الفرص، وأشباه الفرص..

عبدالمنان السنبلي

يقول الإمام علي -عليه السلام-: “تركُ الفرصة غُصة”، “الفرصة تمر مرَّ السحاب”.

ويقولون في علم السياسة: إن “الفرصة إذَا لم تُستغل، فإنها تتحول إلى تهديد”..

كلام جميـل.. ومعروف لدى الناس..

ما لا يعرفه كثيرٌ من الناس فقط هو أن ليس كُـلّ ما يتراءى للإنسان أنه فرصة هو بالفعل فرصة..

فهنالك فرصة فعلًا،

وهنالك أَيْـضًا أشباه فرصة

أو فرصة كاذبة..

وهي كُـلّ ما يتراءى لك أنها فرصة ثمينة وسانحة، لكنك، وبعد أن تسارع إلى اقتناصها، تتفاجأ بأنها ليست كذلك..

يظهر ذلك من خلال ما تخلفه عليك من آثارٍ سلبية ونتائج عكسية ومخيبة للآمال..!

من هنا يوصى دائمًا بعدم الخلط بين الفرص وأشباه الفرص..

وبناء عليه:

عندما تنظر إلى تحَرّكات أصحابنا المواليين للسعوديّة والإمارات وأنشطتهم الجارية المشبوهة تدرك جيِّدًا أنهم من الذين يخلطون بين هذين المفهومَين..

رأوا العالم كله قد تكالب على «صنعاء»؛ بسَببِ انخراطها في مشروع المقاومة وعملية دعم وإسناد غـ..ـزة، فرأوا في ذلك الفرصة الثمينة والمواتية للتحَرّك والانقضاض عليها..!

أو هكذا ظنوا..

فهل هم محقون بذلك فعلًا..؟

وهل هي فرصة ثمينة حقًّا؟

أم أن الأمر لا يعدو عن كونه فرصة كاذبة..؟

يعتمد ذلك بصراحة على إرادَة وخيارات الشعب اليمني، وليس على مؤشرات المتربِّصين بالشعب اليمني..

فإذا كانت إرادَةُ وخياراتُ الشعب اليمني تقضي بتحريمِ وتجريم مناصرة ودعم وإسناد أهل غـ..ـزة مثلًا، أَو بجواز التواطؤ والتعاون والتعامل مع كيان الاحتلال الصهـ..ـيوني، فهي، نعـم، فرصة ثمينة..

أما إذَا كانت إرادَةُ وخياراتُ الشعب اليمني تقول بعكس ذلك تمامًا، فهذا يعني أن ما تراءى لهم أنه فرصة ثمينة وسانحة ما هو في حقيقة الأمر إلا فرصة كاذبة أَو شبه فرصة..

ولأن إرادَةَ وخيارات الشعب اليمني، وكما هو معروف للعالم أجمع، ثابتةٌ وراسخة وواضحة من القضية الفلسطينية وبصورة لا يمكن أن تقبل معها المساومة أَو المتاجرة أَو التفريط بشبر واحد من أرض فلسطين، فهذا يعني أن أصحابَنا المحسوبين على السعوديّة والإمارات في تحَرّكاتهم وأنشطتهم إنما يتحَرّكون ضد هذه الإرادَة..

وأن ما يعتقدون أنها فرصة ثمينة، ما هي، في الحقيقة، إلا فرصة كاذبة أَو شبه فرصة لم ولن تأتي عليهم إلا بنتائج عكسية كارثية ومخيبة للآمال..

وهذا هو المعيار الحقيقي..

الرهان على العزف على وتر المعاناة لا يفيد، وليس معيارًا،

وإلا لكانت غـ..ـزة قد سقطت من بدري..

فمعاناة الشعب اليمني لا تساوي شيئًا أمام معاناة أهلنا وشعبنا الفلسطيني في غـ..زة..

فهل يكونُ الشعبُ اليمني العظيم أقلَّ إحساسًا واستشعارًا للمسؤولية الدينية والأخلاقية من أهل غـ..ـزة حتى يمرِّرَ عليه هؤلاء مخطّطَ النيلِ منه ومن عظمته..؟

لا أظن ذلك..

والأيّام بيننا..

 

قد يعجبك ايضا