محللون وخبراء عن الصاروخ الذي استهدف مطار اللد : تطوّر استثنائي والرسائل عسكرية وسياسية خطيرة والأبعاد استراتيجية وعميقة
شكلت الضربة الصاروخية التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية الأحد،الــ4 من مايو 2025م والتي استهدفت مطار “بن غوريون” في مدينة اللد المحتلة، صفعة قوية للقدرات العسكرية والأمنية للاحتلال والولايات المتحدة، كما رأى محللون ومختصون بالشؤون “الإسرائيلية” والعسكرية.
اختراق منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي، التي تعد الأقوى في العالم”
أكد الصحفي المختص بالشؤون العسكرية والأمنية، محمد السكني، أنّ القوات المسلحة اليمنية، بنجاحها بقصف مطار “بن غوريون”، “تمكنت من اختراق منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي، التي تعد الأقوى في العالم”.
وقال السكني لـ”قدس برس”، إن “المنظومة تتكون من 4 طبقات وهي: (حيتس) و(مقلاع داوود) والقبة الحديدية، ومنظومة (ثاد) الأميركية الحديثة”.
وأضاف أن “ضربة اليمن جاءت لتكشف فشل العمليات العسكرية الأميركية والبريطانية على اليمن، التي كانت تهدف إلى منع عمليات أنصار الله ضد الاحتلال وإعادة حركة الملاحة إلى البحر الأحمر وفك الحصار البحري عن (إسرائيل)”.
وأشار السكني إلى أنّ “القوات المسلحة اليمنية طوّرت قدراتها الصاروخية محلية الصنع، خلال الأيام الماضية، كي تستطيع التفوق على منظومة الدفاع الجوية الإسرائيلية والأميركية متعددة الطبقات، وهذا ما حصل فعلا مرات عدة، منها ما حدث في بداية أيار/مايو الجاري، حينما نجح صاروخ يمني بالوصول لهدف للاحتلال في حيفا، شمال فلسطين”.
وعدّ السكني، استمرار القوات المسلحة اليمنية بإطلاق الصواريخ تجاه فلسطين المحتلة خلال الأيام الماضية، على الرغم من اعتراض العديد منها، بمثابة “عملية اختبار لمنظومات الدفاع الجوي الاسرائيلي والأميركي، خاصة منظومة (ثاد) الحديثة”.
وقال: “تحاول اليمن اختيار مسارات جديدة للصواريخ بعيدة عن المنظومة الدفاعية الجوية العربية والأميركية والإسرائيلية، وتسعى لاكتشاف نقاط الضعف في منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي داخل الكيان الصهيوني”.
شرخ جديد في الجسد الاستخباراتي للاحتلال
أما الباحث المختص بالشؤون الأمنية والعسكرية، رامي أبو زبيدة، فقال إنّ “عامل التوقيت كان مهمًا في الضربة اليمنية اليوم، إذ جاءت الضربة في وقت شهد تراخيا من المستويات الأمنية والعسكرية للاحتلال، والتي ظنت أنّ موجات القصف الأمريكي على اليمن قد نجحت في تحييد القدرات الصاروخية لأنصار الله، لتأتي ضربة اليوم وتكشف عن ثغرات مهمة في منظومة الدفاع الإسرائيلية والجبهة الداخلية للاحتلال، ما استدعى فتح تحقيق مشترك بين الأمريكيين والإسرائيليين حول ما حدث اليوم”.
وعن طبيعة الهدف الذي طالته الضربة الصاروخية، قال أبو زبيدة لـ”قدس برس”، إن “مطار بن غوريون ليس مجرد مطار مدني، وهو يملك رمزية كبيرة، فهو بوابة الكيان الصهيوني للعالم، وهو مفخرة بنيتها التحتية الجوية، وتتواجد قاعدة عسكرية أمنية في جزء منه، وتتواجد بالقرب منه مواقع حساسة للاحتلال كمقر الاستخبارات الجوية في جيش الاحتلال، وعدد من مقار شركات التقنيات الأمنية الإسرائيلية”.
وتوقع أبو زبيدة سيناريوهات عدة للرد “الإسرائيلي” على الضربة الصاروخية اليمنية اليوم، مبيّنا أن أحد تلك السيناريوهات “تتلخص برد إسرائيلي مباشر على اليمن، ولكن هذا الرد وبناء على حجمه قد يحمل خطر توسع المواجهة إلى جبهات أخرى”.
وتابع: “أمّا السيناريو الثاني فيتلخص بتوجيه الاحتلال ضربات استخباراتية دقيقة لأنصار الله عبر الموساد، أو من خلال طائرات مسيرة تستهدف منصات إطلاق الصواريخ، أو عمليات استهداف شخصيات قيادية لأنصار الله، ولكن سيكون هاجس الخوف من الفشل حاضرًا في ظل ما كشفته الضربة من ضعف في منظومة الاحتلال الأمنية والعسكرية”.
الصاروخ الذي استهدف مطار “بن غوريون” تطوّر استثنائي يكشف هشاشة الدفاعات الإسرائيلية
وصف الخبير والمحلل العسكري أحمد عبد الرحمن سقوط صاروخ اطلقته القوات اليمنية المسلحة على مطار “بن غوريون” صباح اليوم بأنه “حدث استثنائي” على مستوى التوقيت والمكان والتأثير، مؤكدًا أن العملية تمثل رسالة استراتيجية عميقة تتجاوز حدود الضربة ذاتها.
وأوضح عبد الرحمن في تصريح صحفي خاص لوكالة “شهاب” اليوم الاحد أن الصاروخ يحمل رأسًا متفجرًا ضخمًا يزن ما لا يقل عن نصف طن، استنادًا إلى الحفرة الناتجة عن الانفجار، والتي بلغ قطرها نحو 25 مترًا، مشيرًا إلى أن هذا النوع من الصواريخ يختلف عن سابقاته من حيث الحجم والقدرة التدميرية.
وأضاف أن الصاروخ تمكّن من تجاوز منظومتين من أحدث أنظمة الدفاع الجوي “الإسرائيلية” والأمريكية، في فشل ذريع اعترفت به الجهات “الإسرائيلية” رسميًا، إذ سقط الصاروخ كاملًا بجسده ورأسه المتفجر في قلب المطار، دون أن يتم اعتراضه.
وأشار عبد الرحمن إلى أن هذا الهجوم استهدف مطار “بن غوريون”، وهو الأهم في دولة العدو، ويخدم حوالي أربعة ملايين زائر سنويًا، ويُعد شريانًا رئيسيًا للاقتصاد الإسرائيلي، إذ تمر من خلاله آلاف الصفقات ورجال الأعمال، ويقع في منطقة “تل أبيب الكبرى” – مركز الثقل الاقتصادي والسياسي لدولة الاحتلال.
واعتبر عبد الرحمن أن هذا الصاروخ لا يمثل مجرد ضربة مادية، بل يحمل دلالات معنوية شديدة الأثر، إذ أثبت أن “إسرائيل”، رغم دعمها العسكري الهائل، عاجزة عن حماية أبرز منشآتها الحيوية من صواريخ تنطلق من مسافة تزيد عن ألفي كيلومتر.
كما لفت إلى الأثر الاقتصادي المباشر للضربة، مشيرًا إلى أن عدة شركات طيران كبرى أوقفت رحلاتها إلى مطار “بن غوريون” بعد الهجوم، مما يشكل ضربة إضافية للاقتصاد “الإسرائيلي” و”لهيبته الأمنية التي طالما تباهت بأنها قادرة على الضرب في أي مكان”.
صاروخ اليمن يحمل رسائل عسكرية وسياسية خطيرة
أكد الفريق قاصد محمود، الخبير العسكري الاستراتيجي ونائب رئيس هيئة الأركان الأردنية الأسبق، أن الصاروخ الذي أطلقته جماعة “أنصار الله” صباح اليوم باتجاه مطار “بن غوريون”، يمثل حدثًا استثنائيًا يحمل أبعادًا استراتيجية وعسكرية عميقة، ويعكس تحوّلًا نوعيًا في طبيعة المواجهة الدائرة في المنطقة.
وأوضح الفريق محمود في تصريح صحفي خاص لوكالة “شهاب” أن “هذا الصاروخ يثبت من جديد الحضور الفعّال لليمن في معادلة الصراع، وقدرتها على تنفيذ تهديداتها بدقة عالية، رغم المسافات البعيدة”.
ولفت إلى أن الضربة الأخيرة تؤكد فشل منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية والأمريكية على حد سواء، رغم اعتماد الكيان الصهيوني على خمس طبقات متقدمة من أنظمة الاعتراض.
وأضاف أن وصول الصاروخ إلى أحد أكثر الأهداف حساسية، مطار “بن غوريون”، يحمل دلالة مزدوجة: الأولى عملياتية تؤكد اختراق الدفاعات الجوية، والثانية معنوية تؤثر مباشرة على صورة “إسرائيل” الدولية، وعلى ثقة المستثمرين وشركات الطيران التي بدأت بتعليق رحلاتها إلى المطار.
وأشار إلى أن هذه الهجمات تحمل رسائل مباشرة إلى واشنطن و”تل أبيب” بأن الحل العسكري لم يعد مجديًا، وأن الاستمرار في العدوان على غزة ستكون له تبعات تتجاوز حدود فلسطين. كما نبه إلى أن تكرار مثل هذه الضربات قد يدفع نحو تصعيد إقليمي أكبر، وربما يضع الولايات المتحدة في مواجهة خيارات صعبة، خصوصًا في ظل مفاوضاتها الحالية مع إيران. وختم محمود بأن الضربة تمثل ضغطًا حقيقيًا على صانع القرار الإسرائيلي، وتهدد الأمن الداخلي والاقتصادي لـ”إسرائيل”، كما تشكل رسالة سياسية للمنطقة والعالم بأن موازين الردع قد بدأت بالتغيّر فعليًا.
“تطور نوعي”
الباحث والمحلل السياسي علي أبو رزق، قال إن “الصاروخ اليمني جاء بعد المجازر الأخيرة التي ارتكبتها الطائرات الإسرائيلية والأمريكية بحق عشرات اليمنيين، وكان هناك تصور أمريكي إسرائيلي أن جماعة أنصار الله قد تم ردعها تماما ولن تقدم على تصعيد كبير كما جرى اليوم”.
وأضاف أن “هذا التصعيد من قبل اليمن يضرب السردية السياسية التي سادت في الإقليم منذ عشرات السنين ويتم الترويج لها بقوة هذه الأيام، حتى من قبل مناصرين متوهمين للقضية الفلسطينية، أن المصلحة الوطنية مقدمة على الأخلاقية السياسية، والمصلحة الوطنية مقدمة على المبادئ الدينية والقومية والعروبية، صاروخ اليوم يقول لهؤلاء أن المصلحة الوطنية قصيرة المدى لليمن تكمن في التوقف وليس مواصلة التصعيد”.
وأشار إلى أن “الموقف اليمني يأتي في أحد أكثر الأوقات التي تعاني منها الأمة الإسلامية من ضعف وانحدار وهشاشة أو حتى موات، ليثبت هذا الموقف الأخلاقي أن هذه الأمة قد تمرض وتمرض وتمرض لكنها أبدا لا تموت”.
ولفت إلى أن “التصعيد اليمني يعيد تعريف الصراع كما يجب أن يكون، أنه إسرائيلي أممي وليس إسرائيلي فلسطيني فقط، وأن لا أمن ولا أمان ولا رخاء ولا استقرار في كل المنطقة حتى يتم رفع السلاح في وجه أو حتى اجتثاث هذا السرطان المسمى إسرائيل!”.
إخفاق الحملة الأمريكية الجوية في تحقيق أهدافها المعلنة حتى الآن
كما قال الباحث والمختص في الدراسات الأمنية أحمد مولانا، إن “الرسالة الأبرز من هجمات الحوثيين ضد إسرائيل هي إبراز دعمهم لغزة مما عزز شرعيتهم داخل اليمن وفي العالم العربي والإسلامي، ووضع خصومهم المحليين في موقف حرج، حيث سيُفسر أي تحرك منهم على إنَّه جزء من ترتيب غربي لحفظ أمن إسرائيل”.
وأضاف مولانا، أنه “رغم الخسائر وضراوة الغارات الأمريكية، ما زال الحوثيون يطلقون صواريخ بالستية باتجاه مطار بن غوريون وأماكن حيوية في إسرائيل، مما يشير لإخفاق الحملة الأمريكية الجوية في تحقيق أهدافها المعلنة حتى الآن”.
رغم الخسائر وضراوة الغارات الأمريكية، ما زال الحوثيون يطلقون صواريخ بالستية باتجاه مطار بن غوريون وأماكن حيوية في إسرائيل، مما يشير لإخفاق الحملة الأمريكية الجوية في تحقيق أهدافها المعلنة حتى الآن. https://t.co/0UXnKnx9zU
— أحمد مولانا (@amawlana84) May 4, 2025
على الصعيد التقني والدفاعي، قال الباحث المختص بالشؤون الدفاعية محمد أون المش، إن “الجيش الاسرائيلي أعلن عن انطلاق الصاروخ لحظة خروجه من اليمن، وكان مترقباً له، حاولت المقاتلات اعتراضه، وكذلك منظومات ثاد الأمريكية وحيتس الاسرائيلية، ولكنها لم تفلح في اعتراض الصاروخ”.
وأضاف: “من الجانب اليمني، تطوير صاروخ بهذا الدقة من هذا المدى، ونجاحهم في اطلاقه رغم القصف الأمريكي المستمر بكثافة منذ أكثر من شهر، رسائل الى امريكا واسرائيل، والى دول المنطقة التي تصرف مليارات الدولارات في صفقات الباتريوت والثاد ظناً منها ان هذه المنظومات كافية لحمايتها في حال شن حرب ضد اليمن”.
على الصعيد التقني والدفاعي:
– الجيش الاسرائيلي أعلن عن انطلاق الصاروخ لحظة خروجه من اليمن، وكان مترقباً له، حاولت المقاتلات اعتراضه، وكذلك منظومات ثاد الأمريكية وحيتس الاسرائيلية، ولكنها لم تفلح في اعتراض الصاروخ.
– من الجانب اليمني، تطوير صاروخ بهذا الدقة من هذا المدى، ونجاحهم…
— Muhammed Ünalmış (@Muhammedunalmis) May 4, 2025
خرق الدفاعات وضرب العمق
من جهته، اعتبر خليل نصر الله، المحلل السياسي اللبناني، أن هذه الضربة ليست مجرد هجوم صاروخي بل “زلزال يضرب المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، ونتنياهو أيضاً”. وأضاف: “الصاروخ تخطى الدفاعات، وليست المرة الأولى، وضرب المطار الرئيس، المفترض أنه محصن”.
وأشار إلى دلالات أعمق، قائلا “المهم، في تل أبيب يفكرون، هو صاروخ واحد منفرد وقد وصل، ماذا لو كانت موجة منه؟ التطوير الحاصل للقدرة في اليمن، حتماً ينسحب على قدرات المحور”.
الضربة اليمنية التي أصابت مطار بن غوريون في "تل أبيب"، بمثابة زلزال يضرب المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، ونتنياهو أيضا.
صاروخ تخطى الدفاعات، وليست المرة الأولى، وضرب المطار الرئيس، المفترض انه محصن.
المهم، في تل أبيب يفكرون، هو صاروخ واحد منفرد وقد وصل، ماذا لو كانت موجة منه؟…— Khalil Nasrallah (@khalilnasrallah) May 4, 2025
لحظة تاريخية
أما الباحث حذيفة عزام التميمي، فربط بين نضال اليمن وفلسطين بقوله: “المجد لليمن، صنو فلسطين، وهي تواصل تحديها لأعتى قوى الظلم وتأبى الخنوع أو الانكسار رغم ما تتعرض له من عدوان”. وأضاف: “تصعّد من هجماتها على قلب الكيان الصهيوني المسخ، متجاوزةً المنظومات الأكثر تطوراً في العالم لتصيب أهدافها بدقة”. بدوره، وصف الناشط محمد النجار ما جرى بأنه تحول استراتيجي في طبيعة الصراع:”هذه أول مرة في تاريخ الصراع، يسقط فيها صاروخ باليستي في مطار بن غوريون وسط فلسطين المحتلة”، مؤكدا أن هذا المشهد يعكس تبدلًا واضحًا في موازين الردع.
المجد لليمن صنو فلسطين وهي تواصل تحديها لأعتى قوى الظلم وتأبى الخنوع أو الانكسار رغم ما تتعرض له من عدوانٍ، وتصعّد من هجماتها على قلب الكيان الصهيوني المسخ متجاوزةً المنظومات الأكثر تطوراً في العالم لتصيب أهدافها بدقة، ألا سدد الله رميكم، وبارك جهادكم، وتقبل الله تضحياتكم، أنتم…
— د.حذيفة عبدالله عزام (@huthaifaabdulah) May 4, 2025