المؤتمر العربي الإسلامي بين الخطاب والبيان.. إضاعة قرصة ذهبية

الدكتور محسن القزويني

ضيَّع المؤتمر العربي الإسلامي المنعقد في الدوحة عاصمة قطر في بيانه الختامي فرصة ذهبية لا تُعوَّض من حيث حجم المشاركة في المؤتمر، وحجم الحدث الذي انعقد المؤتمر بسببه، وحجم المعارضة العالمية للسياسات الإسرائيلية.

فقد اشترك في المؤتمر اكثر من 50 دولة إسلامية تمثل مليارين من سكان الكرة الأرضية، وتمتلك اكثر من نصف ثروات العالم، وبحضور العشرات من رؤساء الدول الإسلامية ، ويأتي انعقاده على اثر العدوان الإسرائيلي على دولة محايدة ومفاوضة من اجل السلام في المنطقة هي دولة قطر التي حصلت على اجماع دولي ضد إسرائيل بسبب عدوانها ، وحصلت أيضا على قرار نادر ضد إسرائيل في مجلس الامن الدولي يدينها على عدوانها السافر.

ويأتي المؤتمر في ظرف عالمي مساعد لاتخاذ أي قرار ضد إسرائيل ، فالمظاهرات المعادية لإسرائيل تجتاح العالم بالأخص الولايات المتحدة وأوروبا ،وأيضا شرعت دول مهمة عالميا بمقاطعة إسرائيل في مجالات الأنشطة المتنوعة كالمسابقات الرياضية والمشاركة في المعارض الدولية، وفي المهرجانات الفنية والسينمائية.

فاليوم تعيش إسرائيل في عُزلة شاملة ، وتعيش الحكومة اليمينية أيضا في عزلة عن اليهود في فلسطين المحتلة الذين يشككون في الأهداف التي يسعى من اجلها نتنياهو هل هي اهداف شخصية ام انها اهداف تصب لمصلحة إسرائيل ؟

فكان من الأولى ان يأتي البيان الختامي للمؤتمر العربي الإسلامي بمستوى الاحداث والأجواء العالمية وبمستوى الاهتمام الإسلامي الرسمي والشعبي فقد سارعت الوفود الإسلامية وبوقت قياسي الى الوصول الى الدوحة وهي تحمل رسائل شعوبها بالرد الحاسم على جرائم إسرائيل في فلسطين ولبنان وسوريا واليمن وايران وأخيرا الدوحة فكانت كلمات رؤساء الدول الإسلامية خلال المؤتمر اقوى بكثير من البيان الختامي، فمعظم هذه الكلمات بالإضافة الى تنديدها بالعدوان الإسرائيلي على الدوحة طالبت باتخاذ مواقف عملية على الأقل قادرة على ردع إسرائيل وردها عن غيها، وتتمكن من إيقاف ماكينة حربها ضد غزة وسوريا ولبنان واليمن ، واتفق الرؤساء قاطبة بان لا يكون مخرجات المؤتمر كلمات التنديد والشجب والاستنكار التي شبع العالم الإسلامي والعربي منها ، ومع الأسف تكررت هذه الكلمات في البيان الختامي بألفاظ مشابهة (كالتأكيد والتحذير.. وما شابه ذلك) وكان الأولى ان تستخدم أفعال( تلتزم، وتتكفل، وتقرر )التي خلت منها المواد الخمسة والعشرين من بيان المؤتمر.

والمفارقة الكبرى التي شهدها المؤتمر ومع الأسف الشديد هو اعتلاء رئيس مجلس السيادة اليمنية منبر المؤتمر فبدل ان يُشيد باليمنيين الابطال أبناء جلدته الذين يُذيقون العدو الصهيوني الويل والثبور كل يوم ، وبدل ان يطالب المؤتمرين بالوقوف الى جانب المقاومة اليمنية الباسلة التي لا زالت وحدها في ميدان الصراع تقارع العدو الصهيوني بعد ان وقف الجميع يتفرجون على مذابح الأطفال والنساء والتهجير والموت الأصفر جوعا!!! فوحدهم اليمنيون اليوم …يُمثّلون بحق ضمير الامة ويجسدون البطولة والشجاعة والعزة والكرامة ،فبدلا من الوقوف الى جانب ابطال اليمن من انصار الله و منحهم فرصة التحدث باسم الشعب اليمني منحوا حق التمثيل لمن لا يُمثِلُ الا نفسه ومن يعيشون في الفنادق الفارهة خارج اليمن ليتحدث بصورة مغايرة للحقيقة ، وليجعل من ابطال اليمن في صف واحد مع الصهاينة المجرمين .

وكان المُؤمّل من المؤتمر ان يقف ويساند المقاومة ليس في اليمن وحسب بل في غزة والضفة الغربية التي تواجه اليوم العدو المتغطرس نيابة عن الامة الإسلامية والعربية.

كاتب عراقي

قد يعجبك ايضا