إعادة تموضع أميركية في البحر الأحمر
تنذر التحرّكات الأميركية قرب السواحل السعودية بتصعيد جديد في البحر الأحمر، وسط مساعٍ أميركية لإعادة التموضع بعد فشل الردع ضد عمليات صنعاء البحرية.
رغم استمرار حالة التهدئة في البحر الأحمر بين صنعاء وواشنطن، إلا أنّ الأخيرة تقود الوضع نحو توتّر جديد، وذلك بعودتها إلى القيام بترتيبات عسكرية بحريّة تراها الأولى استفزازية، ومحاولة لإعادة التموضع، وإن كان خارج المياه الإقليمية اليمنية وبالقرب من سواحل السعودية في البحر الأحمر. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، أنّ مواقع أقمار صناعية أظهرت نشاطاً أميركياً مكثّفاً في قاعدة على جزيرة تبعد نحو 20 ميلاً من الساحل السعودي. وقالت إنّ «القاعدة ظلّت لعقود خاملة قبل أن تتحوّل في المدّة الأخيرة إلى مركز إمداد نشط يُستخدم لتخزين الذخيرة وإيواء القوات الأميركية».
وتعليقاً على ذلك، يشير مصدر عسكري مطلع في صنعاء، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أنّ «الترتيبات الأميركية الجديدة بالقرب من سواحل المملكة المطلّة على البحر الأحمر، لا تحصل من دون تنسيق مُسبق مع السعودية»، مضيفاً إنّ «الولايات المتحدة تمتلك أكبر قاعدة عسكرية في جيبوتي، إلا أنّ السلطات الجيبوتية لم تسمح بأن تتحوّل تلك القاعدة أو القواعد الأخرى الموجودة في منطقة ليمونيير إلى منطلق لهجمات ضد دول أخرى».
ويلفت المصدر إلى أنّ «القاعدة الأميركية في جيبوتي تُعدّ الأكبر للولايات المتحدة في أفريقيا، إلا أنها لم تُستخدم أثناء العامين الماضيين في أي أعمال عدائية ضد اليمن، رغم قربها من الساحل اليمني ومن مضيق باب المندب، وذلك خلافاً للتحرّكات العسكرية البحرية الجديدة التي تجري بالقرب من سواحل المملكة، والتي تعكس رغبة أميركية في العودة إلى التصعيد البحري». ويرى المصدر أنه «هذه المرة، لن تكون الولايات المتحدة وحيدة كما يبدو، بل قد تُورّط السعودية معها في صراع بحري جديد، تحت غطاء اتّفاقات دفاعية موقّعة بين الطرفين».
واشنطن تُعيد إحياء قاعدة قرب السواحل السعودية كانت خاملة لعقود
ويرى مراقبون في صنعاء أنّ لجوء أميركا إلى هذه القاعدة يأتي ضمن مسعى إلى تعويض فشلها التكتيكي في البحر الأحمر، والذي يتمّ أيضاً عبر تخصيص 20.3 مليار دولار للبحث والتطوير في مجالات تشمل الصواريخ فرط صوتية، والذكاء الاصطناعي العسكري. ويعكس ذلك، بحسب هؤلاء، تحوّلاً كبيراً في بنود الإنفاق الدفاعي الأميركي، بعد فشل عمليات مثل «حارس الازدهار» و«بوسيدون آرتشر» و«الفارس الخشن»، والتي لم تتمكّن من تحجيم عمليات القوات المسلّحة اليمنية في البحر الأحمر، أو منع صنعاء من استهداف العمق الإسرائيلي، رغم إنفاق تجاوز المليار دولار خلال أسبوعين فقط في آذار الماضي، ثم مليارات أخرى أثناء الحملة العسكرية التي قادتها إدارة دونالد ترامب، خلال الشهور الماضية.
وبالتزامن مع عودة التوتّر الإقليمي بعد الحرب الإسرائيلية – الأميركية على إيران، التي أكّدت أنها ترصد تحركات معادية وأبدت استعدادها للمواجهة في حال تكرر العدوان الإسرائيلي – الأميركي عليها بشكل أشد وأقوى، بحسب تصريح المتحدّث باسم «مقر خاتم الأنبياء»، أمس، أعادت السعودية، أثناء الساعات الماضية، تحريك ملف اليمن في اتجاه تصعيدي؛ إذ أطلقت نُخب سعودية مقرّبة من الاستخبارات حملة جديدة للحديث عن هجوم عسكري على اليمن.
وكان من أبرز هؤلاء الناشط سلمان العقيلي الذي تحدّث، في منشور على منصة «إكس»، عن إصدار وزير أمن الاحتلال الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، تعليمات إلى قواته بالاستعداد إلى حملة واسعة النطاق في اليمن، مدّعياً أنّ من ضمن شروط وقف المواجهة مع إيران التزام الأخيرة بعدم دعم «الحوثيين»، متوقّعاً شنّ حرب جديدة على اليمن.
وجاء ذلك في أعقاب، إعلان قوات صنعاء على لسان متحدّثها الرسمي، العميد يحيى سريع، تنفيذها عمليات عسكرية جديدة في عمق الكيان الإسرائيلي، طاولت أهدافاً حيوية في منطقة بئر السبع جنوبي فلسطين المحتلة، والتي تعتبر أكبر منطقة صناعية في الكيان بعد تل أبيب.
رشيد الحداد الإثنين 30 حزيران 2025