كاتب أردني: متى تُستأنف الحرب على إيران.. وماذا في غيابها؟
فؤاد البطاينة*
الوقت ليس للتقييم والنقد. الحرب لم تنته، فيها إيران تدفع وتدافع عن العالم الحر بكباره، وعن شرف الأمة صاحبة التاريخ والقيم المدفونة في قلب الردة. عندما ابتدأت الحرب عليها بالعدوان ومُضي أيام، تغير خطاب أمريكا وتراجعت لأن إيران لم تعتمد سياسة الدفاع، بل هاجمت في العمق وشتان ما بين من يغزو وطناً ممتدا بشعب متجذر وبين من يهاجم مُحتلين في مستعمرة سكانها مستوردين بمغريات وبشرط حماية استقرارهم وأمنهم، وإلّا عادوا، وإن عادوا يفشل مشروع الإحتلال ويفشل تحويل كيانه المستعمرة الى دولة، وتُزبل الخرائط.
لم تكن طبيعة الهجوم الإيراني المضاد في حسابات العدو، فلم يعهد سابقة كهذه ولا هي في تصوره.. وأصبح الإستمرار بالحرب كارثيا على الكيان يمس تفريغه من مستوطنيه، ليأتي وقف اطلاق النار على غير أسسه التقليدية بقرار لمجلس الأمن أو بشروط أو بوساطات دولية، بل كان أشبه باستسلام العدو المغلف بانتهاء المهمة والمُبطن بالتكتيك في هدنة وجودية للكيان يلملم فيها خيبته ويعيد تقييماته وتموضعه السياسي والأمني والعسكري ويعيد الكرة وهذا قد يأخذ أسابيع أو أشهر وربما نتكلم عن أبعد أو أقرب، فهو أمر خاضع للظروف الميدانية وعلى رأسها ملابسات التقدم بالمشروع النووي الإيراني.
استئناف الحرب على إيران قادم، فالكيان الكاتم على سر هول الصدمة يعيش لأول مرة ذُعر اقتراب الساعة، ومستوطنوه دخلوا في حالة اللايقين، وأمريكا لن تتحمل التخلي عن مسؤولية تفكك المستعمرة. ولو افترضنا استئناف الحرب قادم على عجالة فأن حسم الوضع يعتمد على طبيعة التفاعل الإيراني ومواقف الدول المتضررة من هزيمة أو انتصار إيران، ولا أقصد هنا أنظمة العرب المعنية فهي جزءٌ من الحملة العسكرية والإعلامية على أيران. لكن عوامل صمود إيران موجودة، وصمودها في النهاية انتصار. وبهذا وبكل شرف وإباء أنا العربي الأردني أسأل من فيه ذرة من الصدق والواقعية أو من الاهتمام بعروبة فلسطين وذبح شعبها وبما يجري في غزة، من سيقف مع فلسطين ومقاومتها في غياب إيران ؟؟ ومتى يتخلص شعبنا من ظاهرة الصمت على الحكام تعبيراً عن العجز أو التواطؤ معهم؟
ad
أسترسل وأقول مشروع إيران النووي الردعي في إطار توازن الرعب قد ابتدأ الآن بكل مبرراته العقدية والسياسية والوطنية. إنه المشروع الذي يخص كل مسلم وكل عربي، ويغلق الباب المفتوح على الكيان لتهويد فلسطين والأقصى وافتراس الوطن العربي واستعباد شعوبه، وإذا كان هذا المشروع شرطاً لصمود وانتصار إيران أمام القوة الغاشمة، فإنه عندها لا يخص إيران وحدها. فلروسيا لاعبة الحبال وللصين المترددة ومصالحهما الحيوية شأن كبير بصمود إيران بعيداً عن حضن أمريكا..
لا أخال غباء سياسياً أو جبنا سيحول دون جعل طهران محجا لحوار الأحرار ومنع السقوط البشري. فالحرب القادمة على إيران إن قامت بمعزل عن موقف أو دعم من روسيا والصين فستكون حربا أمريكية بامتياز يُخطط لها لتتمخض عن نتائج سياسية تماهي مستحقات حرب عالمية ثالثة بلا نووي. فقضاء أمريكا لوطرها في إيران سيتجاوز أثره حرمان روسيا من بابها الأخير على المنطقة ومياهها، ويتجاوز فتح باب الشرق مشرعاً أمام أمريكا في حربها الباردة على الصين إلى فرض وتكريس نظام دولي جديد لا يقتصر على الشرق الأوسط. نظام ينعى الطموح للتعددية القطبية وفيه سيادة الدول مسألة نسبية ورمزية، والأمروصهيوني يفرض نفسه قاضيا فاسقاً وشرطيا أحمق على العالم.
إن كان هذا سيكون فكيف لا يفرض الخيار النووي نفسه بنتائجه على الجميع ؟ وكيف لا تستشرفه الصين وروسيا ؟ لا أعتقد ولا أتصور إيران مهزومة أو تحت النفوذ الأمريكي، ولا أن يُسمح لها بذلك. فهذا العالم لا يبقى ويكون بدون نوع من التوازن فيه أو في هذا الإقليم الأم المزاوج بين الروح والمادة.
ad