بضغوطات أمريكية.. جلسة الحكومة اللبنانية اجتماعٌ على السيادة، وتمهيداً مدروساً لجعل الجيش في موقع الصدام مع حزب الله
السناريوهات:ـ
ـ التصويت على توصيات، تُحمّل طابعاً سياسياً واضحاً، كإعلان نزع الشرعية عن سلاح حزب الله
ـ استخدام القرار لتصعيد إعلامي ضد حزب الله، وإظهار أن الحكومة اللبنانية “قامت بما عليها” أمام الخارج، لإرضاء أمريكا
ـ السيناريو الأخطر يتمثل في أن تكون هذه الجلسة تمهيداً مدروساً لنزع شرعية المقاومة، كمقدمة لوضع الجيش اللبناني لاحقاً في موقع الصدام مع حزب الله
في ظل الأجواء العاصفة لجلسة الحكومة اللبنانية وتصاعد الضغوط الأميركية لإعادة صياغة المشهد اللبناني، بما ينسجم مع مشاريع تقويض دور المقاومة وسحب شرعيتها. تأتي الجلسة في توقيتها استجابة واضحة لمقترحات وضغوط خارجية، لا سيما من واشنطن والرياض، التيان تسعيان إلى تفكيك منظومة الردع التي أسسها حزب الله منذ عام 2000.
وفق مصادر مطلعة، فإن السفارة الأميركية في بيروت تسلّمت في الأيام الماضية نسخة أولية من جدول أعمال الجلسة الحكومية، تتضمن بنداً مركزياً يتعلق بـ “حصرية السلاح بيد الدولة”، وهي العبارة التي لطالما استخدمتها الولايات المتحدة لتبرير نزع سلاح المقاومة، دون أي ضمانة بحماية لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية.
ما يُغفل عمداً في هذه الجلسة هو أن سلاح المقاومة لم يُستخدم يوماً إلا في سياق الدفاع عن لبنان، وقد شكّل خلال العقود الماضية عنصر الردع الوحيد بوجه كيان الاحتلال. فالمقاومة التي حررت الجنوب عام 2000، ووقفت بوجه العدوان عام 2006، وصدّت الجماعات التكفيرية في الجرود، ليست ميليشيا خارجة عن القانون، بل تعبير سيادي عن حاجة اللبنانيين إلى حماية أنفسهم في ظل غياب أي ضمانات دولية.
هل السلاح مشكلة؟
من اللافت أن هذه الجلسة تُعقد في لحظة يتعرض فيها لبنان، من الجنوب إلى البقاع، لعدوان إسرائيلي يومي، يُضاف إليه خطر التنظيمات الإرهابية في المناطق الحدودية. ورغم ذلك، لا تُطرح الجلسة لمناقشة سبل الدفاع، بل لتقييد الجهة الوحيدة التي تردع العدوان.
إن سلاح المقاومة، وفق المعادلات القائمة، لا يشكل تهديداً داخلياً، بل ضمانة وطنية، خصوصاً في ظل تخلي المؤسسات الدولية والعربية عن أي التزامات فعلية تجاه حماية لبنان.
الهدف الحقيقي للجلسة
الجلسة الحكومية، لا تنفصل عن السياق الإقليمي والدولي المتسارع: الضغط على حزب الله لتجريده من سلاحه. وما يتم التحضير له ليس نقاشاً سياسياً، بل خطة منظمة تهدف لإسقاط شرعية المقاومة عبر المسار القانوني، تمهيداً لمرحلة أخطر: الصدام الأمني والعسكري بين الجيش اللبناني وحزب الله.
الجلسة تأتي استجابة واضحة لضغوط أميركية سعودية متزايدة على بيروت، تستخدم فيها واشنطن والرياض أدواتها المعروفة: العقوبات، التلويح بالمساعدات المالية، وإدارة الأزمة الاقتصادية اللبنانية كورقة ابتزاز سياسي.
ردود الفعل والتحالفات المقابلة
في المقابل، برز موقف الرئيس السابق ميشال عون الذي استقبل وفداً من حزب الله في الرابية وأعاد التأكيد على تحالفه الاستراتيجي معه، مطالباً بثلاثة شروط أساسية:
– وقف الاعتداءات الإسرائيلية.
-الانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة.
-إعادة الأسرى.
زيارة الحزب لعون هدفت لتثبيت معادلة سياسية: أي نقاش حول المقاومة لا يتم إلا وفق الشروط الوطنية، لا وفق الإملاءات الأجنبية.
السيناريوهات المحتملة للجلسة
من المتوقع أن تخرج الجلسة الحكومية بعدد من السيناريوهات، أخطرها ما يبدو في ظاهره رمزياً، لكنه يحمل دلالات استراتيجية عميقة. أولى هذه السيناريوهات أن يتم التصويت على توصيات، تُحمّل طابعاً سياسياً واضحاً، كإعلان نزع الشرعية عن سلاح حزب الله. وعلى الرغم من أن تنفيذ نزع السلاح عملياً يبدو مستحيلاً في هذه المرحلة – لا سيما أن ذلك لم يتحقق حتى خلال الحرب المفتوحة واستخدمت فيها إسرائيل كامل قوتها مدعومة أميركيا – إلا أن مجرد صدور قرار من الحكومة بهذا الاتجاه، حتى لو بقي حبراً على ورق، يُستخدم كأداة ضغط داخلي وخارجي. وإذا تعذر صدور قرار اليوم فمن المتوقع أن يتم تأجيل الجلسة إلى حين الاتفاق على صيغة معينة.
السيناريو الثاني، هو استخدام القرار لتصعيد إعلامي ضد حزب الله، وإظهار أن الحكومة اللبنانية “قامت بما عليها” أمام الخارج، لإرضاء الولايات المتحدة والجهات المانحة مثل السعودية، ما يُسهّل تمرير صفقات أو مساعدات مشروطة.
لكن السيناريو الأخطر يتمثل في أن تكون هذه الجلسة تمهيداً مدروساً لنزع شرعية المقاومة، كمقدمة لوضع الجيش اللبناني لاحقاً في موقع الصدام مع حزب الله، تحت عنوان “فرض سيادة الدولة”. وهذا السيناريو ينذر بإدخال لبنان في نفق داخلي خطير، يُهدد تماسك مؤسساته ويعيد إنتاج الفوضى والانقسام الأهلي كما صرح عضو المجلس السياسي في حزب الله محمود قماطي؛ “الكثير من القوى اللبنانية تموّلت عربياّ وتسلّحت أمريكياً استعداداّ للفتن وللاقتتال الداخلي والمقاومة لن تنجر”. في إشارة واضحة الى حزب القوات اللبنانية المتهم بالحصول على أسلحة أميركية وتمويل سعودي، وتدريب عناصر له في قبرص.
وبدلاً من أن تنعقد الحكومة لأجل إنشاء خطة دفاعية للبنان في وجه العدوان المستمر، فإن المطلوب اليوم هو الوقوف بوجه المقاومة، ليس لأنه يملك السلاح فحسب، بل لأن سلاحه موجّه ضد العدو الإسرائيلي. هذا التحول في الأولويات يعكس انقلاباً أو سوء فهم للمفاهيم الوطنية، ويؤكد أن الجلسة ليست سوى أداة لتنفيذ إرادات خارجية، تُفرغ مفهوم السيادة من مضمونه.
إذن هو اختبار جدّي للرئيسين جوزاف عون ونواف سلام فإما ان يختارا قبول الإملاءات الأميركية والسعودية فيفقدا شرعيتهما الشعبية والوطنية، وإما ان ينحازا لصالح لبنان، وشعبه، وسيادته، واستقلاله.
اجتماع الحكومة هو محطة مفصلية في تاريخ لبنان فهو مرتبط بتاريخ لبنان ومقاومة عمرها أكثر من 40 عاما وهي تدافع عن أرضه، وتحمي ترابه، وقدّمت آلاف الشهداء في سبيله.