تصعيد البحر الأحمر.. مقاومة بحرية تفرض الإرادة اليمنية وتفضح دور أمريكا في دعم الاحتلال
أكدت حركة أنصار الله استهداف السفينة “MINERVAGRACHT” في خليج عدن، في عملية نوعية تأتي ضمن حق مشروع للشعب اليمني وقواته المسلحة في مواجهة العدوان الأمريكي‑الصهيوني المستمر على فلسطين والمنطقة، التحرك اليمني جاء رداً على مواصلة بعض السفن خرق القرار الشعبي القاضي بحظر الدخول إلى موانئ فلسطين المحتلة دعماً للمحتل الصهيوني، هذا الفعل المقاوم يعكس التزام صنعاء بموقفها الثابت في نصرة الشعب الفلسطيني والتصدي للجرائم الوحشية التي يرتكبها الاحتلال بدعمٍ مباشر من واشنطن ولندن، في ظل صمت عربي ودولي مخزٍ، إن البحر الأحمر وباب المندب لم يعودا مسرحاً للهيمنة الأمريكية، بل باتا ساحة للتوازن والردع ضد كل من يشارك في العدوان أو يعين العدو على حصار الفلسطينيين.
خلفيات الحدث ودلالاته
توضّح قيادة أنصار الله أن استهداف السفينة تم لأنها انتهكت الحظر المفروض على العدو الصهيوني، وهي خطوة ضمن استراتيجية الردع البحري الهادفة إلى كبح تغوّل الشركات الداعمة للاحتلال، فاليمن، الذي يواجه منذ عقد عدواناً أمريكياً‑سعودياً، يرى أن من واجبه الأخلاقي والديني والسياسي الوقوف في صف المقاومة الفلسطينية، واستخدام أدواته الدفاعية لوقف تدفق الإمدادات للمجرمين في تل أبيب.
السياق العام يُظهر أن التحركات اليمنية ليست عملاً عدائياً ضد التجارة العالمية كما تزعم واشنطن، بل ردّاً محدوداً وموجّهاً ضد السفن المرتبطة بالمحتل، أما الولايات المتحدة، فبدلاً من أن تكف عن تأجيج الصراع، سعت إلى عسكرة الممرات البحرية، وحولت البحر الأحمر إلى ساحة ابتزاز للدول والشركات، متذرعةً بـ«حماية الملاحة» بينما هدفها الحقيقي حماية الكيان الصهيوني وتأمين مصالح شركات النفط والسلاح الأمريكية.
البعد السياسي والإقليمي
من الناحية السياسية، تعبّر هذه العمليات عن تحوّل نوعي في موازين القوى الإقليمية، فاليمن، الذي حُوصِر وحورب بكل أشكال العدوان، استطاع أن يفرض معادلة جديدة تردع المعتدين وتعيد للمنطقة شيئاً من التوازن بعد عقود من الانفراد الأمريكي، الولايات المتحدة اليوم تقود تحالفاً فاشلاً لحماية «إسرائيل» من تبعات جرائمها، بينما تتجاهل مذابح غزة وجرائم الحرب اليومية بحق المدنيين، بالمقابل، تنطلق عمليات أنصار الله من رؤية أخلاقية وسياسية تعتبر أن أي سكوت على جرائم الاحتلال مشاركة فيها، وأن الضغط الميداني في البحر الأحمر رسالة واضحة مفادها أن دماء الفلسطينيين لن تُهدر بلا ثمن، أما الموقف الأمريكي فيكشف ازدواجية المعايير: فحين يقتل الاحتلال الأطفال في غزة تصمت واشنطن، لكنها تصرخ حين تُستهدف سفينة غربية اخترقت حظراً مشروعاً يهدف إلى وقف تدفق السلع للكيان الإجرامي.
التداعيات الاقتصادية واحتمالات المستقبل
اقتصادياً، هذه العمليات ليست سبباً في أزمة عالمية كما يحاول الغرب تصويرها، بل نتيجة مباشرة لسياسات الهيمنة الأمريكية التي تربط مصير الشعوب بإملاءات البنوك وشركات الاحتكار، إن استمرار العدوان على غزة هو الذي يهدد استقرار التجارة والطاقة، لا رد اليمنيين المشروع.
السيناريوهات المحتملة تشير إلى أن استمرار الاحتلال في جرائمه سيدفع أنصار الله إلى توسيع نطاق عمليات الردع حتى تلجم الدول المعتدية وتُجبرها على مراجعة حساباتها، أما إذا أبدت الأطراف الإقليمية والعالمية استعداداً جاداً لوقف العدوان ورفع الحصار عن غزة، فاليمن قادر على فتح أبواب الحلول السياسية التي تضمن حرية الملاحة الحقيقية لا الهيمنة العسكرية عليها.
الموقف الشعبي العربي والإسلامي وتصاعد روح المقاومة
من زاوية اجتماعية وشعبية، تمثل عمليات أنصار الله في البحر الأحمر امتداداً لحالة وعي متنامية في العالم العربي والإسلامي تجاه ما يحدث في غزة من جرائم إبادة تُنفذها آلة الحرب الصهيونية بإشراف ودعم أمريكي مباشر، لقد أعادت المواقف اليمنية الاعتبار لخطاب المقاومة بعد سنوات من محاولات واشنطن وتل أبيب لتطويع الشعوب وتكميم الأصوات الحرة عبر التطبيع والحروب النفسية والإعلامية، اليوم، تتجلى في الموقف اليمني وحدة القضية والمصير، إذ يرى الجمهور العربي أن ما يجري في فلسطين ليس شأناً محلياً بل معركة وجود ومبدأ.
امتزاج الإرادة الشعبية بالموقف المقاوم منح أنصار الله شرعية مضاعفة، جعلتها رمزاً لصوت الأمة المقهورة في وجه الاستكبار الأمريكي والصهيوني،كما أسهمت هذه التحركات في تحفيز حركات مقاومة أخرى في لبنان والعراق وسوريا لمواصلة الضغط على الاحتلال وفضح تواطؤ الدول الغربية، والملاحظ أن تصاعد الغضب الشعبي في العواصم العربية بات يشكل رادعاً سياسياً لأنظمة تحاول مجاراة واشنطن في عدائها للمقاومة، بذلك، رسخت صنعاء موقعها كحصن متقدم في معركة الأمة ضد الطغيان الغربي، مؤكدة أن القضية الفلسطينية ليست معزولة، بل محور الصراع بين قوى التحرر واحتلالٍ مدعومٍ بكل صنوف السلاح والدمار الأمريكي.
في النهاية، بيان حركة أنصار الله بشأن استهداف السفينة “MINERVAGRACHT” ليس سوى حلقة في سلسلة من الردود المشروعة على جرائم الكيان الصهيوني والتواطؤ الأمريكي‑الغربي، فحين تتحول البحار إلى أدوات لخدمة آلة القتل في غزة، يصبح من حق الأحرار أن يقفوا بوجه الغطرسة، إن اليمن اليوم يؤكد أن البحر الأحمر وباب المندب لن يكونا رهينة بيد واشنطن أو تل أبيب، بل ساحة دفاع عن المظلومين، الردع اليمني هو رسالة للأمة بأن زمن الصمت انتهى، وأن المقاومة، مهما حوصرت، قادرة على فرض إرادتها وحماية قضاياها العادلة.
الوقت التحليلي