صحافة دولية : سرديّة واشنطن المثقوبة: المطلوب عزل صنعاء … وحظر على مطار المخا: خطط أبو ظبي تتعثّر

 

سرديّة واشنطن المثقوبة: المطلوب عزل صنعاء

بعد ممانعة معظم دول العالم الوازنة المشاركة في تحالف «حارس الازدهار»، لعدم اقتناعها بالدوافع الأميركية لتشكيله، تسعى الولايات المتحدة إلى تدويل الأحداث في البحر الأحمر، بما يناسب ادّعاءها وجود صفة دولية للأضرار الناتجة من العمليات العسكرية اليمنية الجارية هناك. كما تؤشّر الخطط الأميركية المتداولة، في هذا السياق، إلى وجود نية لتوسيع العدوان على اليمن بما يخدم أيضاً أهدافاً أبعد من تلك المعلَنة، وهو ما بدأ يُترجَم بالفعل بالقصف الأعنف الذي استهدف عدداً من المحافظات اليمنية ليل الإثنين – الثلاثاء. ولإنجاح خططها، تعمل واشنطن على خطَّين متوازيَين: – الأول: الزعم أن اليمن يسعى إلى خنق الاقتصاد والتجارة العالميَّين عبر استهدافه سفن الشحن العابرة باب المندب والبحر الأحمر نحو الغرب، فيما يغيب عن السردية الأميركية – عمداً – الهدف اليمني من العمليات، والمقتصر على السفن والمصالح الإسرائيلية دون غيرها، قبل أن تضاف إليه أخيراً سفن الدول التي تعتدي على اليمن، أي الولايات المتحدة وبريطانيا. على أن هذه السردية الأميركية تُواجَه بالرفض من قبل أكثر دول العالم؛ فاليمن قدّم وجهة نظره حول الأحداث، وربط ما يقوم به بوقف العدوان على قطاع غزة ورفع الحصار عنه، وأجرى عدداً من الاتصالات الإقليمية والدولية ووجد تفهُّماً كبيراً من قِبَل بعض الأطراف، ومنها أطراف أوروبية، وفقاً لما أكده نائب مدير التوجيه المعنوي في صنعاء، العميد عبد الله بن عامر، بالقول إن «دولاً أوروبية تواصلت مع صنعاء، وأكّدت تفهّمها الموقف اليمني، وتأييدها وقفاً لإطلاق النار في غزة، للحيلولة دون تصاعد الوضع في البحر الأحمر». غير أن ثمّة رأياً وازناً يقول إن الهدف الأميركي من العدوان على اليمن بات يتعدّى حماية الممرّات المائية، إلى أغراض ذات علاقة بالحفاظ على مكانة الولايات المتحدة في العالم. وعبّرت عمّا تقدَّم، صحيفة «فايننشال تايمز»، بالقول إن «الوضع الراهن يؤكد أن العمل الأميركي في حماية سلاسل الإمداد هو ضمن الأوضاع الجيوسياسية والعسكرية المعقّدة. لكن أهدافه ذات طابع إستراتيجي أكثر من كونها اقتصادية، وهذا ما يجعل إجراءات واشنطن مفيدة بشكل غامض وخاضعة للتحوّلات السياسية».
– ثانياً: ربْط القدرات اليمنية بالجانب الإيراني، والتركيز على أن البلدَين مستمرّان في التنسيق والعمل المشترك لإيصال السلاح النوعي إلى اليمن. وفي هذا الإطار، استفاضت وسائل الإعلام الغربية، في الأسابيع الأخيرة، في نشر مواد إخبارية واستخباراتية حول الدعم التسليحي الإيراني لليمنيين. وتشير هذه التقارير إلى أن ترسانة صنعاء باتت تضمّ أسلحة متنوعة، منها صواريخ قديمة يعمل الخبراء اليمنيون على الاستفادة من أجزائها ودمجها بمكونات حديثة؛ ومنها ما هو حديث ويتمّ تطويره بالاستفادة من التكتيكات الحالية، ولا سيما في البحر الأحمر؛ ومنها ما هو حديث ونوعي، ولم يحن بعد وقت استخدامه. كذلك، تصنّف التقارير، اليمن حالياً باعتباره أفضل بكثير من دول متقدّمة في مجال الأسلحة البحرية، فيما تعترف الدوائر الاستخباراتية بأن بعض أنواع تلك الأسلحة كان موجوداً منذ عهد النظام السابق، وتم تطويره محلّياً عبر الاستفادة من خبرات محور المقاومة، بينما بعضها الآخر يُصنع كلّياً بجهود محلية.

ثمّة رأي وازن يقول إن الهدف الأميركي في البحر الأحمر تعدّى حماية الممرّات المائية

وفي هذا السياق أيضاً، أفادت البحرية الأميركية، بداية الشهر الجاري، بأنها «اعترضت شحنة أسلحة إيرانية»، قالت إنها كانت «متّجهة إلى اليمن»، وصادرت قارباً صغيراً يحمل مكوّنات صواريخ «كروز»، وأخرى باليستية إيرانية الصُنع. واعتبرت البحرية الأميركية أن تكلفة المهمّة كانت عالية بالنظر إلى فقدان اثنين من البحارة الأميركيين أثناء محاولتهما الصعود على متن قارب صومالي، فيما وضع الإعلام الأميركي، الحادثة في سياق التطوّرات الأخيرة في البحرَين العربي والأحمر، مشيراً إلى أن الشحنة المصادَرة جاءت لتحلّ محلّ تلك التي خسرها اليمن في الضربات الجوية التي بدأت في 11 كانون الثاني الجاري.
ورغم الادعاءات المتكرّرة من قبل البحرية الأميركية باعتراض شحنات أسلحة مهرّبة إلى اليمن طوال الأعوام الماضية، وتشكيل «الفرقة 153» التابعة للأسطول الأميركي الخامس، ومقرّه البحرين، لهذه الغاية، تقرّ أوساط أميركية بفشل تلك المهمّة؛ إذ تَعتبر أن اعتراض الأسلحة الإيرانية أثناء شحنها إلى اليمن هو أمر بالغ الصعوبة. ووفقاً لمسؤول في وزارة الدفاع الأميركية، فإن عمليات الكوماندوز، من مثل التي جرت هذا الشهر، عادةً ما تكون معقّدة، وتشارك فيها قوات خاصة على متن قوارب قتالية، وقناصة، وطائرات مسيَّرة، وطائرات هليكوبتر للمراقبة، بالإضافة إلى قوات البحرية، بحسب مجلة «بوليتيكو». ويقول هؤلاء إن «تأثير الدعم الإيراني على المنطقة لا يحظى بالتقدير المناسب في كثير من الأحيان، إذ تتمّ الاستهانة بالجهد الإيراني المتواصل».
ووفقاً لمعلومات استخباراتية غربية، فإن واشنطن ولندن درستا، في الأسابيع الماضية، كيفيّة التصدّي للتعاون اليمني – الإيراني حول تبادل المعلومات عن حركة مرور سفن إسرائيل والدول الداعمة لها، فضلاً عن التعاون الاستخباراتي في إطار محور المقاومة، ومواجهة التعاون التسليحي وتبادل الخبرات. وكشفت وكالة «بلومبرغ»، في هذا الجانب، أن العاصمتَين تدرسان أشكالاً من عمليات عسكرية لعرقلة جهود ‎طهران لإعادة إمداد صنعاء بالسلاح. وفي السياق ذاته، وضع مراقبون زيارة مدير «سي آي إي»، وليام بيرنز، إلى الصومال، ولا سيما أنها جاءت بعد الإعلان عن فقدان الجنديَّين الأميركيَّين ثم مقتلهما. وفي رأي خبراء عسكريين أميركيين، فإن خطط بلادهم في مواجهة اليمن لم تَعُد صالحة في البحر الأحمر، وأنها بحاجة إلى إصلاح وتحديث، وذلك يستدعي الابتعاد عن التكتيكات القديمة، وفقاً لما عبّر عنه مسؤول أميركي بالقول: «هذا هو تخصّصنا. أن نكون قادرين على العمل في المجال البحري بشكل سرّي، وملاحقة الأهداف الصعبة عبر التخفي».

 

 

 

حظر على مطار المخا: خطط أبو ظبي تتعثّر

رشيد الحداد

تعمل الإمارات في أكثر من اتجاه، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، لكسر الحصار اليمني المفروض على إسرائيل. ولذا، تدفع أبو ظبي، التي انحازت إلى «تل أبيب» منذ 7 أكتوبر، نحو تفجير الأوضاع في جبهة الساحل الغربي منذ أسابيع.

وكشفت مصادر استخباراتية في صنعاء، لـ«الأخبار»، أن الإمارات التي موّلت إنشاء مطار جديد في مدينة المخا قبالة مضيق باب المندب غربي تعز، تقول صنعاء إنه قاعدة عسكرية جوية إماراتية بغطاء مدني، حاولت في الأيام الماضية، نقل قيادات موالية لها كانت تشارك في المعارك التي تخوضها قوات «الدعم السريع» مع الجيش السوداني، جواً إلى اليمن، إلّا أنّ صنعاء تمكّنت من إحباط العملية، وأجبرت الطائرة التي كانت تقل تلك القيادات على مغادرة الأجواء اليمنية.

كما كشفت المصادر أن قوات صنعاء فرضت حظراً جوياً على مطار المخا، بعدما رصدت استخدامه لنقل الأسلحة، منذ أيام. وجاء هذا في أعقاب تسرّب معلومات إلى «أنصار الله» عن ترتيبات إماراتية تجري منذ أسابيع، بدعم أمريكي وبريطاني وإسرائيلي، لإطلاق عملية عسكرية واسعة بمشاركة فصائل المرتزقة التابعة لأبو ظبي في الساحل الغربي وميليشيات العمالقة الجنوبية المدعومة منها.

وستشمل العملية، وفقاً للمصادر، السواحل المطلّة على البحر الأحمر ومضيق باب المندب، والواقعة في نطاق محافظتي تعز والحديدة، وذلك في إطار إشغال القوات اليمنية عن العمليات البحرية التي تشنها ضد السفن المتّجهة إلى الموانئ المحتلة منذ منتصف تشرين الثاني.

وتزامنت تلك التحركات مع بذل الإمارات مساعيَ موازية لكسر الحصار على إسرائيل، والتخفيف من تأثير القرار اليمني الذي فشلت خيارات واشنطن كافة بما فيها العسكرية، في الحد من آثاره على الاقتصاد الإسرائيلي.

وفي هذا الإطار، كشفت وسائل إعلام عبرية اعتزام كيان الاحتلال تنفيذ خطة التفاف على الحصار البحري اليمني، بالتعاون مع الإمارات والبحرين. كما أعلنت وزيرة مواصلات الكيان الصهيوني ميري ريغيف، في تصريحات صحافية، أن هجمات «أنصار الله» أجبرت العدو على إيجاد طرق بديلة للنقل، مشيرة إلى أن الطريق الخليجي البري الذي يربط الإمارات بإسرائيل بطول أكثر من ألفي كيلومتر، ويمر عبر السعودية والأردن، سيقلّل تكلفة تأخير وصول البضائع 12 يوماً، كما في حالة شحنات التجارة التي يتم نقلها عبر رأس الرجاء الصالح. وأشارت إلى أن الخط الجديد قلّص حجم الخسائر والاحتياجات في السوق المحلية الإسرائيلية.

أثارت محاولات الالتفاف على حصار صنعاء للملاحة الإسرائيلية، من قبل دول عربية، سخطاً شعبياً عارماً في اليمن

وأثارت محاولات الالتفاف على حصار صنعاء للملاحة الإسرائيلية، من قبل دول عربية، سخطاً عارماً في الأوساط الشعبية والرسمية اليمنية، في اليومين الماضيين. واعتبر العشرات من الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي أن الجهد الذي تقوم به الدولتان الخليجيتان من أجل تخفيف الحصار البحري على الكيان، يأتي في إطار الاستهداف غير المباشر للقرار الذي يدفع اليمن من أجله ثمناً باهظاً.

كما لمّحت مصادر في مجلس النواب في صنعاء، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن المجلس يدرس إضافة الإمارات والبحرين وكل من يتعاون مع الكيان، إلى قائمة التصنيف التي وجّه بإعدادها قائد «أنصار الله»، السيد عبد الملك الحوثي، في خطابه الأسبوع الفائت، والذي أكّد فيه أن صنعاء سوف تصنّف الأمريكي والبريطاني وكل من يساند إسرائيل في قائمة الدول الحامية للإرهاب الصهيوني.

وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية قد أشارت إلى أن البحرين والإمارات لعبتا دوراً فاعلاً في تخفيف حدة تداعيات الهجمات اليمنية على السفن المتّجهة نحو موانئ الاحتلال، عبر فتح موانئهما لاستقبال سفن الشحن الإسرائيلية وإفراغها ونقلها عبر أسطول عربي يمرّ بالأراضي السعودية، ثم الأردن، وصولاً إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وأوضحت الصحيفة أن «هذه الخطوة أسهمت في تخفيض تكلفة مرور السفن عبر رأس الرجاء الصالح والدوران عبر أفريقيا والوصول إلى الموانئ الإسرائيلية، عبر طريق طويل يتطلب أكثر من 21 يوماً لكي تقطعه سفن الشحن القادمة إلى موانئ الكيان».

كما كان ناشطون سعوديون، منهم الخبير العسكري السعودي، أحمد الفيفي، قد أكدوا اعتزام السعودية إيجاد طرق بديلة من البحر الأحمر وخليج عدن عبر ميناءين خليجيين لنقل البضائع الإسرائيلية، وذلك في إطار التهيئة للتطبيع بين السعودية وإسرائيل.

ووفقاً لمراقبين، فإن الخطوط الخليجية التي دُشّن العمل بها أو الأخرى التي سيتم إنشاؤها وتربط دول الخليج بالكيان، تأتي ضمن استراتيجية أمريكية أطلقها الرئيس، جو بايدن، من الهند في «قمة العشرين»، وتتضمن ربط الشرق بالغرب عبر الدول الخليجية وإسرائيل، إلّا أنّ تزامن الإعلان الإسرائيلي الأخير مع مفاوضات يحتضنها الاتحاد الأوروبي بين إسرائيل والسعودية على مستوى وزراء الخارجية، ربما يؤشر إلى ترتيبات جديدة في المنطقة.

 

* المصدر: الاخبار اللبنانية

قد يعجبك ايضا