قمّة لغسل جرائم الإبادة الصهيونية
أحمد الضبيبي
تحت وابلٍ من الضحايا وركام المنازل تُعقد القمم لتبييض صفحة الجلاد الصهيوني، حَيثُ سيقام في مدينة شرم الشيخ المصرية انعقاد ما سُمّي بـ “قمة السلام”، التي دعي إليها المجرم الأمريكي دونالد ترامب، بمشاركة زعماء وقادة أكثر من 20 دولة ومنظمة دولية وإقليمية.
هذه القمة، التي يُفترَضُ أنها تهدفُ إلى إنهاء العدوان وحرب الإبادة في قطاع غزة وتعزيز الاستقرار في المنطقة، ليست في حقيقتها سوى ستار دخاني كثيف، ومحاولة سافرة لاستخدام مصطلح “السلام” لتجميل وجه الحقيقة البشعة وطمس المعالم الوحشية لجرائم الإبادة والتجويع التي ارتكبها الكيان الصهيوني في القطاع المحاصَر.
إنّ الإمعان في تفاصيل هذه القمّة، وسياق انعقادها المتزامن مع استمرار الحرب ومآسيها التي فاقت حَــدّ التصور، يضع علامات استفهام ضخمة حول دوافعها الحقيقية.
ففي خضمّ الدمار الشامل والمجازر التي ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، تحاول الولايات المتحدة الأمريكية أن تتخفّى خلف قناع “الدولة الراعية للسلام العالمي”..
وإنه ادِّعاء يكذّبه الواقع المرير وتفضحُه المعطيات الساطعة.
إنّ الدور الأمريكي ليس دورًا محايدًا يسعى للوساطة بقدر ما هو شراكة استراتيجية ورئيسية في حرب الإبادة والتجويع الممنهج على غزة..
لقد أثبتت الوقائع والمعطيات على مدار سنتين من العدوان أنّ قرار استمرار آلة التدمير الصهيونية ووقفها لم يكن يومًا قرارًا “إسرائيليًّا” مستقلًّا، بل كان وما زال قرارًا أمريكيًّا بامتيَاز، تُمليه واشنطن على “تل أبيب” متى شاءت، وتمنحه الضوء الأخضر للمضيّ في توحّشها متى اقتضت أجندتها ذلك.
لقد أفضت جرائم الإبادة الجماعية والتجويع التي ارتكبها الكيان الصهيوني في قطاع غزة، باستخدام أفتك الأسلحة الفتاكة والمحرمة دوليًّا، إلى عزلة غير مسبوقة لهذا الكيان أمام شعوب العالم..
ولم تعد شعوب الأرض تنظر إلى هذا الكيان إلا بوصفه “احتلالًا إجراميًّا صهيونيًّا متوحشًا” يمارس أبشع الجرائم التي لا تمتّ للإنسانية بصلة، وتنتهك كُـلّ الشرائع والمواثيق الدولية.
لقد سقط القناع تمامًا، وبانت سوأة هذا الاحتلال للعالم أجمع، وأصبح مسارًا طبيعيًّا أن تتصاعد حركات الاحتجاج والرفض والمقاطعة في كُـلّ زاوية من زوايا المعمورة.
وفي هذا السياق، لا يمكن فصل “قمة السلام” التي دعا إليها ترامب عن إطار “الإسناد الأمريكي للكيان الصهيوني” فالولايات المتحدة لم تكتفِ بتزويد الكيان بأحدث أنواع الأسلحة المدمّـرة، والتي تُستخدم لارتكاب جرائم الحرب، بل تجاوزت ذلك إلى حَــدّ الانخراط في حرب مباشرة مع حلفاء المقاومة في المنطقة، كان أبرزها الأعمال العدوانية ضد اليمن وضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، في محاولة يائسة لفكّ الخناق عن الكيان المتوحّش وتوسيع دائرة الصراع لصرف الأنظار عن جوهر الجريمة في غزة.
إنّ الواجب الأخلاقي والإنساني والوطني يحتم على كُـلّ الشعوب التي أعلن رؤساء دولها عن عزمهم الحضور والمشاركة في هذه “القمة الأمريكية-الصهيونية” الزائفة، أن تخرج إلى الشوارع والميادين، وأن تُعلي صوتها بالاحتجاج والمطالبة الصارمة بـ “منع رؤسائها من حضور هذه القمّة”.
إنّ المشاركة في مثل هذه التجمّعات لا تعدو أن تكون تواطؤًا على جريمة، وتزويرًا للحقائق، ومساهمة مباشرة في مشروع طمس جرائم الإبادة، ومصافحة ملطخة بدماء أطفال ونساء غزة.
وختامًا لهذا التحليل الموجز، ندعو إلى نبذ هذه “القمم والمؤتمرات الزائفة والكاذبة” وقد باتت شعوب العالم على دراية كاملة ووعي راسخ بحقيقة الدور الأمريكي في المنطقة والعالم..
ولم يعد خافيًا على أحد أن “أمريكا هي الشيطان الأكبر وراس كُـلّ الجرائم”؛ من مسرح القتل والإبادة في اليابان، إلى محاولات الهيمنة في كوبا، مُرورًا بِفيتنام، والاحتلال المدمّـر في أفغانستان والعراق، والعدوان المباشر على اليمن، وُصُـولًا إلى الشراكة الكاملة في إبادة وتجويع أهلنا في غزة فكل حرب إبادة جماعية وتجويع تُرتكب بحق أي شعب من شعوب العالم، تظهر فيها الولايات المتحدة الأمريكية بوصفها “المجرم الرئيسي والمدبر الأول لهذه الجريمة”.
فليُرفع النقاب عن كُـلّ محاولة تجميل قبيحة، ولتُعلن الحقيقة مدوّيةً لا سلامَ تحت وابل القنابل الأمريكية وبصمات الإبادة الصهيونية.