الكيان يترنح.. عمليات القدس وغزة تتكامل مع هجمات اليمن وتحوّل الاثنين إلى يوم أسود في تاريخه
الحقيقة ـ جميل الحاج
شهد يوم الاثنين واحدة من أعنف الضربات التي تعرض لها الكيان الصهيوني منذ بداية معركته ضد الشعب الفلسطيني، حيث تلاحمت الجبهات البرية والجوية لتشكل ما وصفته وسائل الإعلام العبرية بـ “اليوم الأسود للإسرائيليين”. ففي القدس وغزة والجنوب الفلسطيني المحتل، سقط قتلى وجرحى كثر في عمليات نوعية نفذتها المقاومة الفلسطينية، تزامناً مع هجمات جوية يمنية متصاعدة استهدفت مطارات ومنشآت حيوية في العمق الإسرائيلي.
اعترف الاحتلال الإسرائيلي بمقتل 7 صهاينة على الأقل بينهم جنود، وإصابة أكثر من 17 آخرين في هجوم مزدوج نفذه مجاهدان فلسطينيان في منطقة راموت شمال القدس.
تفاصيل الرواية الإسرائيلية تشير إلى أن مقاومَين فلسطينيَين اقتحما حافلة ركاب، كان بين ركابها عدد من الجنود، وأمطراها بالرصاص ما أدى إلى سقوط هذه الحصيلة الثقيلة من القتلى والجرحى.
هذا الهجوم أعاد للأذهان مشهد الانتفاضات السابقة، وأكد أن المقاومة قادرة على استهداف العمق البشري الإسرائيلي في أي وقت، رغم الإجراءات الأمنية المشددة في القدس المحتلة.
لم تتوقف الضربات عند القدس، بل امتدت إلى قطاع غزة حيث أعلنت وسائل إعلام عبرية مقتل 5 جنود وضابط إسرائيلي في عملية نوعية نفذتها المقاومة.
وبحسب الرواية المتداولة، تمكن مقاتلو المقاومة من اقتحام دبابة إسرائيلية في موقع ثابت، وأطلقوا النار على ضابطها ثم ألقوا عبوة ناسفة داخلها، ما أدى إلى مقتل بقية الجنود.
هذه العملية شكّلت ضربة قاسية لجيش الاحتلال، ليس فقط لأنها أوقعت قتلى، بل لأنها أظهرت هشاشة القوات البرية رغم تفوقها التكنولوجي، أمام إرادة المقاتلين الذين يجيدون حرب الكمائن والاشتباك القريب.
في تطور استراتيجي بالغ الأهمية، كثّفت القوات المسلحة اليمنية عملياتها الجوية على الكيان، حيث أعلنت عن تنفيذ عملية عسكرية نوعية لليوم الثاني على التوالي في العمق الفلسطيني المحتل.
الباحث الإسرائيلي في الشؤون الاستراتيجية يوآف ليمور كتب في صحيفة “إسرائيل هيوم”: “المعضلة الكبرى أن إسرائيل لا تملك رداً مباشراً على اليمن. استهداف صنعاء عسكرياً ليس خياراً مطروحاً، والولايات المتحدة لا ترغب بتوسيع الحرب. هذا يعني أن علينا التعايش مع تهديد مستمر لا يمكننا إيقافه.”
ـ مطار اللد في يافا.
ـ مطار رامون في أم الرشراش (إيلات).
ـ هدف حساس في ديمونا.
وتم استخدام ثلاث طائرات مسيّرة أصابت أهدافها بدقة.
القناة “14” الإسرائيلية أكدت قبل البيان اليمني وقوع انفجار داخل مطار رامون نتيجة سقوط طائرة مسيرة يمنية. كما أشارت إلى تفعيل صفارات الإنذار في الجنوب وإغلاق المجال الجوي في المطار.
كشفت صحيفة جيروزاليم بوست أن طائرة مسيّرة يمنية اخترقت الأجواء الإسرائيلية وأصابت صالة الركاب في مطار رامون، ما أدى إلى إصابة خمسة أشخاص بجروح وثلاثة بحالات هلع.
الصحيفة اعتبرت أن الضربة تمثل سابقة خطيرة، كون المطار يعد ثاني أكبر مطار إسرائيلي بعد مطار بن غوريون، بطاقة استيعابية تصل إلى أربعة ملايين مسافر سنوياً.
الأخطر – بحسب الصحيفة – أن منظومات الدفاع الجوي رصدت المسيّرة لكنها لم تصنّفها تهديداً معادياً، ما حال دون تفعيل الإنذار المبكر واعتراضها، وهو ما كشف ثغرات خطيرة في منظومة الدفاع الإسرائيلية.
وقال محلل الشؤون العربية في إذاعة جيش الاحتلال: “(إسرائيل) لم تستوعب بعد أن الحرب في غزة باتت متعددة الجبهات، اليمنيون يضربوننا من آلاف الكيلومترات وكأنهم جزء أصيل من المعركة، هذا تطور خطير يعكس وحدة محور المقاومة.”
في المقابل، اعتبر الباحث العربي سامي الشرفي في مقابلة مع قناة الميادين: “استهداف مطار رامون هو ضربة مركّبة؛ اقتصادية وأمنية ومعنوية.
فهو يهدد السياحة ويعطل حركة الطيران ويكشف هشاشة المنظومات الدفاعية التي صرفت (إسرائيل) عليها مليارات الدولارات.”
- المقاومة الفلسطينية:
ـ أكدت أنها قادرة على ضرب الاحتلال في قلب مدنه ومواقعه العسكرية.
ـ عملية القدس أعادت مشهد الانتفاضات الشعبية المسلحة.
ـ عملية غزة أبرزت هشاشة الدبابات والمدرعات أمام تكتيكات الكمائن.
2 ـ اليمن:
ـ ربط واضح بين استمرار العدوان على غزة واستهداف مواقع استراتيجية داخل فلسطين المحتلة.
ـ إدخال المطارات ضمن بنك الأهداف يعكس انتقال المعركة من البحر (استهداف السفن في باب المندب وإيلات) إلى الجو.
ـ تكثيف العمليات منذ مارس الماضي (70 صاروخاً باليستياً و23 طائرة مسيّرة) عزز الضغط على الاحتلال الإسرائيلي، وأصاب ميناء إيلات بالشلل شبه التام.
3 ـ الاحتلال الإسرائيلي:
وجد نفسه أمام جبهة متعددة (القدس – غزة – اليمن) في توقيت واحد.
وصف الإعلام العبري اليوم بأنه “أحد أكثر الأيام دموية في تاريخ إسرائيل”.
العجز عن حماية الجبهة الداخلية يعمّق أزمة الثقة بين الجيش والمستوطنين.
تُظهر هذه التطورات أن الاحتلال يواجه تحولاً استراتيجياً في ميزان الصراع:
لم تعد المعركة مقتصرة على غزة فقط.
المقاومة باتت قادرة على ضربه في البر والجو والبحر.
الجبهة الداخلية باتت تحت تهديد دائم، من القدس حتى ديمونا.
اليوم الأسود، بكل تفاصيله، ليس مجرد يوم عابر، بل هو مؤشر على انتقال المعركة إلى مرحلة جديدة، حيث يتآزر محور المقاومة في أكثر من ساحة ليكسر احتكار (إسرائيل) للتفوق العسكري، ويفرض معادلة “الأمن بالأمن” و”الدم بالدم”.
وبهذا المعنى، فإن الاحتلال الإسرائيلي يجد نفسه أمام مرحلة جديدة عنوانها:
ـ الأمن لم يعد مضموناً.
ـ الجبهة الداخلية لم تعد محمية.
ـ المعادلة تغيّرت: العدوان سيقابله ردع إقليمي متكامل.
إنه باختصار يومٌ أسود سيبقى محفوراً في ذاكرة الإسرائيليين، لكنه بالنسبة للمقاومة يومٌ أبيض يفتح الباب أمام مرحلة ردع أشمل وأوسع، قد تعيد رسم ملامح المنطقة كلها.