اليمن وحيدا يساند أهل غزة وصواريخه فقط تسقط على تل أبيب
“أبواب الجحيم” تعيد الروح لأمة غائبة
“فلتفتح أبواب الجحيم على مصراعيها، وليكن كل بيت وزقاق في رفح قنبلة موقوتة تختطف أرواح قوات نخبتكم”.
بهذا النداء لأحد الملثمين العظام في غزة الأبية الصامدة تستعيد أمة العرب والمسلمين روحا جديدة تسري في جسد منهك دبت فيه الخيانة، والتخاذل واستمراء الذل، والمهانة. أمة لم تعد قادرة ليس على المقاومة والدفع بكل قوتها التي تملأ خزائنها منذ عشرات السنوات حتى أن الصدأ أصاب كل جسدها!
بل لم تعد قادرة على الصراخ لما يحدث في قطعة أرض هي مستقبلها.
أمة عاجزة أشهر طويلة عن إدخال شربة ماء وكسرة خبز لجزء من جسدها يتضور جوعا وعطشا!
أمة صار الخجل والعار يغطي رأسها حتى أخمص قدميها!
يجعل هذا العجز -حتى تلك الكلمات- نوعا من الخذلان لأبطال غزة الذين يؤكدون كل يوم أنهم شرف هذه الأمة وعزتها.
بعث جديد للمقاومة
ثلاثة أيام من عمر عملية أبواب الجحيم استطاعت أن تثبت للعالم أن هذه الأمة لا يزال ينبض في جسدها روح، وأي روح تلك هي روح البقاء والصمود وروح المستقبل. تسعة كمائن مذهلة للعالم في ثلاثة أيام على أرض رفح، تلك الأرض التي ظن جيش الكيان الصهيوني أنها أصبحت ملكا له، وأصبح يضع عائقا أمام أي احتمال ولو ضئيل لوصول أي أعانة إنسانية لغزة، رفح فلسطين.
الأرض التي دمرها غرور نتنياهو، وسيطر عليها جيشه ليقول: ها نحن في أقرب بقعة للحدود مع الدولة الكبرى عربيا. ها نحن في أقصى جنوب غزة، وبعد 45 يوما من عودة المقتلة والمحارق الصهيونية الأمريكية ها هم الأبطال في كتائب عز الدين القسام يقولون “نحن هنا تلك الأرض تنبت الرجال ما دامت تنبت الزعتر والزيتون”.
لقد لبي أبطال القسام نداء الملثم كما يلبي أبناء المقاومة في الضفة الغربية، والقدس النداء لتتحول رفح إلى جحيم فتحت أبوابه على جنود الجيش الصهيوني. وفي يومين يسقط خمسة جنود حسبما أعلن جيش الاحتلال وعشرات المصابين، ودوت صرخات عربات الإسعاف في مستشفيات تل أبيب تحمل قتلاهم وجرحاهم.
تتوالى المروحيات على أزقة وشوارع ومن تحت الأنقاض تحملهم إلى حتفهم الأخير. بترتيب عسكري مقاوم يُذهل الكيان الصهيوني ومستوطنيه الذين يتزايد رعبهم كل يوم من غارات اليمن السعيد بصواريخه العابرة لمئات الكيلو مترات التي تدك قلب تل أبيب ومطارها المحصن، يتساقط جنود الصهاينة في رفح ولا تصمت عمليات المقاومة في نابلس، والخليل، وجنين.
استمرت عمليات المقاومة واصطياد الجنود الصهاينة رغم الحصار الصهيوني، وقوات الأمن للسلطة الفلسطينية، كما كانت هناك عمليتان دهس في الأرض المحتلة.
ومن العمليات التي كُشفت هذا الأسبوع في جنين ما كشفه أحد الأفلام التسجيلية عن قتل قائد فريق القناصة الذي قام باغتيال شهيدة الإعلام شرين أبو عاقلة مراسلة قناة الجزيرة التي استشهدت في اجتياح جنين منذ ثلاثة أعوام، وما زال أبناء غزة ينتظرون الكثير من رفاقهم في الضفة الغربية.
تستعيد كتائب القسام بالصبر والتخطيط والقوة عافيتها رغم كل ما أصاب أبطالها ورغم استشهاد القادة الأبطال، ويتساءل العدو: من أين يخرجون، يتسلحون، يحصلون على القذائف والقنابل؟
وتشير دراسة صهيونية إلى أن 20% من القذائف والقنابل الصهيونية التي تسقط على غزة لا تنفجر، ليأخذها الأبطال ويعيدون تصنيعها واستخدامها في عمل أسلحة يستخدمونها في المقاومة.
تشير تقارير أخرى إلى أن كتائب القسام والمقاومة انتهزت فترة الهدنة القصيرة في استعادة عافيتها وتنظيم صفوفها.
غزة الصغيرة مساحة القوية بإيمان أبناء شعبها، العفية بأبنائها المقاومين من كل الفصائل تصمد 16 شهرا ويزيد أمام أقوى جيوش العالم والمدعوم من أكبر قوة عسكرية (الولايات المتحدة الأمريكية) ودعم غير محدود من دول أوروبية تساندها في حرب الإبادة، ولكن غزة تصمد وتقاتل وتفتح أبواب الجحيم على جنود الكيان اللقيط.
لتصح أمة العرب
إلا يستثير هذا البقاء والصمود، بل القتال وسقوط هؤلاء القتلة شعوب الأمة العربية وعقولها ليهبوا لنصرتها، لماذا تصمت أمة العرب، ألا يتجرؤون على مواجهة الكيان وترامب القادم إلى أرض العرب ليقولوا له: “أوقف حرب إبادة الاطفال والنساء والشيوخ”. ألا يملكون ما يجعل لهم صوت أمام طغيان نتنياهو؟ بل يملكون الكثير.
يملك العرب أن يشترطوا على ترامب مقابل المليارات التي يطلبها أن يوقف الحرب، فلماذا يصمتون ويتركون اليمن وحيدا يساند أهل غزة، حتى لو كلفه ذلك عداء الولايات المتحدة الأمريكية، فلماذا تسقط صواريخ اليمن وحيدة فقط على تل أبيب ويختبئ منها ملايين الصهاينة بينما كل الجبهات صامتة؟ والأصوات صامتة، بل لم يتحرك العرب على أقل تقدير سياسيا، عمل مقابل عمل، مساهمات وأموال لترامب مقابل وقف الحرب، دعم سياسي أمام وقف الحرب، هكذا السياسة، لا نقول حربا.
تلك الشعوب في دول أمة العرب والإسلام لماذا الصمت وعدم الضغط من أجل تفعيل السياسة لدى أنظمتها وساستها لإيقاف الحرب، يتركون شعب اليمن يخرج بالملايين وهو الذي يدفع من مقدرات بلاده وأرواح أبنائه جراء الهجمات الصهيونية والأمريكية ولا يصمت، بل تمتلئ شوارعه بالملايين دعما لغزة.
شعوب العالم الغربي بدأت في نهضة جديدة من أجل إيقاف حرب الإبادة، فلماذا لا تتحرك برلمانات العرب، ونقاباتها العمالية كما حدث في النرويج لمقاطعة كل ما هو صهيوني، دول أخرى منعت دخول مواطني الكيان من أراضيها، ألم تشاهدوا فيديو صاحب المطعم الإيطالي وهي تطرد القتلة من مواطني الكيان اللقيط؟ وتقول لهم: “لست بحاجة لأموالكم أنتم قتلة، ولا تدخلوا هنا” أن ما يحدث في غزة يخلق عالم جديد ستنتشر فيه المعاني الحقيقية للإنسانية، فأين العرب والمسلمين من الإنسانية؟ ولتصحو الأمة من ثباتها العميق.