صنعاء تكشف الوجه الآخر للمنظمات الأممية: حياد مزعوم وتواطؤ خطير مع الأعداء

من العمل الإنساني إلى التجسس المنظم.. موظفون أمميون في قبضة العدالة اليمنية

الحقيقة ـ جميل الحاج

في إنجاز أمني وطني من العيار الثقيل، أعلنت الأجهزة الأمنية اليمنية عن تفكيك شبكة تجسس واسعة تعمل لصالح الموساد الإسرائيلي والاستخبارات الأمريكية، بعد عمليات رصد ومتابعة دقيقة.

وأكدت المصادر الأمنية أن الشبكة كانت مزودة بأجهزة متطورة للتجسس والرصد والاختراق الإلكتروني، استُخدمت في تنفيذ عمليات خطيرة استهدفت الأمن القومي اليمني والبنية التحتية للاتصالات الوطنية.

المنظمات الأممية بين الحياد المفقود والتواطؤ المكشوف

وكشف السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطاب رسمي أن عناصر الشبكة تعمل تحت غطاء منظمات الأمم المتحدة، بينها اليونيسف وبرنامج الغذاء العالمي، مشيرًا إلى أن بعض هؤلاء الموظفين الأمميين تورطوا في جريمة اغتيال رئيس الوزراء أحمد غالب الرهوي وعدد من أعضاء حكومة التغيير والبناء.

وأوضح أن العدو لجأ إلى هذا الأسلوب الخبيث لاستغلال الامتيازات الممنوحة للعاملين في المجال الإنساني، لتسهيل نشاطاته الاستخبارية والتخريبية داخل البلاد.

واتهم السيد القائد الأمم المتحدة بأنها تغض الطرف عن اختراق أجهزتها من قبل الموساد والاستخبارات الأمريكية، بل إنها بدلاً من التحقيق في التجاوزات، توجه اللوم إلى الأجهزة الأمنية اليمنية وتحاول تبرئة موظفيها المتورطين.

وأكد أن هذا الموقف يفضح ازدواجية المعايير الأممية ويكشف انحرافًا خطيرًا عن مبادئ الحياد والاستقلالية الإنسانية التي تدّعيها المنظمة الدولية.

أجهزة تجسس متطورة ومهام حساسة تستهدف السيادة

وأشارت التحقيقات إلى أن المعدات التي تم ضبطها بحوزة الخلية تُستخدم عادة في عمليات التجسس الإلكتروني والتنصت على الاتصالات السيادية، ما يؤكد أن الشبكة كانت مكلفة بمهام عالية الخطورة تهدف إلى اختراق منظومات الدولة وجمع معلومات لصالح العدو الأمريكي والإسرائيلي.

ويعتبر هذا الكشف دليلًا على تطور القدرات الاستخباراتية اليمنية وارتفاع مستوى الجاهزية الفنية في مواجهة الحروب الخفية ومحاولات الاختراق الأجنبية.

اليمن: مراجعة شاملة للاتفاقيات مع المنظمات الدولية

توجه رسمي لإعادة ضبط العلاقة مع الأمم المتحدة

في أعقاب الفضيحة، أعلنت وزارة الخارجية في صنعاء نيتها إعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة مع المنظمات الأممية العاملة في اليمن، في خطوة تهدف إلى حماية السيادة الوطنية ومنع استغلال العمل الإنساني لأغراض استخبارية.

وأكدت الوزارة أن المراجعة تأتي لضمان أن تبقى أنشطة المنظمات الدولية منسجمة مع القوانين الوطنية وتحت إشراف الدولة اليمنية، بعيدًا عن أي توظيف سياسي أو أمني.

اعترافات وأدلة دامغة على التورط

وكشف السيد القائد أن الأجهزة الأمنية ضبطت خلية تجسسية تابعة لبرنامج الغذاء العالمي يقودها مسؤول الأمن والسلامة في البرنامج، كانت مكلفة برصد اجتماعات حكومية وإرسال إحداثيات حساسة للعدو الإسرائيلي.

وأوضح أن بحوزة الخلية أجهزة تنصت واستهداف متطورة، تُستخدم عادة في عمليات الاستخبارات الدولية، ما يجعل القضية واحدة من أكبر فضائح التجسس في تاريخ العمل الأممي داخل اليمن.

من منظور القانون الدولي: صنعاء على حق

أكد خبراء القانون الدولي أن الخطوات التي اتخذتها صنعاء قانونية ومشروعة تمامًا، إذ يحق لأي دولة وفقًا للقانون الدولي تعليق أو تعديل الاتفاقيات إذا ثبت تورط أطراف دولية في أنشطة تهدد أمنها القومي.

وأشار الخبراء إلى أن ما جرى يُعد انتهاكًا صريحًا لمبادئ الحياد والاستقلال والإنسانية، ما يضع الأمم المتحدة أمام مساءلة قانونية وأخلاقية.

سجل أسود للمنظمات الأممية: من هايتي إلى اليمن

تاريخ طويل من الفساد والتجسس

القضية اليمنية ليست سوى حلقة جديدة في سلسلة الفضائح الأممية الممتدة من هايتي إلى العراق وسربرنيتشا.

في هايتي (2010) تسببت قوات أممية بنشر وباء الكوليرا الذي أودى بحياة أكثر من 9,300 شخص.

في العراق، فضيحة “النفط مقابل الغذاء” كشفت عن فساد إداري ضخم تورط فيه مسؤولون كبار في الأمم المتحدة.

في سربرنيتشا (1995)، تقاعس جنود حفظ السلام عن منع مجزرة مروعة راح ضحيتها أكثر من 7,500 مدني.

رد أممي مرتبك ونفي دون تحقيق

وفي اليمن، كشفت وكالة “أسوشيتد برس” عام 2019 عن عمليات فساد ونهب في برنامج الغذاء العالمي، تضمنت سرقة مساعدات وتوظيفات وهمية.

كما وثقت تقارير دولية، بينها صحيفة التايمز البريطانية، آلاف حالات الاغتصاب والاستغلال الجنسي التي ارتكبها موظفون أمميون في مناطق النزاع حول العالم، ما يفضح الوجه المظلم للعمل الإنساني الدولي.

جاء رد الأمم المتحدة سريعًا بنفي الاتهامات اليمنية دون تحقيق شفاف أو تواصل رسمي مع حكومة صنعاء، ما أثار تساؤلات حول نزاهة المنظمة وحيادها.

ويرى مراقبون أن هذا الرفض المتسرع يعكس محاولة سياسية لطمس الفضيحة مبكرًا، خاصة بعد بيان المتحدث الأممي ستيفان دوجاريك الذي تجاوز نصوص اتفاقية فيينا المنظمة لعمل البعثات الدولية.

ما وراء العمل الإنساني: ستار لأجندات استخبارية

تثير القضية أسئلة مشروعة:

لماذا تمتلك منظمات أممية أجهزة اتصال واستخبارات متقدمة؟

ولماذا ترفض فتح تحقيق مستقل في الأدلة المقدمة من صنعاء؟

وهل تحولت البعثات الإنسانية إلى أدوات اختراق سياسي وأمني تخدم مصالح واشنطن وتل أبيب؟

الإجابات – بحسب مراقبين – تكشف أن “العمل الإنساني” في بعض الحالات أصبح ستارًا لأنشطة غير إنسانية، وأن ما حدث في اليمن ليس استثناءً بل امتدادًا لتاريخ طويل من التجاوزات الأممية.

صنعاء: السيادة فوق كل اعتبار

تؤكد الحكومة اليمنية أن تحركاتها الأخيرة لا تستهدف العمل الإنساني ولا تعرقل المساعدات، بل تهدف إلى تنظيم العلاقة وضمان الشفافية والالتزام بالقانون.

كما شددت على أن الأمن القومي اليمني خط أحمر لا يمكن تجاوزه تحت أي غطاء أممي أو إنساني.

وأكدت مصادر رسمية أن على الأمم المتحدة أن تثبت جديتها في محاسبة موظفيها المتورطين، وإلا فإنها ستتحمل تبعات تأزم العلاقة مع صنعاء واهتزاز الثقة الشعبية والدبلوماسية في دورها داخل اليمن والمنطقة.

ختاما: فضيحة التجسس الأخيرة تضع الأمم المتحدة أمام اختبار أخلاقي وسياسي حاسم:ـ إما أن تواجه الحقيقة بشفافية وتصحح مسارها، أو تستمر في التواطؤ مع الأجندات الاستخبارية، لتتحول من منظمة أممية إلى أداة اختراق سياسي.

إن ما تحقق أمنيًا في صنعاء لا يمثل فقط انتصارًا أمنيًا، بل نقطة تحول في معركة السيادة والكرامة الوطنية، ورسالة واضحة بأن اليمن يمتلك اليوم قدرات استخباراتية قادرة على حماية أمنه وسيادته من أي اختراق خارجي.

قد يعجبك ايضا