هو المِترس الذي تتمترس به أمريكا، ممن يكون هناك من يتحرك كأدوات لأمريكا، تستخدمه أمريكا لضرب الأمة من الداخل، لو كانت المواجهة مباشرة، والمشكلة مباشرة مع الأمريكي والإسرائيلي، لكانت أبسط وأهون وأجدى، ولَكُنَّا في مواجهة مريحة بكل ما تعنيه الكلمة، لكن المحنة كبيرة، والمشكلة كبيرة، والمأساة- بكل ما تعنيه الكلمة- المأساة كبيرة جدًّا.

الأمريكي يستفيد من الغباء العربي

من الغباء العربي: قدَّم خدمات لم يكن يحلم بها الأمريكي، ولم يكن يحلم بها الإسرائيلي، وربما لم تكن تخطر له على بال، يُدفع له المال، وتصبح عملية تنفيذ أجندته في المنطقة، والتحرك لخدمته في المنطقة، والقتال من أجله في المنطقة، وتحريك كل هذه الفتن والمآسي والنكبات في المنطقة، من أجله، وفي خدمته، ولتنفيذ أجندته، على نحوٍ- أيضاً– يُدِرُّ له دخلاً هائلاً، ويُكسِبه أموالاً هائلة وطائلة يقدمها أولئك العملاء الأغبياء الذين يدفعون له كل هذه الأموال الهائلة جدًّا.

فأصبحت- أيضاً- طريقةً بالنسبة له مريحة، مفيدة، توفر له مكاسب كبيرة، كل أشكال المكاسب: مكاسب سياسية، مكاسب اقتصادية، مكاسب لنجاح مؤامرته الكبيرة في ضرب هذه الأمة؛ لأنه يرى ضرب هذه الأمة، والوصول بها إلى حالة الانهيار التام، يرى في هذا وسيلة أساسية تمكّنه من استحكام سيطرته عليها، كيف يسيطر بشكل تام على هذه الأمة؟ لا بد أن يضرب هذه الأمة أولاً، لا بد أن يصل بها إلى الانهيار التام أولاً، حينها يسيطر عليها بكل راحة بال، وتصبح هذه الأمة في ثروتها البشرية وثروتها الاقتصادية والمادية وموقعها الجغرافي غنيمة، غنيمة كاملة لمن؟ للأمريكي والإسرائيلي، بَشَرُها جنوداً ومسخرين وخدماً (خَوَلَاً)، وثروتها له، وموقعها الجغرافي له، هذا الذي يريده الأمريكي، كيف يضرب هذه الأمة ضربة كبيرة، ضربة قاضية تصل بها إلى مستوى الانهيار، هل يدخل معها في حرب مباشرة، في صدام مباشر، تحت عناوين واضحة ومكشوفة وصريحة، هذا سيكلِّفه الكثير جدًّا، ولن يصل في النهاية إلى نتيجة، بل ستكون النتيجة معاكسة، سيستفز هذه الأمة، وسيدفعها إلى التحرك الجاد لمواجهته، وإلى الدفاع عن نفسها وعن أرضها وعن ثرواتها وعن مقدراتها.

إذاً، أسلوب الخداع، العناوين والمصطلحات المخادعة، الأدوات التي يسخرها ويشغِّلها ويفعِّلها من داخل هذه الأمة طريقة ناجحة، طريقة فعَّالة، ويبقى هو يدير، يشرف على العملية، يرتب، يخطط، ويدير هذه اللعبة ويشتغل عليها، من جهة هو يستهدف الأحرار والشرفاء في هذه الأمة، الذين يحملون الوعي تجاه مؤامراته وأهدافه الحقيقية، وأيضاً يحملون الحرية ويتحلون- أيضاً– بالإرادة الجادة والصادقة، ويتحملون المسؤولية في الحفاظ على هذه الأمة وعلى استقلالها وعلى كرامتها وعلى مقدراتها، فيستهدفوهم ويضربهم من خلال الآخرين، الأغبياء المنتسبين لهذه الأمة، ويستنزف أولئك الأغبياء، يستنزفهم اقتصادياً، يستنزفهم في قدراتهم العسكرية والبشرية حتى كما يخطط هو يصل بالطرفين إلى حالة الانهيار، أو يقضي على الأعداء، على الخصوم، على الواعين بحقيقة أهدافه، وأولئك لن يواجه صعوبةً أبداً في السيطرة التامة عليهم؛ لأنهم أصبحوا أساساً تحت سيطرته، يمكن أن يضربهم- أيضاً– ضربات قاضية، ويطوعهم أكثر، فيبقون في حالة من الضعف الشديد، هذا يمكن له بكل بساطة.

أمريكا وإسرائيل لا يستطيعون مواجهة الأمة مواجهة مباشرة

وفعلاً كانوا أذكياء، الأمريكيون والإسرائيليون هم أذكياء عندما استخدموا هذا الأسلوب: أسلوب الاختراق للأمة، وتوظيف صراعاتها ومشاكلها، والتحرك تحت عناوين مخادعة، وأساليب مخادعة، والتوظيف لأدوات، والتفعيل لقوى وكيانات تشتغل وتعمل لمصلحتها، هذا وفَّر للأمريكيين الكثير، أولاً- وفَّر لهم العنصر البشري، بدلاً من أن يقتل الآلاف من الجنود الأمريكيين، وهذا ما لا تتحمله أمريكا ولا تتحمله إسرائيل، هذا الشيء معروف، لا الأمريكيين ولا الإسرائيليين يتحملون أن يقدموا تضحيات جسيمة ورهيبة في حروب مباشرة مع الأمة، وأن يقتل- مثلاً– منهم عشرات الآلاف من الجنود، هذا أمر لا يطيقه لا الأمريكيون ولا الإسرائيليون.

نلحظ- مثلاً- أيام الاحتلال المباشر الأمريكي في العراق، في الحالات التي يقتل فيها جنود أمريكيون، عندما وصل أعداد الجنود الأمريكيين المقتولين في العراق لمئات اهتزت أمريكا، الرأي العام الأمريكي بات معارضاً للوجود المباشر العسكري الأمريكي في العراق بتلك الطريقة التي تكبدهم خسائر يومية، أصبح في كل يوم يقتل منهم، المقاومة العراقية الباسلة، والمجاهدين في العراق أصبحوا في كل يوم يستهدفون الأمريكيين، وأصبح في كل يوم يُقتل جنود أمريكيون في العراق، بالتالي لم تتحمل أمريكا هذا، فصارت هناك ضجة في أمريكا، اعتراض، وأصبحت المسألة غير مقبولة، ولا مُطاقة، ولا يتحملونها.

الحالة السابقة للجنود الإسرائيليين- مثلاً– في جنوب لبنان، عندما تحرك حزب الله والمقاومة اللبنانية واستهدفوهم بعمليات مباشرة وضربات متتالية، وكبدوهم الخسائر الجسيمة، وأصبحوا يقتلون يومياً، أو شبه يومي، فإذا بهم لا يتحملون ذلك؛ فإذا بالانسحاب من لبنان أصبح دعاية في الانتخابات الإسرائيلية، ينجح بها أصحابها ويفوزون بها، وإذا بالهروب الإسرائيلي من جنوب لبنان أصبح وسيلة ملحَّة بالنسبة لهم، وطريقة ضرورية للتخلص من هذا الثمن الذي يدفعونه يومياً.

فالأمريكي والإٍسرائيلي لا يريد أن تكون التكاليف باهظة، والخسائر جسيمة في جنوده، في ضباطه، وأن تسفك دماؤهم في مواجهات مباشرة بأعداد كبيرة جدًّا، هو يريد أن يأتي من يقاتل بالوكالة عنه، بالنيابة عنه، جيوش، جماعات تنزل إلى الساحة، تواجه كل من يعترض عليه، كل من يتصدى له، كل من يعارض احتلاله للمنطقة وسيطرته على الأمة، ونجح في هذا، ويأتي بالتالي حضوره تابعاً ووراء أولئك، تأتي تلك التشكيلات، تأتي تلك القوى التي تحارب بالوكالة، ويأتي خلفها، فتكون قواعده خلفها وتكون مؤمَّنةً بها، ومحميةً بها، محميةً بالعرب كجيوش، أو بالعرب كجماعات، يتحلقون حولها، فيكونون هم المِترس والحصن الذي يتحصن به الأمريكي، والذراع التي يبطش بها ويحارب بها الآخرين، استفاد من هذا كثيراً، وهذا أمر مؤسف جدًّا.

استفاد- أيضاً- في تفادي الكلفة المالية والاقتصادية، في بداية غزوه للعراق كلَّفه غزوه للعراق كثيراً (مليارات الدولارات)، فإذا به يتأذّى في وضعه الاقتصادي، ويتضرر في وضعه الاقتصادي، ويضغط عليه ذلك في وضعه الاقتصادي، في النهاية رأى أن في أسلوب الدفع بالآخرين ليقاتلوا بالنيابة عنه، وبطريقة بالنسبة له طريقة ممتازة، لا يكلفه ذلك شيئاً، بل على العكس يقاتلون بالوكالة عنه ويدفعون له المال، يكون- أيضاً– من يَدفع له، يَدفع ليس فقط بالوكالة عنه، وإنما يدفع له بالوكالة عنه، يعني أمر عجيب هذه الحالة الرهيبة الفظيعة!!

بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد القائد/ 1439 هـ

قد يعجبك ايضا