الشهيد الغماري القائد الذي أعيا أمريكا و”إسرائيل”

بالنظر إلى ما كان عليه من استشعار المسؤولية للقيام بالمهام التي ترسخت قناعته بوجوب القيام بها كمجاهد ووطني يرفض التدخلات الأجنبية بهدف فرض إرادتها على مجتمعه المسلم، ظهرت تلك الأهمية التي حازها الشهيد الفريق الركن محمد عبدالكريم الغماري كواحد من المؤمنين الصادقين المخلصين لدينهم ووطنهم. وبالنظر إلى المآثر العسكرية التي شهد بها العدو للقائد العسكري الغماري، وكان لها تداعياتها طوال عقد من مواجهة أعداء الأمة والدين والمقدسات أعجزتهم عن تحقيق أي هدف في اليمن، وأنهت زمن استفرادهم بالشعب الفلسطيني، ظهرت استثنائية القيادة العسكرية للشهيد الغماري كرئيس لهيئة الأركان، وهو ما لفت إليه انتباه الأعداء منذ معركة التحرر من الوصاية مع التحالف السعودي الأمريكي.

التاريخ يكرِّم الشهيد الغماري

وثّق التاريخ تأثير الشهيد الغماري، وكيف برزت قدراته في قراءة ظروف المعارك وتطويعها، فأسفرت عن مسار استثنائي للمواجهة مع من أرادوا النيل من اليمن منذ العام 2015.

في ذلك الحين شنت دول الشيطان عدوانًا على اليمن منطلقين من التصورات بأن هذا البلد المنهك من الصراعات المستمرة منذ ستة عقود، لا يُخشى منه، فإمكاناته ضعيفة وكوادره محدودو الأفق، فكشفت النتائج عن هشاشة الاشتغال الاستخباري للعدو الذي ركز على الآلة وأغفل النظر إلى الإنسان اليمني.

ثماني سنوات من غرق تحالف العدوان الأمريكي السعودي -بكل هَيْلمانه وثرائه المادي وقدراته العسكرية- في وحل الوهم كان نتيجة طبيعية لفعل استثنائي له قادة وضعوا تفاصيله، ووصلوا به إلى تسجيل صدمات استراتيجية لقناعات الأعداء ومفهومهم بشأن كيفية شن أو إدارة الحروب.

مفاجآت الشهيد الغماري ورفاقه للتحالف

كان الشهيد الغماري أحد أبرز هؤلاء القادة ممن تسببوا في انهيار غطرسة التحالف. وفي مسار المواجهة ظهر الشهيد بمحطات فارقة أدى تراكمها إلى التسليم بأن المعركة مع اليمن باتت عبثية وعقيمة وفاضحة لما يمكن أن تحققه دول التحالف من إنجازات بعدوانها، وهو ما انتهت إليه قناعات المراقبين والمتابعين.

وفي تفاصيل المعركة ظهرت البصمات المميِّزة للشهيد الغماري كقائد لهيئة الأركان منذ اللحظات الأولى، فيذكر المُطلعون تحركاته مع رفاقه محاطين بخمسين جبهة مشتعلة، لم يكن ضعف القدرات المتاحة حائلًا دون الوصول إلى التحكم بمساراتها وإحباط العدو.

راهنت قوى تحالف العدوان على الزمن، فوحشية غاراتهم على كل شيء داخل اليمن وبشاعة حصارهم صوّر لهم أن الانهيار الكلي لقدرات اليمنيين وثباتهم مسألة وقت لا أكثر. في ذلك الحين كان الشهيد الغماري ورفاقه يضعون رؤاهم لتحويل الخيارات الاستراتيجية التي أعلن عنها السيد القائد أفعالًا مؤثرة وموجعة، بعد أن عاث التحالف فسادًا في استقرار الشعب اليمني. وكانت نتيجة جهود الشهيد الغماري وباقي القيادات معه تلك المحطات التي توقف عندها العالم مرارًا وهم يتابعون بعين الدهشة هذا الصمود والثبات، ثم الظهور بالمفاجآت في الوقت الذي كانت الحسابات تتصور فيه هزيمة أكيدة لليمنيين.

حينها ظهرت الصواريخ الباليستية والمُجنحة والطائرات المُسيَّرة، وبلغت في أهدافها إلى العمق السعودي والإماراتي. وبالنظر إلى طبيعة الأهداف التي طالتها الصواريخ والطائرات المُسيَّرة اليمنية، وقف المراقبون على الأطوار الأولى للإعجاز اليمني، إذ لم يسبق أن كانت الرياض وأبو ظبي هدفًا لضربات عسكرية، فيما لم يتخيل العالم أصلًا أن يحدث مثل هذا، فاستهدفت القوات اليمنية -عن جدارة وتأثير- المطارات والقواعد العسكرية ومنابع ومصافي النفط. وفي التفاصيل تذكر المصادر “ضربة معسكر إماراتي في مأرب أطاحت بالمئات بين قتيل وجريح، وضربة ‘شعاب الجن’ في محيط باب المندب التي اختلط فيها الدم السعودي والإماراتي بالدم الإسرائيلي، وضرْب مطارات الرياض وأبها وخميس مُشَيط، واستهداف مطارَيْ دبي وأبو ظبي، وضربة بقيق وخريص التاريخية في أواخر عام 2019م”.

كما تُذكّرنا المصادر بتلك العمليات الاستراتيجية التي أوجعت البيت الأبيض قبل أن توجع القصور الملكية في الخليج، لدلالتها في تعقيد الوصول إلى هدف إحكام السيطرة على اليمن، وكان من أبرزها: “نصر من الله”، “البنيان المرصوص”، وعملية “فأمكن منهم”.

في معركة الإسناد لغزة

عقب سريان الهدنة أو “خفض التصعيد” من أبريل (2022) والذي مثّل حاجة استراتيجية لتحالف العدوان، أدرك الشهيد الغماري أن مكر الأعداء يستدعي عدم مغادرة جبهة الإعداد، فظهرت من نتائج ذلك شواهد أخرى عززت لدى الأعداء حاجتهم للتخلص من هذا القائد الذي كان نادر الظهور إعلاميًا، كثير التأثير عسكريًا.

وفي معركة الإسناد لغزة ظهر تأثير الشهيد الفريق الركن محمد عبدالكريم الغماري واضحًا كما تشهد على ذلك هذه التداعيات التي لا يزال يرزح تحتها العدو الصهيوني، وهي تداعيات هزّت -بدايةً- مركز “جيشه” كواحد من أقوى جيوش العالم عتادًا ودعمًا مفتوحًا من قِبل الأمريكان وباقي دول الاستكبار، ثم نسفت مقولة أقوى دفاع في العالم، ورسمت داخل الكيان المحتل مشاهد لم يشهدها العالم من قبل، ولم يتوقع أن تكون جزءًا من يومياته، فانهالت عليه الصواريخ والطائرات المُسيَّرة بأنواعها، وضربت أهدافه الحيوية في أم الرشراش ويافا وحيفا وعسقلان والنقب وبئر السبع وأماكن أخرى، وكانت في كل مرة تدفعه إلى تقليص مظاهر الاستقرار والرفاهية في كيانه، وصولًا إلى تفجّر حالته المعنوية وتوجيه اللوم إلى الإدارة الأمريكية التي وقفت عاجزة عن فعل شيء يرد عنها الهجمات اليمنية.

خلال عامين من الإسناد المتواصل نفذت القوات المسلحة اليمنية(758) عملية نفذت بـ (1835) ما بين صواريخ باليستية ومُجنحة وفرط صوتية وطائرات مُسيَّرة وزوارق بحرية، والأهم فيها ما شهدته من مسار تصاعدي حيَّر العالم، وأظهر الحجم الضئيل للكيان الصهيوني.

وفق واقع الحال الذي فرضته القوات اليمنية على العدو، كان من الطبيعي أن ترى أمريكا و”إسرائيل” في الشهيد الغماري كابوسًا حقيقيًا، جعل من اليمن قوة إقليمية قادرة على فرض معادلاتها، ووصلت بتأثيرها إلى ردع ما تُصنف كدول عظمى، ودفعِها إلى الهروب من المنطقة بأذيال الخزي، لذلك عملوا بمنهجية الجبناء على استهدافه.

يسيطر التصور القاصر اليوم لدى هؤلاء الغزاة أن التخلص من رئيس هيئة الأركان الفريق الشهيد محمد الغماري سيوقف هذا المد اليمني في التصاعد العسكري، تصنيعًا وقدرة على ضرب الأهداف وتأثيرًا، إلا أن ما سيتبين لهم هو أن ما يستند إليه اليمنيون في تحركهم، دفاعًا عن الوطن أو انتصارًا للمظلومين، نبع لا ينضب من الإيمان والوفاء وصدق التحرك، ليكون هناك قادة بحجم ما تطلبه المرحلة.

موقع أنصارالله

قد يعجبك ايضا