لماذا سيدخل الصّاروخ اليمني الفَرط صوتي الذي “فضّ عُذريّة” مطار تل أبيب التّاريخ العربيّ من أوسعِ أبوابه؟ وما هي السّوابق السّبع التي أكّدها؟ وكيف سيكون ردّ نتنياهو على هذه الصّفعة القاتلة والمُهينة؟

أنْ يصل صاروخ فرط صوت يمني إلى قلبِ مطار اللّد (بن غوريون) وينفجر قُرب صالةٍ للمُسافرين، ويُوقِع عشَرات الضّحايا وسط تكتّمٍ إسرائيليٍّ مُتعمّد، ويُرسل الملايين مِن المُستوطنين في حالةٍ من الرّعب والهلع إلى الملاجئ، وتُعلن عشر شركات طيران عالميّة وقف رحَلاتها كُلِّيًّا وفورًا إلى تل أبيب، فهذه نقطة تحوّل مُشرقة في تاريخ الصّراع العربي الإسرائيلي، وإعجازٌ عسكريٌّ للوحَدات الصّاروخيّة في الجيش اليمني، مُضافًا إلى إنجازاته الأُخرى في إعطاب حاملات الطّائرات الأمريكيّة ومُدمّراتها، وإغلاق البحر الأحمر وباب المندب في وجهِ المِلاحة الاستعماريّة، وربّما قريبًا جدًّا مضيق هرمز وجبل طارق.

هذا الصّاروخ الفرط صوتي “المُبارك” قد يُغيّر كُل مُعادلات الصّراع في مِنطقة الشّرق الأوسط، وينسف أُسطورة الغطرسة والتفوّق الإسرائيلي، ويجعل الشّهداء من فِلسطين المُحتلّة يفركون أيديهم فرحًا في جنّات الخُلد بإذنِ الله، وهذه أسبابنا:

  • أوّلًا: إنّ هذا الصّاروخ الذي يحمل اسم “فلسطين 2″، جاءَ انتِصارًا للمظلوميّة الفِلسطينيّة، ورفضًا للإبادة في قطاع غزة حسب ما جاء في بيان العميد يحي سريع النّاطق باسم الجيش اليمني الصّادر اليوم، هذا الصّاروخ يُؤكّد أنّه لا تُوجد مِنطقة في دولة الاحتلال آمنة أو بعيدة عن القصف الصّاروخي والمُسيّراتي بعد اليوم.

  • ثانيًا: فشلت جميع منظومات الدّفاع الجوّي الإسرائيلي المُتطوّرة جدًّا وتضم صواريخ حيتس، وثاد الأمريكيّة، والباتريوت، والقبب الحديديّة، في اعتراض هذا الصّاروخ وإسقاطه، ممّا يعني عمليًّا أنه مُتطوّرٌ جدًّا، ويستعصي على الاعتراض، وتقف خلف تصنيعه والإشراف على إطلاقه عُقولٌ يمنيّةٌ عربيّةٌ إسلاميّةٌ جبّارة وموضع افتخار.

  • ثالثًا: هذا الصّاروخ ليس مُستوردًا من دولٍ عُظمى مِثل مُعظم الأسلحة العربيّة التي كلّفت مِئات المِليارات، وإنّما مُصَنّع، ومُجهّز، ومُبرمج، بعُقولٍ يمنيّة، وقد اعترف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بهذه الحقيقة علنًا، وهذا الاعتراف مُوثّقٌ بالصّوت والصّورة.

  • رابعًا: انطلاق هذا الصّاروخ يحتلّ مرتبة السّبعين في تعداد الصّواريخ اليمنيّة الباليستيّة التي وصلت إلى العُمُق الفِلسطيني المُحتل في يافا وصفد وأسدود وعسقلان وإيلات، الامر الذي يُؤكّد أنّ الشّعب اليمني وقوّاته المُسلّحة، وقيادته المُؤمنة، ما زالوا على العهد، ولن يتخلّوا مُطلقًا عن الشّعب الفِلسطيني، ولن يقفوا مكتوفي الأيدي، وفي موقفِ المُتفرّج بينما الإبادة مُستمرّة في قطاع غزة، مِثل جميع الحُكومات والجُيوش العربيّة، نقولها وفي الحلقِ علقم.

  • خامسًا: إنجاز هذا الصّاروخ للمَهمّة، وقطعه مسافة 2200 كيلومتر في أقل من 14 دقيقة وإصابة أهدافه “سيُدرّس” في جميع الأكاديميّات العسكريّة في العالم شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا، مثلما سيكون بداية مرحلة جديدة حافلة بالمُفاجآت العسكريّة المُماثلة التي ستخرج من جبال اليمن الشّاهقة.

  • سادسًا: صحيح أنّ وصول هذا الصّاروخ إلى هدفه الاستراتيجي في قلب مدينة يافا المُحتلّة، أوقع قتلى وجرحى، وأشعل حرائق ضخمة أكّدتها سُحُب الدّخان في أجواء المطار المُستهدف، وهذا انتصارٌ عسكريٌّ غير مسبوق، ولكنّ الصّحيح أيضًا، أنه هزيمة معنويّة ونفسيّة جدًّا أصابت العدو الإسرائيلي، وجيشه، ومُستوطنيه، ممّا يبعث الأمل في الوقتِ نفسه في نُفوس مِئات الملايين من المُحبَطين العرب والمُسلمين، وخاصّة الصّامدين المُقاتلين، المُتصدّيين لحرب الإبادة في الضفّة والقطاع وجنوب لبنان.

  • سابعًا: قوّات اليمن العظيم المُسلّحة تُطلق هذا الصّاروخ، وتدعمه “بمُسيّرة يافا” التي قصفت اليوم أيضًا أهدافًا عسكريّة في عسقلان جنوب فِلسطين المُحتلّة، تُؤكّد فشل العُدوان الأمريكي وغاراته التي بلغت أكثر من 1300 غارة حتّى الآن، واستهدفت صنعاء، وصعدة، والحديدة، ومدنا يمنيّة أُخرى، في ترهيبِ الجيش اليمني وقيادته وحاضنته الشعبيّة الصّامدة الدّاعمة.

***

هذا اليوم الأحد يومٌ تاريخيّ، ومحطّةٌ مُشرّفة في ثقافة المُقاومة العربيّة والإسلاميّة، في مُواجهة محور الشّر الإسرائيلي- الأمريكي، والفَضْلُ في ذلك يعود للدّهاء اليمني، ودماء الشّهداء التي عمّدت عظمته، وأعادت إلى أُمّتنا الأمل.

اليمن العظيم أصبح دولة مُواجهة باختصاره المسافات، وفرض مُجاورته لحُدود فِلسطين المُحتلّة بالصّواريخ الباليستيّة، والفرط صوتيّة، والإرادة القتاليّة والأخلاقيّة الجبّارة، وأصبح ببُطولاته هذه، يفضح ما يُسمّى بدُولِ الطّوق، أو المُواجهة والمُساندة العربيّة، التي تتواطأ مع الاحتلال وحرب الإبادة، وتفتح حُدودها على مِصراعيها لدعمه بكُل احتياجاته من الطّعام والغذاء، بل والإمدادات العسكريّة، ولم تجرؤ على طردِ حارسٍ واحد في السّفارات الإسرائيليّة التي ترفع أعلامها في قلبِ عواصمها، ولم تستطع إرسال رغيف خُبز واحد إلى الأطفال الذين يستشهدون جُوعًا في قطاع غزة.

شُكرًا لليمن العظيم، وجيشه وقيادته وشعبه البطل، ونُبشّر نتنياهو مُقدّمًا بأنّ تهديداته بشنّ ضربات انتقاميّة مُتواصلة على اليمن، سترتدّ عليه هزائم مُتلاحقة، وستجعل مُستوطنيه لا يلجأون إلى الملاجئ فقط، بل سيركبون البحر بحثًا عن أُخرى آمنة خارج فِلسطين المُحتلّة، تمامًا مثلما حصل لحُلفائه الأمريكيين وعُملائهم في أفغانستان، وقبلها العِراق، وفيتنام، فنتنياهو و”عمّه” ترامب، لا يعرفان اليمن وإرثه التاريخيّ الحافل بهزائمِ الغُزاة المُعتَدين.. والأيّام بيننا.

عبدالباري عطوان

قد يعجبك ايضا