من أهالي غزة إلى عيد الأضحى

د. فايز أبو شمالة

تأخر قليلاً يا عيد الأضحى، تأخر قليلاً يا عيد، ولا تأت إلى أهل غزة إلا ومعك أخبار التهدئة والتغذية!

تأخر يا عيد، ولا تتعجل الحضور، فلسنا بشوق إليك نحن أهل غزة  ولا في قلوبنا لهفة للقائك، لأننا نحن الضحايا لحرب الإبادة الإسرائيلية، فلا تتعجل الحضور، لتذكرنا بحالنا، ورقابنا العربية التي تذبحها السكين الإسرائيلية، لنكون الضحايا بحضورك.

نحن لا نريدك أن تأتي إلينا يا عيد للمرة الرابعة خلال هذه الحرب، لا نريدك أن تأتي ونحن جائعون نازحون مشتتون مبعثرون في مواصي خان يونس كحبات الشعير الجافة.

تأخر قليلاً يا عيد الأضحى، فعسى أن تجلب لنا البشارة، أو تحرك في قلوب الملايين ما يوقد الشرارة، ليحترق قماش المذلة الذي يغطي العمائم، وترتفع الهامة، وهي تلتقط الإشارة.

ad

تريث يا عيد، ولا تستعجل القدوم إلينا، ولا تطل علينا برأسك الِأشيب إلا مع أخبار التهدئة، كي نفرح بك يا عيد، ونتذوق معك طعم الحياة بعيداً عن السجن الإسرائيلي الكبير.

فنحن أهل غزة لا نشتهي في عيد الأضحية اللحم والمرق كبقية الأمة الإسلامية، لا والله، ولا ننتظر يوم العيد الأضاحي التي سيقدمها الحجاج قرابين، ليأكلوا لحمها، ويشربوا مرقها!

نحن في غزة نحلم برغيف خبز، نحلم بصحن مرقة العدس، نحلم بعلبة لبن، أو بيضة، أو قطعة جبن، ليكون عيدنا بطعم العيد، ومذاق البقاء على هذه الأرض من جديد.

ad

تأخر قليلاً يا عيد، فلا فرح في قلوبنا كي نحتضنك، ونضمك إلى صدورنا،

تأخر قليلاً فلا سماحة في حديثنا، ولا بسمة في لقائنا، ولا اطمئنان في حياتنا

تأخر قليلاً يا عيد، فلا شوق لنا إليك، ولا لهفة في قلوبنا لملاقاتك، بعد ان أدار البشر إليك ظهورهم، وصار حضورك مثل غيابك، لا يرعب أعداءك، ولا يخيف الحاقدين على غزة، العاجزين عن نصرة الضعيف، ومساندة الحق، ومقارعة الباطل.

سننتظرك في مناسبة أخرى يا عيد

ننتظرك ومشاعر الأمة كلها موحدة لنصرة أهل غزة، وكراهية أعدائها، كما هم موحدون على كلمة لبيك اللهم لبيك.

ننتظرك يا عيد وقرارنا العربي موحدٌ خلف قيادة عربية حكيمة ذكية تقود هذه الأمة إلى الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، قيادة تلبي نداء الواجب الإنساني، والقومي والوطني، قيادات تأبى أن تصغر حتى تحتويها عباءة الغريب، وقت الحرية ننتظرك يا عيد لتخرج علينا مكبراً:

لبيك اللهم لبيك، صرخة شهامة تهتز لها الأرض، وتردد معها السماء:

لبيك اللهم لبيك

وتردد معها الأمة العربية، ويردد البشر والشجر والحجر، لبيك اللهم لبيك

لبيك اللهم لبيك، تدق بوابات السماء، ليتلقفها أهل غزة بكرامة، وهم يطوفون بها من خيمة إلى خيمة، ومن شارع هرست معالمه الدبابات الإسرائيلية إلى مؤسسة محروقة، ومن مئذنة كسروا عنقها، إلى بئر مياه جففته الصواريخ الإسرائيلية، ومن المؤسسات المغلقة إلى أسواق غزة الفارغة.

لبيك اللهم لبيك، نطوف بها نحن أهل غزة على الأرامل واليتامى والجرحى والجوعى والمعذبين فوق الأرض، والصابرين على عذاب وحوش الأرض.

لبيك اللهم لبيك نحتاجها نحن أهل غزة لنطمئن بها طلاب المدارس على مستقبلهم، ونهدهد بها أوجاع المرضى، ونحرك بملعقتها كأس حليب للأطفال المحرومين في غزة، ونقدم معها الدواء لمن هم بلا دواء في المستشفيات، لبيك اللهم لبيك نحتاجها نحن أهل غزة لتفتح أبواب الرزق لأصحاب المصالح المدمرة والمصانع التي جفت عروفها، وللشخصيات المجتمعية والشخصيات الثقافية والإعلامية التي صارت تصطف في الطابور، لتتسول رغيف الخبز

لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد، والنعمة لك، والملك، لبيك لا شريك لك لبيك، فلماذا صار لأمتنا شريك بأرضنا يا عيد؟

ولماذا صار شريك لنا بثرواتنا العربية؟ وشريك بثقافتنا وتاريخنا وسيرة نبينا؟

لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، تعني أن النعمة والحمد لك، ولك أنت يا الله، وليس لعبيدك الذين استأجرهم الأعداء ليكونوا السوط الذي يلسع ظهر الأمة، ويحول بينها وبين نصرة أهل غزة، ويمنع الأمة عن القيام بواجبها تجاه الدين والوطن.

لبيك اللهم لبيك للحرية والكرامة والشهامة والنخوة العربية والشموخ

كاتب فلسطيني/غزة

قد يعجبك ايضا