طوفان بشري في اليمن.. عامان من الجهاد والإسناد لغزة حتى النصر

شهدت العاصمة صنعاء وبقية المحافظات اليمنية اليوم، مشهداً تاريخياً غير مسبوق في حجم المشاركة الشعبية والزخم الجماهيري، في واحدة من أكبر المسيرات التي شهدها اليمن في تاريخه الحديث، ضمن فعاليات المليونية الكبرى تحت شعار “طوفان الأقصى.. عامان من الجهاد والتضحية حتى النصر”.

خرج الملايين من أبناء اليمن في صنعاء وصعدة والحديدة وصنعاء والمحويت والضالع وغيرها من المحافظات، في طوفان بشري عارم، حاملين الأعلام اليمنية والفلسطينية، وشعارات النصر والحرية والمقاومة، مؤكدين استمرار الموقف المبدئي والثابت في نصرة الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة في وجه الاحتلال الصهيوني الغاصب.

جاءت هذه المسيرات لتتوج عامين كاملين من الإسناد اليمني لغزة منذ انطلاق عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر 2023، التي أعادت رسم موازين القوى في المنطقة، وكشفت ضعف الكيان الصهيوني وهشاشة دعائمه العسكرية والنفسية، وأبرزت في المقابل صلابة محور المقاومة وثباته على الموقف الحق.

صنعاء.. الطوفان الأكبر في التاريخ الحديث

شهدت العاصمة صنعاء اليوم طوفاناً بشرياً مهيباً، حيث احتشد الملايين في ميدان السبعين بالعاصمة في مشهد يليق بعظمة الموقف اليمني خلال عامين من الجهاد والإسناد لغزة.

رفعت الحشود الأعلام اليمنية والفلسطينية، ورددت الهتافات التي تمجّد المقاومة الفلسطينية وتؤكد على وحدة المصير، منها:

(مع غزة من أجل الله.. عشنا عامين مع الله)، (غزة انتصرت يا أحرار)، (انتصر الحق على الباطل.. والصهيوني والأمريكي فاشل فاشل)، و (بالله تعالى سبحانه.. خاب نتنياهو ورهانه).

وعبّر المشاركون عن فخرهم بمواقف قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، الذي حمل راية الموقف المبدئي في نصرة فلسطين، مؤكدين أنهم باقون على النهج ذاته حتى تحقيق النصر المبين.

وخلال الفعالية، ألقى العلامة محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس الوزراء ورئيس اللجنة الوطنية العليا لنصرة الأقصى، كلمة أكد فيها أن هذا الحضور المليوني يعكس عمق الانتماء الإيماني والوعي الجهادي للشعب اليمني، قائلاً:

“يا أبناء يمن الإيمان والجهاد والحكمة.. وأنتم تودّعون عامين من الجهاد والعطاء منذ بدء طوفان الأقصى، نحمد الله على توفيقه وهدايته، ونفخر بكم وبحضوركم العظيم في هذه الفعاليات التاريخية.”

البيان الموحد للمسيرات.. تجديد للعهد وتمسك بالموقف

البيان الختامي الموحد الصادر عن المسيرات أكد أن عامين من العدوان الإسرائيلي الأمريكي على غزة قابلهما عامان من الصمود الأسطوري، وأن المقاومة الفلسطينية أفشلت كل أهداف العدو ومخططاته.

وقال البيان:

“نحمد الله الذي وفقنا لهذا الموقف التاريخي، وثبتنا على طريق الحق، وأكرمنا بشرف إسناد غزة لعامين كاملين، ونجانا من عار الخذلان والهوان، وكتب لنا معية المجاهدين الصادقين في وجه الطغاة والمستكبرين.”

كما جدد البيان التأكيد على أن الشعب اليمني سيظل في طليعة الشعوب الحرة، الثابتة في دعمها لفلسطين، حتى تحرير كل أراضيها وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

وحيّى البيان المقاومة الفلسطينية ومجاهديها الأبطال، مشيداً بصمودهم وثباتهم رغم الحصار والمجازر، مؤكداً أن المقاومة انتصرت بعزيمتها وثقتها بالله، وأن الكيان الإسرائيلي يعيش أسوأ مراحله من الانكسار والذل.

موقف يمني استثنائي في زمن التخاذل

وفي الوقت الذي تواطأت فيه بعض الأنظمة العربية مع الكيان الصهيوني، قدّم الشعب اليمني نموذجاً فريداً في الثبات والمبدئية.

البيان الموحّد للمسيرات شدد على إدانة كل من خان وتآمر مع العدو أو وقف ضد المقاومة، وقال بلهجة حاسمة:

“إن الخزي والعار والحسرة في الدنيا قليل على أولئك الذين تآمروا أو تخلوا، فانتظروا فوق ذلك الهزيمة والخسارة والعذاب الأليم في الآخرة.”

كما وجّه رسالة إلى المتخاذلين والمرجفين قائلاً:

“ما يحدث أمامكم شواهد وعبر لتعرفوا أن الله وحده هو الذي يملك النصر والحياة والموت، فثقوا بالله ولا تخافوا من أمريكا وإسرائيل، فإنهم أضعف من بيت العنكبوت.”

صعدة.. 43 ساحة تموج بالإيمان

شهدت محافظة صعدة، عاصمة الثورة والهوية القرآنية، مسيرات حاشدة في 43 ساحة متفرقة، في مركز المحافظة  وفي مختلف المديريات.

وأفاد مصدر محلي أن هذا الاحتشاد التاريخي يعكس عمق الوعي الديني والوطني للشعب اليمني، الذي يرى نفسه شريكاً أخلاقياً وقومياً في معركة فلسطين.

وأكد المشاركون أن هذا التضامن ليس موسماً مؤقتاً بل هو التزام دائم، وأن مسيرات صعدة تحولت إلى حركة تعبئة جهادية مستمرة تشمل التدريب والتجنيد المعنوي والدعم اللوجستي لقوافل الإسناد نحو غزة.

ورددت الجماهير هتافات تعبّر عن الوفاء والعهد، منها: (يا غزة يا فلسطين.. معكم كل اليمنيين)، (سنواصل بالله وحوله.. ونعد لأكثر من جولة)، (في غزة برز الإيمان.. فتهاوى حلف الشيطان).

الحديدة.. 317 ساحة ومشهد بحري مهيب

في الحديدة، عاصمة البحر والصمود، اكتظت 317 ساحة بالحشود الجماهيرية، في أضخم فعالية تشهدها المحافظة منذ بدء العدوان.

وأكد المشاركون أن “طوفان الأقصى” أعاد الاعتبار للقضية الفلسطينية وأحيا روح الأمة بعد سنوات من الخذلان، وأن الشعب اليمني سيبقى وفياً لرسالته في مواجهة الكيان الصهيوني الأمريكي.

وردد المشاركون الهتافات المنددة بجرائم الاحتلال، مؤكدين أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة لم يكن استسلاماً بل انتصاراً تاريخياً، أجبر العدو على التراجع تحت نيران المقاومة وصمود شعبها.

وأشادوا بصمود المجاهدين الفلسطينيين الذين أسقطوا نظرية “الأمن المطلق لإسرائيل”، وأثبتوا أن المقاومة هي السبيل الوحيد لانتزاع الحقوق.

صنعاء المحافظة.. 300 ساحة تفيض بالعزم

في محافظة صنعاء، خرجت مسيرات ووقفات جماهيرية في 300 ساحة موزعة على مختلف المديريات، من الحيمة إلى مناخة وصعفان.

ورفع المشاركون الأعلام اليمنية والفلسطينية، مرددين الشعارات القرآنية المؤكدة على الثبات والمضي في طريق المقاومة.

وأكد المتظاهرون أن هذا الاحتشاد يعبر عن وعي شعبي متجذر، وأن معركة طوفان الأقصى أصبحت جزءاً من وجدان اليمنيين الذين يرون فيها معركة الأمة بأسرها ضد الطغيان.

المحويت.. 95 ساحة تُجدّد العهد

في محافظة المحويت، انطلقت 95 مسيرة جماهيرية حاشدة بمشاركة رسمية وشعبية واسعة.

رفع المتظاهرون العلمين اليمني والفلسطيني، مرددين هتافات تندد بجرائم الاحتلال وصمت الأنظمة المطبّعة، مؤكدين أن دعم فلسطين واجب ديني وإنساني لا يسقط بالتقادم.

وأكد المشاركون أن عامين من الجهاد والتضحية لم يكونا مجرد محطة زمنية، بل مسيرة وعي وصحوة إيمانية للأمة، وأن اليمنيين سيظلون أوفياء لقضيتهم المركزية مهما اشتدت التحديات.

كما أشادوا بمواقف السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي التي وصفوها بالمنارة الهادية في زمن الانبطاح، معتبرين أن توجيهاته حفظت للأمة كرامتها ووجهتها نحو الموقف الحق.

الضالع.. أربع ساحات تهتف للوحدة والمقاومة

وفي محافظة الضالع، شهدت مديريات دمت والحشاء وقعطبة وجُبّن مسيرات جماهيرية حملت العنوان ذاته “عامان من الجهاد والتضحية حتى النصر”.

أكد المشاركون أن السابع من أكتوبر كان يوماً فاصلاً في تاريخ الأمة، حيث انقلبت موازين القوى وانهارت مشاريع التطبيع والخيانة.

ورفع المشاركون الأعلام اليمنية والفلسطينية، وهتفوا بشعار البراءة من أعداء الله، مؤكدين أن وقوف اليمن مع غزة ليس خياراً سياسياً بل واجباً دينياً وجهادياً.

اليمن.. صوت الأمة وقلبها النابض

بهذه الحشود المليونية الممتدة من صعدة إلى الضالع، ومن صنعاء إلى الحديدة، أثبت اليمنيون أن موقفهم من فلسطين ليس موسماً سياسياً ولا تعاطفاً عاطفياً، بل هو التزام عقديّ متجذّر في الإيمان والهوية.

عامان من الجهاد والإسناد لغزة تحوّلا إلى عنوان مشرف في تاريخ اليمن الحديث، وأكد للعالم أن هذا الشعب، رغم جراحه وحصاره، يحمل في قلبه نبض الأمة وكرامتها، وأنه باقٍ على عهد الجهاد والمقاومة حتى تحرير القدس وكل فلسطين.

ومع انتهاء هذه الذكرى الثانية، يتجدد العهد والوفاء: “سنظل معكم يا أهل غزة.. ما بقي فينا نفسٌ ينبض، وما دام في قلوبنا إيمانٌ بالله ووعده الحق بالنصر المبين.”

قد يعجبك ايضا