الكَيانان الصهيوني والأمريكي.. إجرام دولي في سياق التاريخ
شعفل علي عمير
لا يمكن التغاضي عن الدعم الأمريكي المطلق لـ (إسرائيل)، والذي يتجاوز مجال التسليح، ليشمل مظلات سياسية واقتصادية تجعل من الصعب كبح جماح الانتهاكات المُستمرّة بحق الشعب الفلسطيني.
منذ فجر التاريخ المعاصر، شهد العالم بزوغ كَيانَين استعماريينِ قاما على أنقاض شعوب أعلنت حقّها في الحياة والوجود، وهما الولايات المتحدة الأمريكية وكيان العدوّ الصهيوني.
بُني هذان الكيانان على جماجم وأرض السكان الأصليين، وارتبط وجودهما بدماء من أبادوهم لتحقيق مصالحهم الإمبريالية وتجسيد سيطرتهم على الأراضي والشعوب والثروات.
الولايات المتحدة، التي تسلّطت على أرض الهنود الحمر، أبادت الملايين في فصل دموي من التاريخ البشري؛ لتنشئ كيانًا امتد على كامل الأراضي المنهوبة بلا رحمة أَو إنسانية.
واليوم، تواصل أمريكا نفس النهج، لكن بشكل غير مباشر في فلسطين، حَيثُ يقف الاحتلال الصهيوني كواجهة عسكرية لتحقيق مطامع واشنطن في الشرق الأوسط.
هذا الاحتلال ليس إلا أدَاة لتحقيق السيطرة الأمريكية وتثبيت نفوذها في منطقة غنية بالموارد، يأتي في مقدمتها النفط.
يعلم الجميع أن السياسة الأمريكية في دعم كيان الاحتلال تأتي في إطار استراتيجية شاملة لاحتواء المنطقة وضمان تبعيتها الاقتصادية والسياسية لواشنطن.
السياسة الأمريكية تؤكّـد في كُـلّ يوم أنها لا تسعى إلى حَـلّ عادلٍ للصراع العربي الإسرائيلي، بل تكرّس جهودها لإدامة الاحتلال، وتوفير الحماية والدعم العسكري لـ كيان الاحتلال.
الهدف الخفي هو فرض الهيمنة على دول المنطقة والتحكم بثرواتها ومقدراتها.
تظن أمريكا أنها، بحرصها على عسكرة (إسرائيل)، تجعل منها القاعدة الأمامية لحماية مصالحها، وليس مصالح (إسرائيل) وحدها.
بقاء (إسرائيل) قوية وضاربة، بفضل السلاح والدعم الاقتصادي والسياسي الأمريكي، يُعد الحلقة الأهم في سلسلة الهيمنة الأمريكية.
إنها استراتيجية لامتلاك الشرق الأوسط، وليس فقط دعمًا أعمى لحليف عنصري.
الوضع في غزة، وما يتعرض له الفلسطينيون من قتل وحصار ودمار، يظل تجسيدًا للمأساة المُستمرّة التي تتغاضى عنها دول العالم.
هذا التغاضي يأتي نتيجة النفوذ الأمريكي القوي في المؤسّسات الدولية، حَيثُ تُستخدم أدَاة الفيتو وتحَرّك اللوبيات لأجل تزييف الحقائق وتبرير الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة.
إن التشابه بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني لا يتمثل فقط في كونهما نشآ من رحم الاستعمار والإبادة، بل تمتد هذه القضية إلى محاولاتهما المُستمرّة في فرض السيطرة على شعوب وموارد العالم.
فالتاريخ لا يُمحى، وما يحدث اليوم هو امتداد لسياسات تعود إلى قرون من الزمن.
ويبقى الأمل في تحقيق العدالة قائمًا لدى الشعوب المضطهدة، في وقت يستمر فيه نضالها للوصول إلى عالم أكثر توازنًا وإنصافًا.
لا يمكن التغاضي عن الدعم الأمريكي المطلق لـ (إسرائيل)، والذي يتجاوز مجال التسليح، ليشمل مظلات سياسية واقتصادية تجعل من الصعب كبح جماح الانتهاكات المُستمرّة بحق الشعب الفلسطيني.
هذا الدعم ليس صدفة أَو وليد اللحظة، بل هو جزء من استراتيجية أمريكية أوسع، تهدف إلى تأمين مصالحها الاستراتيجية في الشرق الأوسط، خُصُوصًا في ظل الاضطرابات المُستمرّة التي يعيشها الإقليم.